تكـلـــيــف نـتـنـيـاهــــو: ســـاعـــر انكـــسر فــي لحــظـــة الحقيقة

حجم الخط

بقلم: ألوف بن*

 


حقق بنيامين نتنياهو انتصاراً آخر: بعد أسبوعين على الانتخابات حصل على تفويض تأليف الحكومة على الرغم من عدم حصوله على الأغلبية في صناديق الاقتراع. من المحتمل ألّا ينجح في المهمة، وأن تذهب إسرائيل إلى انتخابات خامسة في الخريف، لكن في هذه الأثناء ليس هناك شخص آخر للحلول محله؛ فنتنياهو لا يذهب إلى أي مكان آخر. سيبقى رئيساً للحكومة، وسيبقى في مقر الرئاسة في بلفور والموكب المحصن والسيطرة على الدولة.
هناك مسؤول واضح عن إنجاز نتنياهو، إنه جدعون ساعر الذي رفض ترشيح يائير لبيد لتأليف الحكومة، وضمِن بذلك إعطاء نتنياهو التفويض الرئاسي. لقد وعد ساعر بـ"أمل جديد"، وتحدث عن تغيير السلطة بصفتها المهمة الوطنية الأكثر أهمية. أمله صمد أسبوعين تحديداً. في لحظة الحقيقة تحطم، وعلى الرغم من أنه لم يتجاوب حتى الآن مع غزل نتنياهو ودعواته إليه بالعودة إلى حضن "الليكود"، فهو لم يجرؤ على اتخاذ موقف وإعطاء المفاتيح لكتلة اليسار بقيادة لبيد. ساعر لم يقع فجأة في غرام رئيس الحكومة، وهو بالتأكيد لا يحن إلى الإذلال الذي تعرض له من طرفه، لكن اليأس من نتنياهو ليس كافياً بالنسبة إلى سياسي يميني، ناخبوه يمينيون، للوقوف في الجهة نفسها مع القائمة المشتركة.
لقد حدث الأمر عينه بعد الانتخابات في أيلول 2019. حزب "فقط لا بيبي" حقق حينها حلمه وحصل على 65 مقعداً، لكنه لم ينجح في ترجمة نتائج التصويت إلى إنجاز سياسي؛ لأن أفيغدور ليبرمان خاف من الانضمام إلى القائمة المشتركة. وعندما أصبح ليبرمان أكثر مرونة في انتخابات آذار 2020، تقلصت الأغلبية، وهشّم المنشقون وسارقو الأصوات المعسكر، وانضموا إلى نتنياهو. من هذه الأحداث يمكن استخلاص بعض الخلاصات:
لا يوجد شيء اسمه "كتلة التغيير"، أو "كتلة فقط لا بيبي"، أو أي اسم آخر لها. هناك مجموعة أحزاب تتحفظ عن نتنياهو، لكن الأكثر أهمية بالنسبة إليها هو تقديم مبادئها ومبادئ ناخبيها بدلاً من تغيير الحاكم. في الوضع السياسي الإسرائيلي الحالي لا يمكن الجمع بين القائمة المشتركة وبين الأحزاب اليمينية. الاشمئزاز العام من نتنياهو ليس كافياً من أجل رأب الشرخ العميق بين هذه الأطراف السياسية. حتى تقلّص القائمة المشتركة في الانتخابات الأخيرة من 15 مقعداً إلى ستة مقاعد لم يغير النتيجة السياسية: الأعضاء الأربعة من قائمة "راعم" أوضحوا بصورة مسبقة أنهم لن يرشحوا لبيد لرئاسة الحكومة، لكنهم اصطدموا بالمعارضة المعلنة للتعاون معهم فقط من الصهيونية الدينية. باقي أحزاب اليمين حافظت على الغموض فيما يتعلق بالحركة الإسلامية.
ليس هناك أي أهمية للحب أو للكراهية بين السياسيين. هما يشكلان موضوع اهتمام للصحافيين والمستشارين والناطقين والمساعدين والمنشورات الحزبية وموظفي لجنة الانتخابات المركزية المسؤولين عن طباعة أوراق الاقتراع. في لحظة الحسم الأيديولوجيا هي التي تحدد وليس المشاعر. ليس هناك أي شك في أن رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، لا يتحمل نتنياهو ويعارض ما يمثله رئيس الحكومة ويعبّر عنه. على الرغم من ذلك، وفي لحظة الحسم، فإن ريفلين يفضل الامتثال إلى مبادئه والعمل بالاستناد إلى ما نص عليه القانون وإعطاء نتنياهو التفويض بسرعة، بدلاً من الاستقالة احتجاجاً، أو إعلان رفضه وإحداث أزمة قانونية. معاقبة رئيس الحكومة الذي حصل على التكليف من دون صورة في بيت الرئيس، لا تغير شيئاً.
لا يملك نتنياهو أغلبية وسط الجمهور، لكنه بحاجه إلى أغلبية كي يحكم. تكفيه أقلية موحدة تقف وراءه من أجل البقاء في مقر الرئاسة في بلفور، وفي كل مرة يمرر الوقت كرئيس حكومات انتقالية أو حكومة مثل التي شكلها مع بني غانتس. لقد غادر ساعر "الليكود" وأقام حزباً واعداً بتغيير هذا الواقع، لكنه فشل. الحفلة انتهت، وكل ما تبقى يدور حول المناورات التي تنتظر نتنياهو إذا فشل في تأليف الحكومة، وأُعطيَ التفويض إلى بينت أو لبيد.

عن "هآرتس"

*رئيس تحرير صحيفة "هآرتس".