من ميزات "المراسيم الرئاسية" الخاصة بتعزيز السلطة المطلقة للرئيس محمود عباس و"شرعنة" الانقسام – الانقلاب الحمساوي، انها حركت بعضا من "البلادة السياسية" التي سيطرت على المشهد العام، في ظل غياب المواجهة الوطنية مع دولة الكيان، وفتحت منفذا لإعادة بحث قضايا كان الحديث عنها يمر عابرا.
ومن أبرز القضايا التي عادت للحضور الإعلامي، قضية القدس حيث أصبحت جزءا من "الكلام الانتخابي"، بتعبير يبدو انه لا زال غامضا أو ضبابيا، فالقول عن لا انتخابات بدون القدس تصويتا وترشيحا، لا يضمن وضوحا سياسيا بأن الأمر يشمل كل أبعاد العملية الانتخابية.
التصويت والترشيح، يتطلب وضع قواعد محددة لتلك العملية، والأسئلة هنا، تبدأ من الدعاية الانتخابية بكامل مظاهرها في القدس الشرقية، الأحياء والبلدات التابعة لها، من البلدة القديمة حتى كفر عقب والرام وقلنديا وأبو ديس، بما يسمح فتح مكاتب لكل المشاركين بعيدا عن تمييز أو منع أو مطاردة، وصولا الى المشاركة التصويتية في داخل العاصمة الأبدية، وليس عبر مكاتب في ضواحيها التي تخضع للسلطة مدنيا، او ما يعرف بمناطق (ب).
من البدايات لا يوجد أي مؤشر أن دولة الكيان ستمنح القدس حقها السياسي كما كان لها عام 1996، باعتبارها جزء من الكيانية الفلسطينية، تم تأجيل حسم مظهر السيادة على بعض منها الى مفاوضات الحل الدائم (اليهود لا يرغبون بتعبير الحل النهائي لارتباطه بشعار هتلر حول ما سمي بمذابح اليهود)، وكي لا يتم "تثبيت" الرؤية التهويدية للقدس، يجب تطوير الحضور الفلسطيني عبر الانتخابات في القدس منطلقا من 1996، وليس ما هو أقل منها، لأن الذي حدث من "تنازل جوهري" عام 2006، كان تمريرا لمخطط التهويد الصريح، لا يجب السماح له أن يعاد، ولا يجب التضحية بالقدس مقابل "مصالح تقاسمية" ما، تحت غلاف خادع.
الاكتفاء بالحديث العام عن لا انتخابات دون القدس، تصويتا وترشيحا لا يعبر عن الحقيقة الكاملة، ولا يمثل سلاحا فلسطينيا تعبويا في مواجهة التهويد، خاصة مع معركتي حي الشيخ جراح والخان الأحمر، ويمكن الاستفادة من المعركة الانتخابية لمواجهة الحملة العنصرية الاقتلاعية في إطار مخطط تهويدي واضح، تقوم بها دولة الكيان، ما يجب أن يصبح أولوية في المعركة السياسية العامة، ومنها الانتخابات.
الهروب نحو التعميم يمثل رسالة "تفاوضية" مع سلطات الاحتلال، لو أصرت السلطة على الانتخابات، او لم تذهب اليها، فغياب أسس التحديد لماهية مشاركة أهل القدس "رسالة مفتوحة" تحمل بعدا تنازليا يمكن مناقشته، خاصة في غياب أي دور عملي للسلطة الفلسطينية مؤسسات وأعضاء رسميين، وانتفاء مشاركة قيادة حركة فتح التي تستطيع الوصول الى المناطق الساخنة في القدس، الشيخ جراج والخان الأحمر.
الغياب عن "المواجهة الكفاحية" واستبدالها بـ "المواجهة الافتراضية" عبر التطبيقات التقنية الحديثة، رسالة تكمل الضبابية حول مفهوم المشاركة المقدسية، وعملية تفاوضية من "تحت الماء".!
الأمر هنا لا يقتصر على السلطة وفصيلها الرئيسي فتح (م7)، بل على مجمل القوى الفلسطينية، التي لا تزال غير محددة في موقفها من القدس في العملية الانتخابية، كما غيابها عن المواجهة القائمة، رغم أنها "أكثر" ضجيجا من فتح كلاما عن "المواجهة ومكانة القدس"، لكنها لم تتقدم بأي رؤية كاملة حول تلك المشاركة، وكأنها تتكامل تفاوضيا مع موقف السلطة وفصيلها الرئيسي.
التحديد ليس قضية شكلية، بل جوهر المعركة الوطنية في رسم حدود مكانة القدس في إطار دولة فلسطين، خاصة بعد زيارة رئيس الشاباك الى مقر المقاطعة ولقاء الرئيس محمود عباس، وما كشفت عنه وسائل الإعلام العبرية حول موقفهم من القدس.
الخط الفاصل بين حقيقة الوطنية ليس في الصراخ العام حول القدس بل بتحديد شمولي لمكانتها في العملية السياسية، انتخابات ومواجهة...غير ذلك هم "شركاء في التهويد" أي كانت "ذرائعهم"...!
ملاحظة: تصريحات نتنياهو حول مفهوم السيادة على الأراضي الفلسطينية يستحق ردا عمليا وليس تصريحا صحفيا..."فضفضة أبواب جهنم" ما عادت لها تأثير بل تحولت الى مسخرة خالص...بدها حركة مش حكي..فاهم يا فلان!
تنويه خاص: الى رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر..هل عبارات التخوين والتكفير والدجل الصريح والاتهامات الكاذبة تعتبر مخلة بالشرف تستوجب رفض قوائم أنصارها...الأمر يتعلق بتصريحات معلومة ومسامحينك بـ "النميمة" وتقارير المخبرين