ريفلـين يكلّـــف «رئـيـس العصـابــة» بتشكـيـل الحكـومـة !

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، لم يفزع امير اوحانا عندما أوضح بأنه "توجد اعتبارات قيمية لا أعرف إذا كانت توجد للرئيس صلاحية في أخذها في الحسبان أو أنها ترتبط بالمحكمة العليا". هذا التهديد يمكن قوله بلغة الشخص الذي يتم تهديده، وليس بلغة غريبة. وإلا فانه لا تكون لها أي صلاحية. لو أن ريفلين، مثلاً، قال "أنا سأفعل ذلك مع نتنياهو لأنه مجرم"، لكان اوحانا ربما تأثر بشكل أكبر. هكذا يتحدثون في المافيا.
يدرك ريفلين بشكل جيد صلاحياته. هو لم يكن ملزما باعطاء التفويض لمن يوجد له العدد الاكبر من التوصيات، ومن يترأس الحزب الاكبر، أو حتى لمن يظهر صاحب الفرصة الكبرى لتشكيل الحكومة. وطقوس صعود رؤساء الأحزاب الى مقر الرئيس تجري لأن القانون يلزمه بالتشاور. ولكن هذا فقط تشاور، اذا أراد يأخذ بالتوصيات واذا لم يرغب لا يأخذ بها. هذه صلاحية كبيرة جدا، صلاحية لا تلزم الرئيس بالامتثال حتى للقواعد الديمقراطية المتعلقة بالاغلبية والاقلية. ينص القانون على أنه "خلال سبعة ايام من نشر نتائج الانتخابات للكنيست، يكلف رئيس الدولة أحد اعضاء الكنيست، الذي يوافق على ذلك، بمهمة تشكيل الحكومة"، كل من يوافق، حتى لو كان اسمه احمد الطيبي أو منصور عباس أو ايتمار بن غبير.
حتى التساؤل حول صلاحيته في استخدام المبرر القيمي لا يحتاج الى مصادقة المحكمة العليا. منح هذا حقا نتنياهو السلطة لتولي رئاسة الحكومة، رغم أنه متهم بمخالفات جنائية. ولكنه ايضا نص على أن أحد الافتراضات الاساسية التي على اساسها كان يمكن تشكيل الحكومة الـ 35 على يد نتنياهو، هو أنه سيتم اجراء تسوية تضارب مصالح له. وتعهد رئيس الحكومة بذلك بصورة صريحة في اطار نقاش تم اجراؤه في المحكمة العليا بكامل هيئتها التي تشمل 11 قاضيا. اتفاق تضارب المصالح لم يتم توقيعه حتى الآن. ولكن نتنياهو استهزأ كما يبدو بقرار المحكمة العليا، وهذا يكفي لالغاء تردد ريفلين.
الهجوم الوحشي الذي وجهه نتنياهو ضد النيابة العامة واتهامها بـ "هكذا يبدو الانقلاب" عندما سمعت قبل فترة قصيرة شهادة تثير القشعريرة عن الطريقة التي ابتز بها موقع "واللاه"، وفر للرئيس كل الدعم لاستخدام بند "القيم" ووضعه على رأس اعتباراته عندما اراد اتخاذ القرار حول الشخص الذي سيعطيه التفويض لتشكيل الحكومة. ولكن اذا كان لا يزال غير واثق من أن الاعتبار القيمي يقع ضمن صلاحياته، فانه كان بامكانه استخدامه ووضعه محل اختبار في المحكمة العليا. بهذا كان سيساهم في وضع لبنة اخرى دستورية، حيوية، في عملية اختياره لرئيس الحكومة. وهذا كان سيتحول الى ارثه الاهم.
الاعتبار القيمي يقف بحد ذاته دون صلة بعدد الموصين المستعدين لرؤية متهم بتلقي الرشوة والتحايل وخرق الأمانة كرئيس لحكومة إسرائيل. في ظل غياب اغلبية واضحة وصلبة للمؤيدين، فان قرار الرئيس كان أسهل بكثير. ريفلين، الذي قال هو نفسه، بأنه لا يرى امامه من يستطيع تشكيل حكومة، ورمز بذلك الى أن إسرائيل يمكن أن تصل الى جولة انتخابات خامسة، أعطى للاعتبار القيمي مكانته التي يستحقها. وباعتباره يتولى المنصب الاعلى في إسرائيل، وهو المنصب الذي يمثل هويتها وطابعها، لم يكن فقط مسموحا له، بل ملزم بأن يُسمع بصوت عال موقفه من متهم بمخالفات جنائية يسعى الى تقويض أسس الدولة، وعدم الاكتفاء بالوعد بأنه بعد انتهاء ولايته سيقول موقفه. عندها لن يكون لموقفه أي قيمة جماهيرية.
ريفلين سينضم الى قائمة طويلة من الشخصيات العامة، رؤساء "الشاباك"، و"الموساد"، ورؤساء الاركان الذين عند انتهاء ولاياتهم اكتشفوا فجأة ضمائرهم وشجاعتهم وكشفوا الحقيقة. ريفلين اتهم في السابق وسيتهم بالطبع بتحطيم الديمقراطية وملاحقة نتنياهو وخيانة ارادة الشعب وأخذ صلاحيات ليست له. ولكن الخيانة الحقيقية هي أنه اعطى رئيس عصابة الترخيص لمواصلة عمله كمتعهد للهدم.

عن "هآرتس"