التصعيد بين إسرائيل وإيران يرتفع درجة

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 



لم تعد المعركة السرية، الدائرة بين إسرائيل وإيران، سرية. صباح أول من أمس، نشرت إيران عن حدوث خلل غامض في الليلة السابقة في شبكة تزويد الكهرباء في منشأة نتانز النووية، التي حدث في السابق انفجار فيها أدى الى وقوع أضرار كثيرة في تموز من العام الماضي. الخلل الجديد أدى، كما يبدو، الى تشويش نشاط المنشأة. واستناداً الى منشورات من السابق يمكن التقدير بأن الأمر يتعلق بهجوم سايبر إسرائيلي.
حدث هذا قبل أسبوع تقريبا بعد نشر تقارير عن انفجار في سفينة قيادة الحرس الثوري الإيراني في البحر الاحمر، الذي اتهمت إسرائيل فيه ايضا. يجب أن نذكر أن الانفجار ذاته في السفينة كان الانفجار الأخير من سلسلة هجمات بحرية ضد إيران، اختارت طهران الرد عليها بهجمات على سفن تجارية تمتلكها شركات إسرائيلية خلال أقل من شهرين.
ثمة تصعيد تدريجي، حيث في الخلفية تم استئناف المحادثات النووية بين إيران والدول العظمى والتي هدفها النهائي هو العودة الى الاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه في العام 2015. هذا هو الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قبل ثلاث سنوات. صباح أول من أمس، وصل الى البلاد في زيارة عمل اولى، وزير الدفاع الأميركي الجديد، لويد اوستن. في نهاية الشهر الحالي يتوقع أن يزور رئيس الاركان ورئيس «الموساد» واشنطن، حيث سيكون الموضوع الاول على الاجندة هو المفاوضات النووية.
حسب صحيفة «نيويورك تايمز»، سبق مهاجمة السفينة الإيرانية في البحر الاحمر بلاغ إسرائيلي للولايات المتحدة على خلفية تواجد حاملة طائرات أميركية في المنطقة. فهل في هذه المرة أيضا، إذا كان الامر يتعلق بهجوم سايبر إسرائيلي، تلقت الولايات المتحدة تحذيرا مسبقا؟ الجواب عن هذا السؤال يوضح الكثير بالنسبة لوضع العلاقة بين رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والادارة الأميركية الجديدة. عاد نتنياهو وانتقد عودة أميركا الى الاتفاق في خطاب ألقاه في ذكرى «يوم الكارثة»، الاسبوع الماضي. ولكن هل هذه كانت عملية منسقة أو على الاقل معروفة مسبقا من قبل الولايات المتحدة، هذا موضوع مختلف تماما.
وقعت الحادثة في نتانز غداة اليوم النووي الإيراني، الذي استغله الرئيس حسن روحاني للاعلان عن تقدم آخر في المشروع، وهو المشروع الذي يواصل النظام الادعاء، رغم كل البينات التي تنفي ذلك، بأنه تم تخصيصه للاحتياجات المدنية فقط. في هذا الاطار احتفل الإيرانيون بتطوير قدرات تخصيب اليورانيوم في نتانز بوساطة أجهزة طرد مركزي جديدة من نوع «آي.آر 5»، التي حسب ادعاء روحاني ترفع بعشرة أضعاف وتيرة التخصيب. أيضاً يشكل هذا خرقاً للاتفاق النووي، خرقا جديدا في سلسلة تراكمها إيران كوسيلة مساومة قبل استئناف المحادثات في فيينا. في المحادثات ذاتها، التي يتوقع أن تجري، غدا الاربعاء، تم الابلاغ عن حدوث تقدم معين.
في السابق، حسب مصادر أميركية وتقارير في وسائل الاعلام الدولية، نجحت هجمات سايبر وحتى انفجارات في وسائل اخرى في أن تعيق بدرجة معينة وصول إيران الى الذرة. هذا ما حدث في قضية الفيروس «ستوك سنت» قبل عشر سنوات تقريبا، التي تم النشر عنها لأنها كانت عملية أميركية – إسرائيلية مشتركة. وهكذا، بعد الحادثة السابقة في نتانز في السنة الماضية، نشر أنها تسببت بتأخير كبير آخر في المشروع النووي.

