نسبة التصويت العالية ترعب الأحزاب الصغيرة وتنعش أمل نتنياهو

حجم الخط

بقلم: يونتان ليس


اللاعب الأهم في الحملة الانتخابية القادمة هو المجهول كلياً، أي نسبة التصويت. فهي الذي ستحدد إذا كان رئيس الحكومة نتنياهو سينجح في تشكيل ائتلاف آخر. وهي أيضاً التي يمكن أن تحسم هل حزب «أمل جديد» برئاسة جدعون ساعر، وحزب «يمينا» برئاسة نفتالي بينيت وحزب «يوجد مستقبل» برئاسة يئير لبيد، ستتمكن من إحداث ثورة، حتى لو تعرض «ميرتس» أو «أزرق أبيض» أو الصهيونية الدينية لضربة قاضية ولم تدخل الكنيست. بقيت ستة أيام على الانتخابات وأحزاب اليمين واليسار تبذل الجهود الكبيرة من أجل رفع نسبة التصويت لها وضمان أن مصوتيها سيذهبون إلى صناديق الاقتراع في لحظة الحقيقة.
في الاستطلاعات في هذه الأثناء الوضع جيد. «نسبة الأشخاص الذين يقولون إنهم لن يصوتوا منخفضة»، قالت البروفيسورة تمار هيرمان، من مركز فيتربي لأبحاث الرأي العام والسياسة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية. وحسب قولها، فإن «معظمهم يقولون إنهم سيصوتون. وليس من المؤكد أن يفعلوا ذلك، لكن لا يوجد لدينا أي مؤشر إلى اللامبالاة وإدارة الظهر». وأضافت: إن هناك من يتوقعون أن يكون عدد المصوتين أعلى مما كان في الانتخابات الأخيرة بسبب رحلات الطيران إلى الخارج في فترة وباء «كورونا».
المدير العام لجمعية ديرخينو (طريقنا)، يايا بينك، عرض صورة مختلفة للوضع. «هناك يأس بصورة نسبية من النظام السياسي والسياسيين. هذا يترجم إلى انخفاض في نسبة التصويت. نرى أعداداً أكثر من الأشخاص الذين يفكرون بعدم التصويت وأشخاص لم يقرروا بعد». في الفحص الذي أجرته الجمعية تبين أنه في الدول التي أجرت انتخابات في ذروة الوباء ولم يكن بالإمكان إجراء تصويت عن بعد فيها، حدث انخفاض 8 – 15 في المئة في نسبة التصويت.
في محاولة لرفع نسبة التصويت أطلقت هذه الجمعية، هذا الأسبوع، تطبيقاً جديداً باسم «الديمقراطي»، سيمكن كل من يقوم بتنزيله، دون صلة بموقفه السياسي، من إرسال بيان حث للأشخاص الذين له اتصال معهم في يوم الانتخابات، بل تشجيعهم على التطوع في الصناديق. «نريد أن يتم إرسال ربع مليون بيان في الـ 24 ساعة من يوم الانتخابات. شعار الحملة سيكون «75 في المئة نسبة تصويت وإسرائيل ستبقى ديمقراطية»، قال.
جميع الأحزاب لن تكون مسرورة إذا كانت نسبة التصويت مرتفعة. أعداد كبيرة من المصوتين يمكن أن تحطم الأحزاب الصغيرة التي تتأرجح حول نسبة الحسم. «كلما كانت نسبة التصويت مرتفعة، فإن الأحزاب الصغيرة ستضطر إلى تجنيد مؤيدين أكثر من أجل اجتياز نسبة الحسم»، قالت البروفيسورة هيرمان.
يتشاجرون على العرب
منذ الحملة الانتخابية الأخيرة أضيف إلى سجل الناخبين 102 ألف مصوت محتمل. 17 في المئة منهم سيأتون من القرى العربية، 11 في المئة يعتبرون مصوتين أصوليين. بالإجمال عدد أصحاب حق الاقتراع قدر بنحو 6 ملايين شخص. في الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة زاد عدد المصوتين باستمرار، من 68.5 في المئة في نيسان 2019 إلى 71.5 في المئة في جولة الانتخابات الأخيرة.
هل سيتدفق المصوتون حقاً في هذه المرة أيضاً نحو صناديق الاقتراع؟ من الصعب معرفة ذلك. جولة الانتخابات الرابعة وجدت صعوبة في زيادة حماس المصوتين. الكثيرون من مؤيدي الوسط – اليسار أبلغوا عن اليأس وفقدان الثقة بعد انضمام بيني غانتس ورئيس حزب العمل السابق، عمير بيرتس، إلى حكومة نتنياهو وخرقا وعودهما للناخب. في هذه المرة أيضاً لا يوجد صراع متكافئ على رئاسة الحكومة، وهي عملية حركت عدداً غير قليل من المصوتين في الجولات الانتخابية السابقة. الخوف من «كورونا» يمكنه بحد ذاته أن يبعد عشرات آلاف المصوتين الآخرين عن صناديق الاقتراع في يوم الثلاثاء، من بينهم المرضى والمحجورين ومواطنون من المجموعات الأكثر عرضة للخطر، الذين سيفضلون الامتناع عن الاكتظاظ عند صناديق الاقتراع.
