اليوم استقلالنا .. وذكرى استشهاد ابني

459a09d0c2017f29140c5fc82c8f4e65
حجم الخط

كنت أعمل في جريدة الأيام وكان يوم 15/11/2007 يوم اجازة بمناسبة عيد استقلال فلسطين الذي لم يكتمل .. صحوت مبكراً وذهبت الى السوق ,, سوق مخيم الشاطئ الذي احن اليه كثيرا , رغم تغيير مكان سكني من هذا المخيم الا ان حنين الطفولة يشدني اليه في كل اجازة عمل.

وعند عودتي للبيت جلست قليلاً واذا برنين الجهاز المحمول وكان على الطرف الاخر احد أصدقائي من كتائب شهداء الاقصى وأخبرني ان محمد قد أصيب في قصف اسرائيلي على منطقة بيت حانون , تريثت قليلا قبل ان أخبر زوجتي بالخبر ... وبعدها اتصل بي صحفي يعمل معنا وأخبرني اين محمد ؟ فقلت له خارج البيت ولم يكمل .. عاودت الاتصال بالصديق الكتائبي وقال لي الخبر الكامل ,,, احتسب محمد شهيدا عند الله ...

صدمت في بادئ الامر ,,, ولكن صدمتي لم تكن كبيرة لأنني فعلاً كنت مهيئأ لهذا اليوم , فقد عرفت ان ابني محمد الذي يعمل في حرس الرئيس"قوات 17" كان أجمل عسكري رأيته في حياتي , في بدلته المرقطة ورشاشه في يده , كنت ازوره في مكان عمله في مجمع أنصار ,, كان قادته يحدثوني عنه وعن رجولته رغم حداثة سنه فكان لم يتجاوز التاسعة عشر من عمره ,
كنت اراه رجلاً وهو في الاعدادية ,, كان مدير مدرسته يقول لي انه اكبر من سنه بكثير...
تأخر في احد الليالي وكان في الثانوية العامة وكنت سأخلد للنوم , فقالت زوجتي كيف تنام وابنك خارج البيت في ساعة متاخرة من الليل .... انتظرته حتى عاد فتحت له باب المنزل واذ بيده رشاش ,, قلت له ما هذا يا ابني فقال لي رداً لم أنسه طول حياتي ... انت يا ابي اعتقلت عند الاسرائيليين وانت في الثانوية العامة وانا" مثلك فرخ البط عوام ",, صمت قليلا وقلت له ,, ودراستك ؟ فقال لي لا تخف ....
ودعته يوم استشهاده وكأني اراه لاول مرة ,, كان اصدقائي يبكون يوم استشهاده وانا أرَبت عليهم ... لم ادري من اين جاءت لي هذه القوة ,, لم ابكي يوم استشهاده رغم انني من اصحاب الدمعة القريبة ,, من الممكن ان يبكيني بكاء طفل ...
ولكن للسنة الثامنة على التوالي اعتبر يوم الاستقلال هو يوم الشهادة والعطاء والوفاء للوطن وللشعب

رحمك الله يا محمد واسكنك فسيح جناته وجعلك مع الانبياء والصديقين والشهداء