ساعة سياسية حساسة
هل الى جانب الرسائل لبايدن وروحاني والزعيم الروحي الاعلى في إيران، علي خامنئي، يرسل نتنياهو ايضا رسالة للساحة السياسية الداخلية في إسرائيل؟ على الاقل في المسألة الإيرانية لا يوجد خلاف معروف بين نتنياهو وشريكه – خصمه، وزير الدفاع بني غانتس. يتبع غانتس بشكل علني الخط المتشدد الذي يطرحه نتنياهو بخصوص إيران. الاثنان سيعقدان لقاء أول وجها لوجه، ليس عبر «زووم» وليس ظهرا الى ظهر في الكنيست، بل في احتفال رفع الكؤوس قبل عيد الاستقلال، مع اعضاء هيئة قيادة الاركان العامة في الجيش الإسرائيلي.
حتى الآن، الهجمات المنسوبة لإسرائيل تحدث في ساعة سياسية حساسة. وتصعيد سياسي يمكن أن يكون هو القشة التي ستقصم روح المعارضة لدى نفتالي بينيت وبتسلئيل سموتريتش، اللذين ما زالا يرفضان، كل لاعتباراته الخاصة، الانضمام الى حكومة اليمين (الخالص) التي يقترحها نتنياهو (اذا تجاهلنا الدعم الذي يريد تجنيده من جانب اعضاء الكنيست من «راعم» – اعضاء الحركة الاسلامية). هنا يوجد خليط غير صحي لاعتبارات أمنية وسياسية.
وسائل الرقابة على نشاطات جهاز الامن توجد في حالة سبات. «الكابنيت» الامني تقريبا لا ينعقد، وفعليا هو لا يعمل منذ بضعة أشهر. لجنة الخارجية والامن لم تبدأ بعد بالعمل بعد أداء الكنيست الجديدة لليمين. ووسائل الاعلام، بشكل واضح، تنشغل في متابعة الفراشات السياسية ونظريات المؤامرة المزيفة.
لجنة رؤساء الاجهزة، التي تنسق نشاطات الجيش الإسرائيلي و»الشاباك» و»الموساد»، لم تعد كما كانت. العلاقات داخل المثلث الذي يشمل رؤساء الاجهزة الثلاثة ليست حسنة، والمنافسة بين هذه الاجهزة كبيرة رغم وجود تعاون عملياتي مثمر في جزء من الساحات. حتى حول فترة ولاية الثلاثة الكبار توجد علامات استفهام. رئيس الاركان، افيف كوخافي، ما زال ينتظر الاعلان عن تمديد فترة ولايته سنة رابعة تبدأ في كانون الثاني القادم، كما هو متبع، (وزير الدفاع السابق، افيغدور ليبرمان، كان اكثر سرعة عندما صادق في مرحلة مبكرة على تمديد ولاية رئيس الاركان السابق، غادي آيزنكوت). فترة ولاية رئيس «الموساد»، يوسي كوهين، تم تمديدها نصف سنة حتى حزيران، وتم تعيين بديل له ايضا، لكن في حينه تدخل المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، وأعلن أنه ربما تكون هناك مشكلة في المصادقة على التعيين في فترة حكومة انتقالية.
في حين أن رئيس «الشاباك»، نداف ارغمان، الذي كان يمكن أن ينهي فترة ولايته، الشهر القادم، استجاب لطلب نتنياهو بتمديد ولايته اربعة اشهر (بعد الظهر صادقت الحكومة على التمديد). ولكن هذا التمديد لم يأت في ظروف عادية: يريد نتنياهو أن يعين في هذا المنصب رئيس هيئة الامن القومي، مئير بن شبات، المقرب منه. هذه الفكرة ووجهت بمعارضة كبيرة من قبل غانتس وتحفظ داخل الجهاز، على خلفية التقارب بين بن شبات ونتنياهو. من هنا يأتي تمديد فترة ولاية ارغمان. ايضا هذه في الأجهزة الثلاثة ليست ظروفا سهلة لادارة معركة معقدة جدا.

عن «هآرتس»