لعل من أكثر المواد التي تضمنتها الموازنة العامة العراقية، التي تم إقرارها من قبل مجلس النواب العراقي قبل أيام، لفتا للأنظار والإعجاب تخصيص موازنة خاصة بالنوع الاجتماعي وتمكين المرأة، والتي تعد نصرا لجهود ودعوات قادتها لجنة المرأة والطفل في البرلمان العراقي، ومجموعات واسعة من المنظمات الحقوقية المدنية والنسوية.
وقد كانت صاحبة المبادرة في اقتراح إدراج وتخصيص موازنة جندرية ضمن قانون الموازنة العامة، وعرابة الفكرة النائبة عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب ريزان شيخ دلير، التي كشفت في حوار مع تفاصيل إقرار هذه المادة المهمة، وما بذلته هي وزميلاتها من جهود مضنية في سبيل تمريرها واعتمادها.
وتقول ريزان شيخ دلير: "عند تقديم مشروع قانون الموازنة العامة، لاحظنا خلوها كالعادة من أي فقرات تنص على مخصصات جندرية، وطيلة الأعوام المنصرمة من 2014 وحتى 2017، حيث كنت عضوة في مجلس النواب آنذاك أيضا، كنت قد تقدمت بطلب للجنة المالية بالبرلمان، لتخصيص موازنة جندرية خاصة بالمرأة العراقية، لكن مع الأسف كان يتم إغفال طلبنا ورفضه".
وتضيف "هذا العام أيضا بادرت بالمطالبة بتخصيص موازنة جندرية في قانون الموازنة لسنة 2021، وقمت بمداخلة أثناء إحدى جلسات البرلمان حول الموضوع، وطرحت الطلب رسميا كعضو في لجنة المرأة بالبرلمان، وقد اعتمدته لجنة المرأة بالحرف وأرسلته للجنة المالية بالبرلمان، لكن عندما رأينا عدم تلبية طلبنا، قمت بزيارة رسمية للنائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، وشرحت له دوافع طلبنا وضروراته الملحة، لترجمة شعارات المساواة وتمكين المرأة التي ترفعها الحكومة، وضمان مشاركتها في مختلف ميادين الحياة، وأن أوضاع النساء العراقيات المأساوية، تقتضي إنصافهن وتخصيص موازنة لهن، وكانت نتائج هذا اللقاء إيجابية، حيث وفي اليوم الأخير تمكنا بجهد كبير من إضافة مادة خاصة، باعتماد موازنة جندرية لتمكين المرأة ضمن مواد وفقرات، قانون الموازنة العراقية العامة للعام الجاري".
وتتابع ريزان: "نحن نسعى الآن كلجنة المرأة في البرلمان العراقي، بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية والمنظمات المدنية والنسوية، لتفعيل هذه المادة بأقصى سرعة، ومتابعة تطبيقها من قبل الحكومة، عبر وضعها موازنة محددة لها عن طريق الأمانة العامة لمجلس الوزراء، كون المادة لم تخصص مبالغ معينة، الأمر الذي سيكون له وقع إيجابي على تطبيق القرار عمليا وتنفيذيا، وبما يسهم في تحسين وضع المرأة العراقية والارتقاء بواقعها، وتوسيع آفاق مشاركتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا".
وتستطرد: "اعتماد هذه الموازنة الجندرية سيشكل حافزا لتفعيل واستحداث موازنات جندرية مماثلة، في مختلف مفاصل الحكم والإدارة في الدولة، خاصة وأن الأقسام الجندرية في مختلف الوزارات العراقية لا تملك موازنات خاصة بها كأقسام اعتبارية، وسيسهم نجاحنا في إقرار الموازنة الجندرية ضمن الموازنة العامة، مثلا في تنفيذ مشاريع ومبادرات التوعية بحقوق المرأة وحقوقها، في مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية فنحن نتذكر قبل بضعة أيام مع الأسف، كيف أن منتسبا لقوى الشرطة في مدينة البصرة، اعتدى بالرصاص الحي على طليقته بسبب خلافهما على نفقة ابنته، فوزارة الداخلية التي تعجز والحال هذه عن توعية منتسبيها ورجال شرطتها، بأبسط مبادئ حقوق المرأة والقانون، كيف يمكن لها وللحكومة عامة إذن، الإسهام في توعية المجتمع وإرشاده".
وتختم البرلمانية الكردية العراقية، حديثها إلى "سكاي نيوز عربية" بالقول: "علينا جميعا كحكومة ووزارات ومنظمات مجتمع مدني ومجلس نواب وبرلمانيين العمل على مراقبة حسن سير تطبيق هذه المادة، التي تشكل سابقة في تاريخ الدولة العراقية، وبوصفها مكسبا كبيرا لنضالات المرأة وإحقاق حقوقها، ليس في العراق فقط، بل في كامل المنطقة".
المصدر: سكاي نيوزعربية