اللقاء بين أوباما ونتنياهو.. مجرد مسرحية

20151011204757
حجم الخط

الرئيس اوباما ليس لاساميا. بعيدا عن ذلك، فهو صديق العديد من اليهود في الولايات المتحدة؛ ولهذا يصعب عليه أن يفهم الاهتمام الذي لدينا بالدولة القومية. هو لا يكره إسرائيل، بل يؤمن بأنه فقط لو كانت إسرائيل تريد، فقط لو كان نتنياهو يقرر، لكان ممكناً صنع السلام ليسجل في صفحات التاريخ. مسألة ايمان، مثلما سار المسيح على الماء. اوباما ليس مسلما، انه ببساطة ليبرالي متطرف يؤمن بالخير الذي في الانسان، بأن الجميع يمكنهم أن يكونوا هكذا. عندما تحدث في بداية ولايته الاولى في جامعة القاهرة عن حقوق الإنسان وعن الاسلام كدين سلام، قصد ذلك من كل قلبه. ولهذا فقد سعى ليحتوي، لأن يمتنع عن الاحتكاك، لأن يتقرب. ليس هذا ذنبه في أنه بعد سبع سنوات انقلبت القاهرة مرتين، وباسم الاسلام ذبح منذئذ مئات الآلاف، تنظيم لمتعطشي الدماء باسم «الدولة الاسلامية» يقطع الرؤوس ويصفي (هكذا في الفظيعة الاخيرة) 200 طفل كي يوجه رسالة. اوباما ليس غبيا، وكذا ايضا وزير الخارجية كيري. فقد وقعا على الاتفاق النووي مع الحكم الايراني بعد أن قررا بأنه حان الوقت للتخلي عن المسرحية. لم يكن للولايات المتحدة أي نية لهجوم عسكري على ايران – لا في عهد بوش وبالتأكيد ليس في ولاية اوباما. كل ما تبقى هو ايجاد السلم للنزول عن الشجرة. بعد افغانستان، العراق والظل التاريخي لحرب فيتنام، لم يتبقَ للأميركيين أي شهية لحروب كبرى وبعيدة. لاوباما، منذ اليوم الاول في منصبه، بعد جائزة نوبل للسلام، لم تكن أي نية للخروج الى الحروب. ليس ثمة أي شيء يأتي بالصدفة في القرارات التي اتخذها اوباما منذ انتخب لمنصبه، ليس ثمة أيضا أي شيء مفاجئ. مثل فرانك سيناترا، فعل ذلك بطريقته حتى عندما وقف الاسرائيليون في طريقه. ها هو الفرق كله بين واشنطن والقدس: قانون الصدف. في اسرائيل تنشأ الحروب بالصدفة، الموظفون الكبار يعينون بطريقة «صديق يجلب صديقا»، الوزراء يتغيرون بين اليوم والغد والحكومات تسقط على نحو مفاجئ. اذا ما سقط احد الصواريخ الطائشة التي تسقط هنا وهناك في النقب - لا سمح الله - على روضة أطفال، فستندلع حملة عسكرية. اذا ما انتهت عملية واحدة بسفك دماء كبير، فان الاستراتيجية ستتغير. القرارات تصعد وتسقط بسرعة البوست على الفيسبوك. نسبة غير المرتقب تفوق المرتقب. ليس في أميركا. ليس لدى اوباما. هناك الامر معاكس: ليس ثمة أي شيء صدفة في الاتفاق مع ايران، ليس ثمة أي شيء عاطفي أو متسرع بالنسبة لاسرائيل، توجد فقط مصالح. دوما كانت فقط مصالح. بعد سبع سنوات في البيت الابيض يخيل ان اللقاء، أول من أمس، بين نتنياهو واوباما كان الاول الذي تذوق فيه الرجلان من شجرة المعرفة. لا فرح مثل نزع الشك، يقال عندنا. من المشكوك فيه اذا كان الفرح هو الوصف السليم للقاء أول من أمس، ولكنه بلا شك تم بعد مسيرة طويلة من نزع الشكوك. فلو كان نتنياهو اعتقد ان الأميركيين سيقومون نيابة عن اسرائيل بالعمل ازاء ايران فقد اكتشف أن لا. واذا كان اعتقد بان ارادات اسرائيل او السعودية في الصراع مع ايران مهمة، فقد اكتشف بان ما هو مهم هي مصالح الولايات المتحدة. نتنياهو لا يستطيب اوباما، والرئيس الأميركي لا يستطيبه. هذه حقائق الحياة. والاجوبة على الاسئلة من المذنب ومن بدأ ليست بهذه الاهمية. فها هو الرئيس بوش استطاب اولمرت، ورغم ذلك في العام 2007، عندما جاء اليه اولمرت ودغان مع فكرة الهجوم على المفاعل في سورية، بعث بهما الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبتعبير آخر: القى بهما كي يتدبرا نفسيهما بنفسيهما. الاستطابة ليست القصة في واشنطن، وكذا هو ايضا العداء المتبادل. وبالنسبة للفلسطينيين ايضا، لم تتبق شكوك. فلو اعتقد اوباما بان نتنياهو يخطط لخطوة بعيدة المدى للسلام، فقد فهم منذ الآن بان هذا لن يحصل في ولايته. فجولات المفاوضات التي اديرت مع الفلسطينيين في السنوات السبع الاخيرة كانت مصادفة بالضبط مثل الحروب معهم. نتنياهو يقول «دولتان للشعبين» ويشدد على دولة فلسطينية مجردة، ولكنه يقصد صيغة مختلفة تماما عما يقصده اوباما. العلاقات بين الرجلين مهنية وأديبة، قال السفير شبيرو. وبكلمات اخرى: لا توجد قصة غرام، لا توجد مصالح كبرى يمكن الاتفاق او الشقاق عليها. تبقى المسرحية. عن «يديعوت»