خلافاً للجمهور اليهودي الذي أعلن في الاستطلاعات عن نسبة تصويت مرتفعة، فإنه في أوساط المصوتين العرب يمكن أن يسجل في هذه المرة انخفاض كبير في الذهاب إلى صناديق الاقتراع. في شباط الماضي نشر في «هآرتس» تقدير بلوره عدد من الخبراء، جاء فيه أن نسبة التصويت في المجتمع العربي ستكون في هذه المرة أقل من 60 في المئة (الاستطلاعات تتنبأ بـ 52 – 56 في المئة). وفي انتخابات الكنيست الـ 23 صوت تقريباً 65 في المئة من العرب، وهي نسبة تشكل ارتفاعاً كبيراً مقارنة بانتخابات الكنيست الـ 22، حيث صوت في حينه 59 في المئة من العرب. قبل ذلك، في نيسان 2019، خفّض الانقسام في القائمة المشتركة نسبة التصويت إلى حضيض 49 في المئة.
عدد المصوتين في القرى العربية مسألة حاسمة في هذه الانتخابات. عدد غير قليل من الأحزاب تعتبر الجمهور العربي الآن شبكة نجاة: «الليكود» الذي يحاول تجنيد 2 – 3 مقاعد من العرب يحاول زيادة الفجوة مقابل خصومه. «ميرتس»، الذي دون دعم العرب له سيجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم، وبالطبع «راعم» والقائمة المشتركة اللذان يجدان صعوبة في هذه الأثناء في الوصول إلى إنجاز الـ 15 مقعداً التي فازا فيها في الانتخابات الأخيرة.
«نلاحظ نية الامتناع عن التصويت فقط في المجتمع العربي»، أكدت البروفيسورة هيرمان. «نرى لدى العرب مستوى عالياً من الحرج. يوجد هناك عدم رضا من الوضع، وهم يقولون بشكل علني وبأرقام أكبر: إنهم يفكرون بعدم التصويت. فهم يوجدون في وضع غريب؛ من جهة يوجد تفكك القائمة المشتركة التي علقوا عليها الكثير من الآمال، ومن جهة أخرى يوجد أيضاً غضب كبير على القائمة المشتركة في دوائر معينة. من جهة ثالثة، منصور عباس، رئيس «راعم»، قرر الانحراف لصالح تسوية مدنية مع رئيس حكومة يميني واضح. منصور عباس يراكم بالتدريج تأييداً في الاستطلاعات، وفي هذه الأثناء يمكنه اجتياز نسبة الحسم.
«ميرتس» حالة فحص مثيرة. ففي الأسابيع الأخيرة لم يتجاوز حزب اليسار الصغير (ميرتس) نسبة الحسم في عدد من الاستطلاعات. بدأ الحزب بحملة نهوض، ودعا مؤيديه القدامى، الذين يفضلون تصويتاً إستراتيجياً، إلى العودة إلى البيت. في الحزب خافوا من أن زيادة عدد الاستطلاعات التي لا يتجاوز فيها الحزب نسبة الحسم ستبعث على اليأس في أوساط المؤيدين الحاليين وتجعلهم يبحثون عن بدائل أكثر أماناً. مصدر كبير في «ميرتس» قال، هذا الأسبوع: إن الوزن الذي تعطيه وسائل الإعلام للاستطلاعات يشكل الواقع بدلاً من أن يعكسه، الأمر الذي من شأنه أن يبعد المصوتين عن صناديق الاقتراع في وقت الحقيقة.
«نشأ وضع، الحسم فيه حول مسألة هل سيجتاز الحزب نسبة الحسم، يوجد في أيدي 2 – 3 مستطلعين»، قال المصدر الكبير في «ميرتس». «وهذا يخلق انحرافات شديدة لا تعكس الواقع، الخطأ في العينة في هذه الاستطلاعات هو 4.2 في المئة، وهو يساوي خمسة مقاعد. نسبة الحسم أقل من الخطأ في العينة». ينوي «ميرتس» أن يعتمد في الانتخابات القادمة على المصوتين العرب. وفي الحزب يأملون بأن يجندوا منهم نصف مقعد – مقعد. احتمالية أن ينجح من يجرون الاستطلاعات في تشخيص وعكس دعم كهذا، التي يمكن أن تشكل الفرق بين الدخول إلى الكنيست وبين الانهيار، هي احتمالية ضعيفة».

