القدس بحاجة لمن ينقذها وليس لمن يمثلها

حجم الخط

بقلم : ابراهيم دعيبس

 

يدور نقاش كبير حول القدس والانتخابات وتطالب جهات مختلفة فلسطينية وعربية واسلامية، بإعطاء الفرصة الضرورية لإجراء الانتخابات داخل القدس وليس في محيطها فقط والسماح للمقدسيين بأن يشاركوا عملياً بالانتخابات.

وهذه قضية تبدو شكلية وليست جوهرية لأن المقدسيين يستطيعون المشاركة بالانتخابات بوسائل مختلفة اذا منع الاحتلال اجراءها ميدانياً في عاصمتنا الموعودة.

والحقيقة ان القدس بحاجة ماسة لمن يعمل على انقاذها من مساعي التهويد والسيطرة الجغرافية والسكانية، خاصة ونحن نرى الاستيطان الذي يتوسع بالمدينة في مختلف احيائها ومناطقها، كما لا بد من الحديث عن واقع ما يقدمه الاحتلال من خدمات معيشية رئيسية للسكان اليهود أساساً وللفلسطينيين نتيجة ذلك.

لقد رصدت الحكومة مبالغ مالية لدعم التجار بالمدينة وهي تحاول تقديم ما تقدر على تقديمه وما يسمح به الاحتلال أساساً من خدمات مختلفة، ولكن القدس بحاجة لما هو اكثر من دعم ومساندة وتعزيز للصمود والهوية الوطنية، وهذه لا تتوقف على السلطة الوطنية فقط ولكنها مسؤولية عربية واسلامية شاملة لأن القدس قضية دينية من الدرجة الاولى، وعلى هؤلاء الذين يتهافتون على التطبيع مع الاحتلال ان يصحو من غفوة هذه الحالة الجنونية والادراك ان اسرائيل ليست ولن تكون حليفاً ضد ايران أو غيرها وانما هي خطر يتهدد الشعب الفلسطيني بكل مقدساته، وان السلام والعيش المشترك لا يمكن تحقيقه إلا باستعادة الحقوق الفلسطينية.

الاحتلال وحل الدولتين يا واشنطن

أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الاميركية الحقيقة التاريخية ان القدس والضفة الغربية ومرتفعات الجولان هي اراض محتلة، بالاضافة الى قطاع غزة الذي تخلص من الاحتلال المباشر وما يزال يعاني من الحصار والعقوبات الاسرائيلية.

والأهم ان هذا الناطق قال ان حل الدولتين يسمح بالعيش المشترك بكرامة لكلا الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وان واشنطن تعمل على بذل كل الجهود لدفع آفاق هذا الحل وتدعو اسرائيل الى الامتناع عن اية خطوات احادية كالاستيطان.

وهذا كلام يبدو ايجابياً للغاية خاصة وانه يصدر من الادارة الاميركية التي تقدم كل الدعم والتأييد للاحتلال، ولكن الأهم من هذا الكلام هو العمل على تنفيذه والالتزام به ومقاومة كل من يخالفه أو يعمل على تقويضه، أي ان على واشنطن الا تكتفي بهذا الكلام الذي سمعناه من كل دول العالم والامم المتحدة والمؤسسات الدولية المختلفة، ولكن ما يقوم به الاحتلال يقتل كل الاحتمالات لتحقيق هذه المواقف.

وما نراه اليوم تقريباً، من استيطان وتهويد وتهجير للمواطنين وهدم للمنازل، اكبر دليل على ان الاحتلال لا يسمع ولا يهتم بالكلام ولا يؤثر فيه سوى القوة بأشكالها المختلفة من سياسية واقتصادية وعسكرية، وهكذا يظل هذا الكلام الايجابي الاميركي بحاجة الى التنفيذ واتخاذ الخطوات الفعلية لتحقيق حل الدولتين بالشكل المطلوب والمنطقي وعدم الاكتفاء بالركض وراء السراب.

ملاحظة أخيرة حول قصص الأسرى ومعاناتهم

تمتلىء الصحف والمواقع الاخبارية المختلفة بالقصص عن الاسرى وأهاليهم والمعاناة التي يعانونها بشكل غير مسبوق، ومنهم من يدخل عقوداً في الاسر أو يفقد أحد أفراد عائلته دون أن يتمكن من المشاركة ويزيد الأسر من معاناته.

لقد سجل كثيرون أحجام هذه المعاناة ولكن اعتقد ان على المؤسسات الوطنية توثيق هذه الاحداث بالكتب والافلام الوثائقية، وأنا أعرف أن هناك من يحاول ذلك ولكني أعتقد ان المطلوب أكبر كثيراً ولا بد من صيانة هذا التاريخ بكل تفاصيله وأصالة الذين يدفعون الثمن غالياً.

تعجز الكلمات عن تقديم ما يلزم بحق هؤلاء الأبطال ومعاناة أهاليهم، ولا يمكننا القول إلا اننا ننحني إجلالاً واحتراماً لهم ويفتخر شعبنا بهم وسيظل الوطن يذكرهم على مر الأجيال.