شرطية قبول استقالة الموظف "تزوير انتخابي مبكر"!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

عندما أصدر الرئيس محمود عباس مراسيمه الخاصة في شهر يناير 2021، حول تعديل قانون الانتخابات لعام 2007، كان الافتراض أن تكون ما تضمنته من "نصوص" مست جوهر العملية الديمقراطية، أحد مظاهر المعركة السياسية بين مكونات المجتمع والسلطة، كي تعود عما بها من مواد لا تليق بالشعب الفلسطيني، ومسيرته المميزة.

وبعد أن تحركت بعض القوى والمنظمات المجتمعية، كان التقدير أن يتم رفض كل ما يمثل تجاوزا على جوهر العملية الديمقراطية خلال (حوار القاهرة 1) في فبراير 2021، ولكن يبدو أن "سيطرة المحاصصة الثقافية" تغلبت على فتح جبهة رفض جادة، خاصة بعد انحياز حركة حماس للتعديل "الرجعي"، كونه يخدم مصالحها، كما مصالح عباس في محاصرة كل مراكز التهديد لهم انتخابيا.

ومن بين تلك التعديلات "القراقوشية" التي أثارت الجدل، النص الذي يجبر الموظفين على تقديم الاستقالة وشرط قبولها كي يحق له الترشح للانتخابات، نص لا يوجد له مثيل في أي من قوانين أخرى، تم في جولة (حوار القاهرة 2) استثناء الأسرى المحررين من ذلك الشرط، كرشوة للبعض كي يخرج ويقول إنهم تمكنوا من تحقيق "نصر ما".

بقاء المادة المذكورة يجسد أعلى درجات "التواطؤ الحزبي" على جوهر الحرية السياسية، والبعد الديمقراطي في العملية الانتخابية ليس بما انه يحرم الموظفين من ممارسة حقوقهم فقط، بل يمثل منح أجهزة الأمن بكل أفرعها "سلطة مطلقة" لتحديد هوية المرشحين مسبقا، وتدخل سافر وغير مسبوق في عملية "تصويت مبكر" لصالح سلطتي الأمر الواقع في بقايا الضفة وبعض القدس وقطاع غزة.

ووفقا للتعديل، يحق لأجهزة السلطة قبول ترشيح موظف ورفض مرشح آخر، وفقا للهوى السياسي والانتماء العام، ولو اقتصر الأمر على جزء من مصادرة الحق القانوني لكانت موضع نقاش ما بأنها تبحث عن "تضييق فوضى الترشح"، لكن ربطها بقبول الاستقالة شرطا تكشف أن جوهر التعديل له بعد "انتقامي مسبق".

التطاول على جوهر القانون الأساسي ومصادرة البعد الديمقراطي بنصوصه، من خلال تعديل بمقاس سلطتي الأمر الواقع، محاولة تكشف أن "الهلع" ساكن داخل حركتي الأزمة (فتح م 7 وحركة حماس) من نتائج العملية الانتخابية في حال أكملت طريقها، باللجوء على تقنين القانون كي يكون بابا تعويضيا عن الخسائر الكبرى التي اصابت حضورهما الشعبي، ولذا جاء التعديل كأحد عناصر ذلك الحصار، مع تعديلات أخرى، وأضيف لها ما سمي بوثيقة المحكومية والإشراف الأمني التي تفتح الباب واسعا لإنشاء "محاكم تفتيش" خاصة.

ربما، رأت أطراف الحوار خارج فتح (م7) وحركة حماس، أن الجمهور العام من الموظفين ليسوا من قواعدهم الانتخابية، ولذا لم يكن ذلك جزء من الاهتمام الذي كان يجب أن يصبح معركة قانونية، ما أدى الى تمريره وفقا لرغبة الفصيلين المستفيدين منه، دون التفكير أن المس بجوهر القانون الأساسي ومصادرة حق من حقوق المواطن، ليس حدثا خاصا بهذا الفصيل أو ذاك، بل هو أحد أسس تشكيل "النظام السياسي"، والصمت عليه أو التباهي معه، هو جزء من "عملية إرهابية" قانونية.

لا يمكن أن يكون هناك مصداقية أبدا لأي مدع أن "الحريات والممارسة الديمقراطية" مكفولة مع وجود هذه النصوص، ولذا كل ما جاء في "ميثاق الشرف" الذي تم توقيعه في القاهرة 16 مارس (آذار) 2021، وما جاء من نصوص ورقتهم، تتناقض كليا مع نص شرطية قبول استقالة الموظفين بكافة تعريفاتهم عدا "الأسرى المحررين".

"ميثاق الشرف" الذي وقعه 13 فصيل، يمكن اعتباره "فاقد الشرف السياسي"، بعد أن حافظ على أخطر مادة تصادر البعد الديمقراطي، وتتطاول على حق المواطن الموظف في ممارسة ما كفله القانون الأساسي (الدستور)، وصادره الرئيس عباس بموافقة فصائلية.

ولذا من السهل جدا، اعتبار نتائج الانتخابات (لو أكملت مسارها رغم أن كل شيء يسير الى عدم ذلك) مزورة قبل أن تبدأ، عبر "صناديق انتخابات أمنية".

ملاحظة: خرج البعض الفصائلي ليتحدث عن "انتصار وهمي" حول وثيقة المحكومية، وإلغاء محاكم التفتيش..ادعاء لا يسنده أي نص سوى مواصلة التضليل الذي بات سمة للبعض منهم..الناس تميز بين الحقيقة والمدعي بالحقيقية!

تنويه خاص: صفعة الإمارات لرئيس حكومة الكيان نتنياهو جاءت في وقتها صراحة...المدع حاول أن يستغلها لخدمة أهدافه بلا خجل، ولم يقرأ جيدا درس منع تحليقه فوق الأردن...طلع زي بعض جماعتنا "غبي منه فيه!