مشاعر مناوئة للأصوليين
كشفت أبحاث معمقة في أحزاب الوسط – اليسار أنه في أوساط كثيرة من المصوتين تظهر مشاعر قوية مناوئة للأصوليين، وهي وليدة الخروقات الجماعية للتعليمات في فترة إغلاقات «كورونا». رئيس «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، سارع إلى استغلال ذلك، وهو يدير حملة تهاجم الأحزاب الأصولية وتأثيرها في الحكومة. أيضاً في «ميرتس» كرسوا لذلك جزءاً من الحملة، ولكنه تبين أن هذا الموضوع يثير بدرجة أقل حماس مصوتي اليسار الواضحين. «هذا أكثر اكتساحاً للوسط العلماني»، شرحت البروفيسورة هيرمان من الجامعة المفتوحة. وحسب قولها «بالذات في اليسار الأكثر راديكالية، يقولون: إنه يجب تفهم الأصوليين». وقالت أيضاً: إنه ليس فقط ليبرمان هو المستفيد من المشاعر المناوئة للأصوليين، بل أيضاً يائير لبيد، رغم أنه يقلل من الحديث في هذا الشأن. «سيستفيد لبيد من ذلك دون قول أي شيء. هذه الورقة توجد في جيبه. هو يلعب بأوراقه بصورة أفضل بكثير عندما لا يقوم باللعب بصورة صارخة. من الأفضل له أن يظهر في أوساط الجمهور شخصاً ليبرالياً».
في محاولة لصد توجهات «الليكود»، يتوقع أن يؤكد «ميرتس» قريباً على الادعاء بأن نسبة التأييد له ستحسم الانتخابات، رغم أن الأمر يتعلق بحزب يسار صغير. «إذا لم يجتز ميرتس نسبة الحسم فسيكون لنتنياهو أغلبية لتشكيل الحكومة»، قالوا في الحزب. «على الأقل ثلث أصوات ميرتس ستنتقل إلى الليكود إذا لم يدخل الكنيست. لأن صيغة بادر عوفر تعطي أفضلية للأحزاب الكبيرة في اتفاقات الأصوات الزائدة. ثلث آخر من أصوات ميرتس سينتقل إلى أحزاب اليمين – الدينية، وثلث فقط سيبقى في كتلة الوسط – اليسار».

عن «هآرتس»