في اليوم الذي يتم التحقيق فيه مع طفل ابن الـ 13 وكأنه رئيس عصابة، نكون خسرنا؛ في اليوم الذي وقف فيه فوق رأسه زعران إسرائيليون وقاموا بشتمه «فلتمت يا ابن الشرموطة» وهو يغرق بدمه؛ في اليوم الذي يقول فيه مقدمو الاخبار في التلفاز عن ولد ابن 11 «مخرب» دون التفكير بأبنائهم؛ في اليوم الذي تصبح فيه اسرائيل تشبه اريتيريا واوغندا حينما تسن قانونا وحشيا آخر يسمح بسجن أولاد في جيل 12؛ وحينما تتحول الاعدامات لاصحاب السكاكين الى روتين مثير للاعجاب، وتنتشر محاولات الفتك فان هذه ايام تشير الى مجتمع يتفكك أخلاقيا. هذا البيع من اجل التصفية لا يعني انتصارا فلسطينيا كبيرا، فهم بعيدون عن هذا، لكنه يعني خسارة لإسرائيل دون سلاح الجو ودون الدبابات، وضع الفلسطينيون المجتمع الاسرائيلي أمام تحدٍ، وقد فشل في هذا التحدي. تكفي مشاهدة فيلم التحقيق مع احمد مناصرة الذي شاهده كل فلسطيني في «المناطق»: المحقق مع النظارات الشمسية على جبهته وقبعة على رأسه المحلوق ينبح مثل المجنون ويتهمه بـ «مساعدة العدو أثناء الحرب». يفقد المحقق أعصابه فعليا أو ظاهريا أمام الفتى الذي يبكي، وهذا يعني فقدان التوازن في المجتمع. مناصرة يثير الاحترام والقوة أكثر من محققه. الاصابة البالغة، الثلاثاء الماضي، ايضا لولد آخر يقوم بالطعن تعكس الدونية – الى أن يعافى ستضطر وزيرة العدل مرة اخرى الى تغيير القانون من اجل محاكمة وسجن من هم في جيل 11؛ ووزارتها لن تصمت حتى تجد الرضع في السجن. لكن هذا ليس للاولاد الفلسطينيين فقط. وسريعا سيُسجن أولاد اسرائيليون؛ يحملون السكاكين. ايضا قتلى على أيدي الشرطة من غير مبرر لنا وسيزداد عددهم بسرعة كبيرة. من يصفقون على إطلاق النار على الاولاد وسجنهم في أي جيل سيقضمون قريبا أظافرهم عندما يتأخر أبناؤهم عن العودة من الحفلة. «يشع» سيكون هنا قريبا. إنها هنا. نشر، أول من أمس، في «ذي ماركر» أن اسرائيل تراجعت وتدهورت في العام الاخير بمقاييس سخية: في مقياس الاستعداد لمساعدة الغريب هي في المكان الـ 139 من بين 145 دولة. هنا سدوم. تقرير اليونسيف الذي نشر قبل سنتين ونصف قال في ذلك الحين عن اسرائيل «معاملة الاطفال الفظة هي منهجية وممأسسة... لا تتم محاكمة الاولاد في المحاكم العسكرية في أي دولة اخرى حيث تُسلب حقوقهم». متوسط الاولاد الفلسطينيين الذين اعتقلتهم اسرائيل هو 7 بالمئة في السنة؛ ومنذ ذلك الحين أضيف مئات الاولاد المعتقلين واولاد السكاكين الحاليين هم النتيجة. معاملة الاولاد هي معيار جيد لقياس اخلاقية المجتمع. المجتمع السليم لا يتجرأ على تسميتهم «مخربين» ولا يخطر بباله تقليص العمر الجنائي لهم، وفوق كل شيء – بدل اطلاق النار عليهم والتحقيق معهم على أنهم مجرمون، كان سيحاول معالجة جذور دوافعهم. إنهم اولاد. وحسب رأيي فان الاسرائيليين ليسوا أولادا: «القتل في عيونه»، صرخت، ـول من أمس، العناوين عن ولد ابن 11. هكذا يبدو المجتمع عندما تكون الديمقراطية في ازمة: ضياع الطريق، فقدان التوازن، في التشريع وفي العقاب وفي اوامر اطلاق النار والاعتقالات، هذا يشير إلى ضعف القيم الاساسية وتفككها. يمكن الاستمرار بالتفاخر ببندورة الشيري واختراع القرص أون – كي، وايضا بمسيرة الفخار. لكن في نهاية المطاف ستتم محاكمة اسرائيل مثل أي دولة بمعايير اخرى. في الوقت الحالي هي تتغير بسرعة فائقة. هذا ما بقي من مجتمع كان يتألم اخلاقيا في يوم من الايام، حتى لو كان ذلك بتلون: «موت يا منيك» لولد مصاب. عن «هآرتس»