نعم، هناك ما يمكن أن يكون جديداً هذه المرة، إثر لقاء القمة الأميركي ـ الإسرائيلي قبل يومين في البيت الأبيض بواشنطن، وأهم هذا الجديد أنه يمكن القول إن جهود «المصالحة» بين اوباما ونتنياهو قد تكللت بالنجاح، أو على الأقل هكذا أراد الطرفان أن يوحيا للرأي العام في كل من أميركا وإسرائيل، وعلى الرغم من أن نتنياهو، تمكن من الإيحاء قبل وصوله إلى العاصمة الأميركية في زيارة هي الأولى بعد عام واحد، وأولى بعد الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني، تمكن من الإيحاء بأنه يذهب أكثر قوة، فقد بادرت حكومته بإقرار سلسلة جديدة من الخطط الاستيطانية قبل أيام من لقاء القمة، بينما وبالتوازي، تجاهل ردود الفعل الأميركية على تصريحات مهينة أدلى بها المستشار الإعلامي الجديد لنتنياهو «ران بارانز» عندما أشار هذا الأخير إلى أن الرئيس اوباما معاد للسامية، بينما وصف قدرات وزير الخارجية الأميركية جون كيري، بأنها قدرات طفل في الثانية عشرة من عمره، احتجت واشنطن على هذه الإهانات لكنها ألمحت على لسان وزير الخارجية أن نتنياهو سيقوم بإقالة بارانز بعد عودته من واشنطن، ما فعله نتنياهو أنه رد قائلاً: إنه ليس هناك أية نية لإقالة مستشاره الإعلامي، في إهانة متجددة لوزير الخارجية الأميركية جون كيري.. لذلك، ولأسباب عديدة، فإن شعوراً بالتفوق والتحدي صاحب نتنياهو إلى لقاء القمة مع الرئيس الأميركي.
وفي سياق بحثنا عن جديد في هذا اللقاء، فإن ما أسلفناه ليس جديداً، لكن ما يمكن وصفه في اطار جديد حول هذا اللقاء، بأنها المرة الأولى التي لم يكن ملف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، على جدول أعمال هذا الاجتماع، إذ من المعروف أن الولايات المتحدة تتخذ موقفاً علنياً مديناً للاستيطان، ودائماً ما تشير في مواقفها السياسية وبياناتها الصحافية أن الاستيطان يعتبر أحد أهم العقبات أمام العملية التفاوضية، مع أنها لم تتخذ أية خطوة لوضع هذه المواقف موضع التأثير الفاعل، خاصة في المنظمة الدولية، إلاّ أن تجاهل هذا الملف تماماً، من جدول الأعمال، يشير إلى أن واشنطن التي أعلنت قبيل الاجتماع أنها باتت تدرك أنه ليس من الممكن التوصل إلى تسوية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي قبل نهاية الولاية الثانية للرئيس اوباما، يشير إلى أن واشنطن تجاهلت هذا الملف مقابل بروز جديد آخر، ذلك أن نتنياهو وللمرة الأولى، يتحدث باعتبار أن الاتفاق على الملف النووي الإيراني، والخلاف حوله بين الجانبين، بات موضع سياسة جديدة، فقد أشار هذا الأخير الى «ضرورة السهر على تطبيق الاتفاق» وهي صياغة جديدة لموقف جديد، يشير إلى أن الخلاف حول هذا الملف، بات من وراء حكومة نتنياهو، وهو الأمر الذي يتفق والرغبة الأميركية، التي لن تكون إلاّ مقابل ما هو أكبر بكثير على أساس أن الاستخدام الإسرائيلي لهذا الملف، كان يهدف إلى ابتزاز متواصل على صعيد مكتسبات إسرائيلية، مالية وتسليحية بالدرجة الأولى، وهذا ما يمكن استخلاصه مما تسرب عما جرى في هذا الاجتماع، في سياق الدعم الأميركي لإسرائيل.
وفيما يتعلق بهذا الدعم، اتفق على تشكيل لجنة مشتركة لبحث عناصره وأرقامه إلى الجانبين في أقصر مدة ممكنة، غير أن ما تسرب عن زيارة وزير الحرب الإسرائيلي يعالون إلى واشنطن للإعداد لزيارة نتنياهو، يشير إلى أن إسرائيل تطالب بتمديد الاتفاق الاستراتيجي الذي تم عام 2007 لعشرة أعوام أخرى في اطار «مذكرة تفاهم» جديدة تتضمن دعما ماليا أميركيا بحدود 3 مليارات دولار سنوياً لمدة عشر سنوات كمساعدة عسكرية منفصلة عن كافة أشكال المساعدات المالية الأخرى.. يقال بهذا الصدد، إن أوباما ونتنياهو حسما هذه المسألة في اثناء الاجتماع بينهما.. ويشار بهذا الصدد إلى أن هذا التفاهم جاء إثر الزيارة التي قام بها رئيس هيئة الأركان الأميركية المعين حديثاً إلى تل أبيب في زيارة هي الأولى خارج الولايات المتحدة بعد تسلمه لمنصبه، الجنرال جوزيف دانفورد، إثر هذه الزيارة تحدث عن أن واشنطن ملتزمة بالتفوق العسكري والأمني لإسرائيل، وهي إشارة إلى أن محادثاته مع الجانب الإسرائيلي كانت إيجابية بالنسبة للدولة العبرية، وتفاهمات اوباما ـ نتنياهو حول مسألة التسلح المشار إليها، تأتي تنفيذاً لتلك الاجتماعات التي أدارها الجنرال دانفورد في إسرائيل قبل أيام قليلة من اجتماع القمة في واشنطن.
لكن مازال من غير المؤكد، في اطار التفاهم حول عناصر الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، أن تلبي واشنطن ما طالب به يعالون من وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر بالتزود بالجيل الخامس من طائرات مقاتلة طراز «اف ـ 35» وطائرات تي ـ 22 «الطائرة المنزلقة» وإذا ما استجابت واشنطن لهذا الطلب، تكون إسرائيل البلد الوحيد، الذي يتزود بهذه الأنواع الأكثر تطوراً من الطائرات، التي رفضت واشنطن تزويد حلفائها بالأطلسي بمثل هذه الأنواع حتى الآن.
من المفترض كما هو متوقع، أن لا يجد اوباما صعوبات كبيرة في تأييد الكونغرس ـ الجمهوري ـ لدعم خططه وبرامجه خلال عامه الأخير في البيت الأبيض، إذ تشير وسائل الإعلام الأميركية، إلى أن اللوبي الصهيوني وإسرائيل، ومقابل هذا الفهم والتفهم من قبل اوباما لاحتياجات إسرائيل المختلفة، فإن الكونغرس بالمقابل سيسهل على الرئيس تمرير برامجه وخططه!!