عن "رسائل التهديد" الإسرائيلية الى عباس؟!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 في حملة لا يبدو أن "الذكاء" وصل اليها، قام بعض من مسؤولي حركة فتح (م7)، بالحديث عن تهديد إسرائيلي للرئيس محمود عباس في حال أصر على اجراء الانتخابات الفلسطينية، وبعضهم زل لسانه بشكل قد يثير باب السخرية الشعبية التي فتحت شهيتها أخيرا، بقوله إن الرئيس طالب رئيس الشاباك الذي جاء حاملا "التهديد" بالمغادرة بعد أن "انتهى الكلام".

بعيدا عن تلك الأقوال التي لا يصدقها من قالها، وليس من استمع اليها، فزيارة رئيس الشاباك نداف أرغمان الى مقر المقاطعة، حمل رسالة شرحت الرؤية الإسرائيلية حول قضايا محددة، وفقا لما نشر الإعلام العبري، دون أن تنفي مصادر المقاطعة (مقر الرئيس عباس) صحة ما ورد فيها، بل أنها لم تعلن أصلا عن ذلك اللقاء.

القضية الأولى، التي قام تطرق لها أرغمان قضية الانتخابات، واعتبر أنها لن تحقق للرئيس "هيبته السياسية" ولا الاستقرار السياسي الذي يعتقد، وأن مشاركة حماس في "النظام الرسمي" حكومة أو برلمان سيؤدي الى حدوث ارباك كبير في العلاقات مع إسرائيل (بما فيها التنسيق الأمني وربما المدني).

القضية الثانية، المحكمة الجنائية الدولية، وتلك قضية مركزية في الرؤية الإسرائيلية، كونها ستفتح الباب على مصراعيه، للمرة الأولى منذ عام 1948، يبدو أن هناك إمكانية لملاحقة قيادات دولة الاحتلال على ما ارتكبوه من "جرائم حرب" ضد الانسان والأرض في فلسطين، وأبرزها الاستيطان الذي يمثل دليلا لا يحتاج الى أوراق وشهادات، فكل حجر هناك ينادي هنا مستوطنة.

قرار الادعاء في المحكمة الجنائية يمثل تطورا نوعيا في الصراع بالمنطقة، وفي حال استكماله سيضع دولة الكيان نظاما وقادة سياسيين وأمنيين تحت "المطاردة الساخنة"، ولذا ستعمل بكل السبل كي تمنع تعاون فلسطين (السلطة والدولة) مع المحكمة الجنائية ضمن ما يمكنها ذلك.

القضية الثالثة، تتعلق بالقدس ومنطقة (ج)، حيث تعتبر إسرائيل أن الحديث عن انتخابات فيهما لن يكون كونهما تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، وجزء منها مرشح عمليا للتهويد، وقد تسارع الانتخابات بتلك العملية، وما يحدث في حي الشيخ جراج بداية لما سيكون.

ولكن، هل حقيقة ان ذلك يمثل تهديدا خاصا بسبب مشاركة حماس في الانتخابات العامة، التي أعلنها الرئيس عباس، أم أنها تستخدم كذريعة لا أكثر تمهيدا لتحقيق غايات أخرى.

مشاركة حماس في السلطة، حكومة وبرلمان، لم يمثل عقبة أبدا لإسرائيل، ولن يمثل لو أن الأمر يقف عند تلك المسألة، ولكن جوهر الرفض الإسرائيلي يستند الى عدم انتهاء الانقسام، الذي يمثل الهدية التاريخية التي قدمتها حركتي فتح وحماس لدولة الكيان، ولذا فجوهر الاعتراض ليس على الانتخابات ومشاركة حماس فيها، بل لعدم الوصول الى نقطة انهاء الانقسام ووحدة "النظام السياسي".

حماس في قطاع غزة لديها أفضل اتفاق تهدئة مع إسرائيل، وتمثل حراسة مطلقة للأمن على السياج الفاصل، والضفة لم تهتز أبدا حركة التنسيق الأمني رغم كل الضجيج الفارغ الذي قيل في حينه، ولذا فالكيان يعلم تماما أن الأمر ليس مشاركة حماس فيها، بل عدم قتل "الدجاجة التي تبيض ذهبا سياسيا" له، المعروفة عالميا باسم الانقسام، ولذا ستعمل بكل السبل كي يستمر.

وافتراضا أن الرئيس عباس وحركته أصرا على "التحدي" ورفض كل أشكال "التهديد"، حتى لو وصل الأمر الى حصاره (سيناريو خيالي)، إسرائيل ستعلن فورا تهويد جزء من الضفة وخاصة في منطقة (ج) والأغوار وأحياء بمدينة القدس، وتمنع أي حضور فلسطيني رسمي بها، وبالتالي لا انتخابات هناك.

والسؤال هل حقا سيقدم الرئيس على الصمود والتحدي، بعيدا عن "التجربة" ومعرفة المسار منذ عام 2005، وموقفه خلال هبة النفق 96 والمواجهة الكبرى من 2000 – 2004، لا يشير الى مسار مواجهة شامل مع دولة الكيان أبدا عدا "عن بعض كلام يرتفع صوتا".

وكي لا نصل الى معادلة "انتخابات مقابل تهويد"، يجب التفكير بما يمثل "ردا وطنيا" بعيدا عن حسابات "الصندوق الإسرائيلي"، وبالتأكيد لو أن الأمر ينطلق من حساب وطني هناك الكثير، ولكن لو كانت الحسابات خاصة بمقاس من يعتقدون أنهم خطفوا "القرار الوطني" وانتهى الأمر، فتلك مسألة أخرى لها حسابات أخرى.

كيف يتم مواجهة "الحلم الإسرائيلي بديمومة الانقسام" بفعل فلسطيني حقيقي بلا ادعاءات فارغة، بعيدا عن "استعراضات" تتعلق بما بعد عباس...فإعادة التفكير بقواعد العمل وفقا لجوهر المعركة هو الأساس الذي يجب أن يكون...وكل جعجعة أخرى ليس سوى خدمة عملية لهدف دولة الكيان.

ملاحظة: الى أمي حيث هي الآن هناك...والى أمهات فلسطين وعالمنا الإنساني قبلة على الرأس وفاء وعلى الجبين حبا وعلى اليدين عرفانا...يوم الأم هو يوم الربيع توافق يجسد الحقيقة المطلقة!

تنويه خاص: لو حقيقة أن هناك انتخابات، مطلوب من الرئيس عباس أن يعمل "حجر كلامي" على بعض عناصره التي تقدم خدمة لكل من ليس معه...بلاش نقول ضده...هدايا ولا هدايا بابا نويل يقدمها "فاقدي الموهبة"!