هل سنعيش على حد السيف الى الأبد؟ سأل رئيس الحكومة، الاسبوع الماضي، في جلسة لجنة الخارجية والامن في الكنيست. تحول هذا المفهوم في الآونة الاخيرة الى وصفة للحرب التي لا تلوح نهايتها في الأفق. جواب رئيس الحكومة نتنياهو كان مباشرا وحاسما: «نعم». الكثيرون تحفظوا على هذا. هل هذا هو المستقبل الذي يتوقعه لنا؟ وأين هو السلام الذي يبحث عنه الجميع؟.
التاريخ الصهيوني مليء بمحاولات التوصل إلى اتفاق مع العالم العربي والفلسطينيين. هذا الطموح يوجد في كتاب «ألتانويلند» الذي يصف فيه هرتسل الدولة اليهودية المستقبلية حيث يعيش العرب واليهود فيها بسلام.
لم يكن هذا أكثر من طموح. الاتفاق بين حاييم وايزمان والامير فيصل في العام 1919 الذي ضمن التعاون بين الصهاينة والعرب، لم يصمد أكثر من أشهر معدودة. اعضاء «اتحاد السلام»، الذين كانوا مستعدين للتنازل عن اقامة الدولة اليهودية لم يجدوا استجابة من الطرف العربي، وسيتذكرهم التاريخ مثل مجموعة صغيرة من الحالمين بما هو أفضل.
حينها جاءت الموافقة من قبل الحركة الصهيونية على قرار لجنة بيل في العام 1937، تقسيم البلاد بين اليهود والعرب، القرار الذي رفضه العرب. هذا السيناريو تكرر بعد عشر سنوات حيث وافقت الامم المتحدة على قرار التقسيم. قبلت الحركة الصهيونية القرار، أما العرب فرفضوه مرة اخرى. في السنوات التي تلت ذلك هاجم العرب اسرائيل اربع مرات: 1948، 1956، 1967 و1973.
الوحيد الذي حذر في العام 1923 من أن العرب لن يقبلوا الصهاينة بأيد مفتوحة، كان زئيف جابوتنسكي، وقد طلب اقامة «جدار حديدي» كي يفهم العرب أنه لا يمكن القاء اليهود في البحر.
وكما فهم فان اسرائيل تحتاج الى قوة عسكرية كبيرة حتى تقنع العرب بالتوقيع على اتفاق سلام معها، وهذا ما حدث بعد حرب «يوم الغفران».
بعد توقيع الاتفاق الاسرائيلي المصري بـ 15 سنة تم توقيع اتفاق سلام مع الاردن، وكان هذا هو الاتفاق الاخير بين اسرائيل والدول العربية. المحاولات المتكررة للتوصل الى اتفاق مع سورية لم تنجح. واتفاقات اوسلو لم تؤد الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين بعد أن رفض ياسر عرفات اقتراحات ايهود باراك.
مرت أكثر من 30 سنة منذ حرب «يوم الغفران»، حيث حلق السلام في الأفق، وانتهت، في الوقت الحالي على الأقل. الربيع العربي قضى عليها.
ظهور «القاعدة» و»داعش» في العالم وزيادة قوة ايران التي أقسمت على تدمير اسرائيل، حطم فرص توسيع دائرة السلام.
الفرضية التي تقول إنه يمكن التوصل الى سلام مع الفلسطينيين بوساطة محمود عباس، الذي لا يملك قوة وهالة عرفات، و»حماس» تعمل ضده، ما هي إلا هذيان.
ويبدو أن السلام بعيد جدا، وعلى اسرائيل أن تكون مستعدة لكل الاحتمالات. هذا ما قاله نتنياهو. الوضع الحالي في الشرق الاوسط لن يستقر في المستقبل المنظور.
أليس هذا واضحا لكل من يرى الشرق الاوسط؟ هل يمكن أن يكون طموحنا للسلام يعمي أعيننا ويمنعنا من رؤية الواقع؟ في كتاب يرمياهو هناك فقرة تلائم اولئك الذين يمنعهم الطموح الى السلام من رؤية الواقع الصعب: «توجد لهم عيون لكنهم لا يرون بها».
عن «هآرتس»
*وزير دفاع أسبق.