نتنياهو طوى كل أعلامه تحت الضغط الأميركي !

20151111212109
حجم الخط

يبث بنيامين نتنياهو احساسا بالانجاز في اعقاب اللقاء في الغرفة البيضاوية مع الرئيس الأميركي. غير أنه في الظروف الحالية تعد محادثة لطيفة مع براك اوباما حكمة صغيرة جدا. ولا سيما اذا اخذنا بالحسبان حقيقة أنه لغرض اللقاء طوى رئيس «الليكود»، عمليا، كل أعلامه. في الجبهة الايرانية هزم نتنياهو، وفي كل جبهة عملية اخرى فعل بالضبط ما طلبه الأميركيون. فقد جمّد عمليا الدينامية الصهيونية، انصرف عن برنامج «الليكود»، ونكث تعهداته للناخبين.
لمن تشوش من شدة الاعلانات الفارغة التي أصدرها مكتب رئيس الوزراء، هاكم موجزاً للفصول السابقة: لا تبني حكومة نتنياهو  في احياء العاصمة التي حررت في حرب «الايام الستة» وعمليا تقسم القدس. لا تصدر عطاءات، لا تنفذ مخططات مقرة، بل تلغي جلسات لجنة التخطيط.
الحكومة لا تبني شيئا في «يهودا» و»السامرة»، بل وليس في معاليه ادوميم. ومؤخرا، وفقط بسبب الاضراب امام منزل نتنياهو، وقعت بضعة مخططات بناء مدن. ولكن حتى هذه لا تسمح ببناء بيت سكني واحد آخر. والى جانب ذلك، يبدي نتنياهو وهنا وصمتا امام الهجمة الاوروبية – الأميركية في المناطق «ج»، والتي في إطارها يجري خرق للقانون، بناء غير قانوني وسيطرة فلسطينية على الاراضي.
يرفض نتنياهو تبني تقرير لجنة القاضي الراحل، ادموند ليفي، اللجنة التي هو نفسه اقامها. وهو ليس فقط لا يطبق التوصيات العملية للتقرير، والتي هدفها وقف التمييز بحق اليهود في» يهودا» و»السامرة»، بل لا يحمل علنا الادعاء القانوني والاخلاقي الذي قدمته له لجنة ليفي على طبق من فضة. الادعاء بانه فقط الشعب اليهودي له الحق القانوني، من ناحية القانون الدولي، بالمطالبة بالملكية على هذه المناطق.
وعلى المستوى السياسي والامني ايضا تبدي حكومة نتنياهو صمتا، تراجعا وتبطلا. صحيح أن نتنياهو يتهم السلطة الفلسطينية بالمسؤولية عن التحريض وحملة القتل ضدنا، ولكنه يحرص على الا يستخلص الاستنتاجات. فهو لا يعتقل المحرضين الرئيسيين – كبار رجالات نظام أبو مازن و»فتح»، لا يغلق وسائل الاعلام لديهم، بل لا يوقف ضخ الاموال من صندوق وزارة ماليتنا الى جيوبهم.
وتحت الضغط الأميركي يقبل نتنياهو وجود الورم السرطاني داخلنا، السلطة الابومازنية التي تقضم فينا أمنيا وايديولوجيا، وتحطم شرعيتنا في العالم. بل ان نتنياهو تعهد بتنفيذ «خطوات لبناء الثقة» تجاه الفلسطينيين، بالذات على خلفية الوضع الحالي. ويدور الحديث عن نقيض اخلاقي وفكري تام. فهم يهاجمون، يفترون ويقتلون، ونتنياهو يتراجع ويقترح بادرات طيبة. والى جانب ذلك – انتهك رئيس الوزراء مرة اخرى التعهد الذي قطعه لناخبية عشية الانتخابات، حين اقسم امام اوباما على الدولة الفلسطينية.
يسمح نتنياهو بدحر دولة اسرائيل الى الوراء، بخلاف روح الصهيونية العملية، التي تطلعت دوما الى الامام. صحيح أن الرئيس الأميركي لن ينجح في تحقيق السلام في عصرنا، على نمط تشمبرلين وشمعون بيريس، ولم يوقع نتنياهو على وثيقة كاذبة حيال الفلسطينيين، ولكنه ينجح في شل حكومة نتنياهو.
ليس صدفة أن ينال نتنياهو الثناء على «ضبط النفس» الذي يبديه، من ندوات الميالين لليسار في القنوات التلفزيونية. هكذا هو الحال عندما يجسد المرء سياسة تسيبي لفني. وعليه، فانه ليس مفاجئا أيضا ان اوباما كان هو الاخر لطيفا نسبيا. اما ما هو مفاجئ بالفعل فهو اين اختفى نفتالي بينيت؟ ليس واضحا أين هم اعضاء حزبه ومعظم اعضاء «الليكود» ممن يختلفون مع مواقف وأفعال رئيس وزرائهم، ولكنهم يواصلون الصمت.

عن «معاريف»