قدرة نتنياهو المذهلة على العمل خلافاً للمنطق

20150911211750
حجم الخط

يصل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للقاء الرئيس الأميركي براك اوباما في البيت الابيض مع تميّز نفسي واضح.
في الاشهر الاخيرة سجل نتنياهو مجموعة من التصرفات غير المتوقعة التي نجحت في مفاجأة ليس أكبر معارضيه فقط بل ايضا مؤيديه. قدرته على العمل ضد ما هو منطقي، ومصلحة شخصية تضمن أن كل من في واشنطن، بما في ذلك اوباما، سيتعامل معه بحذر كي لا يجن جنونه.
التصرف غير المواظب وغير المنطقي هو من الأعراض المعروفة لظواهر نفسية كثيرة، وهو ايضا ضمن نظرية الالعاب السياسية كوسيلة فعالة في العلاقات الدولية ونظرية السلطة.
يعتقد باحثو التطور البيولوجي أن الحيوانات التي تبنت السلوك غير المتوقع نجحت في الهرب من الحيوانات التي أرادت افتراسها واستطاعت البقاء للاجيال القادمة.
بالنسبة لسياسي مثل نتنياهو، الذي يعتبر نفسه مطاردا ومعزولا، وتبين أنه الاكثر بقاءً في السياسة الاسرائيلية، فان هذا ألف باء المهنة.
لهذا السبب فان جميع التوقعات والارشادات والتقديرات والتحليلات حول لقاء نتنياهو مع اوباما يتم التحفظ عليها بأقوال مثل «المقصود هو»، «الأمل هو» أو «التقديرات هي». يقول المنطق إنه يوجد لهذين الشخصين شيء مشترك لعمل «v» (علامة النصر)  بعد هذا اللقاء المزعج بينهما وتجاوز الموضوع دون التسبب بالاحراج.
اوباما انتصر في صراعه حول الاتفاق مع ايران ويئس من تقدم العملية السلمية، وهو يريد الهدوء في الكونغرس والوسط اليهودي في عامه الأخير في البيت الابيض والجهد الديمقراطي لاعادة احتلاله؛ نتنياهو يبحث عن رزمة مساعدات مُحسنة ويحتاج الى مساعدة الادارة في الساحة الدولية العكرة، ويفترض أن يكون سعيدا بالتجميد الذي بادر اليه والكف عن مهاجمة سياسة الرئيس.
لكن هذا المنطق لا يتعلق دائما بسلوك نتنياهو، وقد زادت هذه الظاهرة خطورة في الآونة الاخيرة: لنفترض أن خطابه في الكونغرس ضد اتفاق ايران النووي، رغم أنف اوباما، كان يمكن هضمه بشكل من الاشكال – رغم أن مؤيديه يعترفون في الوقت الحالي أن هذه الخطوة سممت العلاقات بينه وبين عدد كبير من اعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس وأفشلت كما يبدو جهوده للحصول على الاغلبية ضد الاتفاق؛ ظهور نتنياهو في يوم الانتخابات حينما قال «العرب يأتون بالحافلات» أثار حالة من الصدمة التي لم تزل حتى الآن. واذا كان بالامكان تبرير ذلك بانتصار نتنياهو الساحق في الانتخابات، فإن اقواله عن هتلر الساذج الذي وقع في فخ المفتي الشيطان كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، هذه الاقوال لا يمكن تبريرها وهي دليل قاطع على أن نتنياهو لم يعد يعمل حسب المعايير السياسية المقبولة.
ذلك بوقت قصير اختار نتنياهو أن يعين في منصب رئيس جهاز الدعاية شخصا قال عن اوباما إنه لاسامي في الوقت الذي أعلن فيه عن نيته فتح صفحة جديدة مع الرئيس والحصول على مساعدة أمنية غير مسبوقة.
صحيح أن هذه القضية ذكرت بالمثل المعروف حول العقرب الذي يلدغ الضفدع الذي على ظهره وهو يقطع النهر بذريعة يمكن قبولها وهي «هذه هي طبيعتي».
أما خطوات نتنياهو فلم يجد الأميركيون تفسيرا لها بعد، واذا وجدوا فهم لا يتحدثون عنها بصوت مرتفع.
حسب منطقهم، يعتقد المراقبون أن نتنياهو سيتصرف بشكل لائق وسيحصل على أكبر قدر من الفائدة من اوباما، وسيعود الى البيت بسلام. منظمو المؤتمر الاقتصادي، الذي يفترض أن يلقي خطابا أمامه، يأملون في أن يكون اللقاء مع الرئيس هادئا ومثمرا حتى يتمكن آلاف اليهود من التصفيق بشكل متواصل لرئيس حكومة اسرائيل، كما كان في الايام الخوالي. لكن الكثيرين منهم كانوا سيستيقظون بشكل أفضل لو كانوا عرفوا وتأكدوا أن نتنياهو لم يحضر قبعة من البلاد، ليخرج منها أرنبا آخر، مفاجئا وقاتلا.
عن هارنس