وقاحة اميركية وتدخل مرفوض

حجم الخط

بقلم عمر حلمي الغول 

 

الوقاحة والفجور والتغول الأميركي ليس جديدا على البشرية، والتدخل في شؤون وتاريخ ومستقبل الشعوب احد محددات السياسة الأميركية منذ تبوأت أميركا مركز الصدارة في القرار السياسي الدولي، وتحديدا بعد الحرب العالمية الثانية 1945 مع توليها رسميا وعمليا قيادة معسكر الرأسمال الغربي، وانحيازها لدولة المشروع الصهيوني المطلق والأعمي غير مسبوق، لإنها تعتبر واحدة من اهم ادواتها في الهيمنة والسيطرة على الوطن العربي والشرق الأوسط الكبير لتحقيق اهدافها ومصالحها الحيوية في الإقليم. وعلى هذا الأساس لعبت اميركا دور الشرطي وقابض الأرواح والأنظمة السياسية والعبث بمصير الشعوب كما يحلو لها، ووفق اجندتها واطماع اباطرة رأس المال المالي.

في سلوك عدواني ووحشي ليس الأول على الشعب العربي الفلسطيني، ولن يكون الأخير طالما بقيت مستيدة على العالم، وأسيرة الأسر الأميركية ال13 المتحكمة بالرأسمال العالمي، وخاصة العائلات اليهودية الصهيونية: روتشيلد وركفلر ومورغان وادلسون … وغيرها، وبحكم إنحيازها غير المسبوق الى دولة الإستعمار الإسرائيلية، يعتزم الكونغرس الأميركي وضع منهاج تدريسي جديد للفلسطينيين حسب ما ذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” يوم الأحد الموافق 18 ابريل الحالي. واشارت الصحيفة بأن مجموعة من المشرعين الأميركيين في الكونغرس يعملون على تغيير المنهج التعليمي الفلسطيني بذريعة، انه يتضمن تدريس مواد “معادية للسامية” وأخرى “تحريضية”. وانه تم تقديم مشروع القانون في نهاية ولاية الكونغرس السابق، أي في عهد ترامب الإفنجلياني، وصاحب ما يسمى صفقة القرن، وأعيد تقديمه مجددا قبل اسبوعين، إستنادا إلى دراسات مراكز متخصصة لإظهار ما يوصف ب”التحريض.”

وحسب موقعها الإليكتروني، فإن تلك الخطوة تأتي على خلفية إعلان إدارة بايدن إستئناف تمويل المساعدات الإنسانية للاونروا، والسلطة الفلسطينية، وأن تلك الخطوة الجريمة تعتبر جزء من مشروع قانون يهدف إلى تعزيز “السلام والتسامح” من خلال منهاج تعليمي فلسطيني جديد. وقالت ذات الصحيفة، ان المشرعين الأميركيين يعتمدون في دراستهم الجديدة على وجود حذف فلسطيني متعمد من المناهج لجميع عمليات السلام مع إسرائيل عبر التاريخ  مثل “خارطة الطريق”، وإتفاقية واي ريفر، وحتى اتفاقية السلام مع الأردن، وبالمقابل تعتمد التشجيع على “معاداة السامية” و”الإرهاب والعنف والشيطنة والتحريض ضد إسرائيل واليهود”.

من يقرأ العناوين الرئيسية المعتمدة لدى المشرعين الأميركيين، يلحظ الآتي: اولا الخلط المتعمد والمقصود بين المنهاج الفلسطيني و”معاداة السامية”، ومحاولة نزع الخلفية السامية عن الشعب العربي الفلسطيني، وألصاقها زورا وبهتانا باتباع الصهيونية من يهود الخزر، الذين لا يمتوا بصلة للسامية؛ ثانيا يتجاهل المشروعون الأميركيون الصهاينة والمتصهينيين عن سابق تصميم وإصرار الرواية الصهيونية المزورة والكاذبة، والمنهاج الصهيوني القائم على قلب حقائق التاريخ والموروث الحضاري للشعب العربي الفلسطيني في ارض وطنه الأم فلسطين، ليس هذا فحسب، انما يغمضون اعينهم كليا عن العنصرية القاتلة والمتوحشة والمعشعشة والمتجذرة في المجتمع الكولونيالي الصهيوني، والذي وصل مرحلة الفاشية، والآن ترسمت الكاهانية الفاشية ممثلة ب”بن غفير” و”سموتيريتش” ومن لف لفهم في الكنيست الصهيوني ال24، كما ويتجاهلون بشكل وقح المنهاج التعليمي الصهيوني المعادي “للسامية” والسلام والتسامح وحقوق الإنسان، والمنتج للإرهاب والجريمة المنظمة، والتطهير العرقي؛ ثالثا عن اي خارطة طريق وواي ريفر وإتفاقيات اوسلو من الفها إلى يائها يتحدث المشروعون الأميركيون، هل إلتزمت دولة البغي والعدوان بتلك الإتفاقيات؟ هل التزمت بالحد الأدنى من روزنامتها الزمنية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على اساس الإتفاقيات المبرمة وقرارات الشرعية الدولية؟ ليأت المشرعين الأميركيين بخطوة واحدة إلتزم بها قادة حكومات دولة الإستعماؤر الإسرائيلية تجاه حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، ألم يمض 28 عاما على اتفاقيات اوسلو، اين هي الآن؟ وماذا طبقت اسرائيل منها؟ وماذا قال عنها نتنياهو الفاسد، رئيس حكومة الدولة الصهيونية؟ ألم يقل انه سيدفنها عام 1996؟ واليس هذا ما حصل فعلا؟ وماذا نفذوا من واي ريفر؟ وماذا عن قانون “القومية الأساس للدولة اليهودية” المصادق عليه تموز / يوليو 2018؟ وماذا عن عمليات الضم والتهويد ومصادرة الأراضي الفلسطينية، التي ترتكب على مرآى ومسمع من العالم اجمع؟ وماذا عن قانون كامينتس ضد ابناء الشعب في الجليل والمثلث واللنقب ومدن الساحل المختلطة؟ وماذا عن قانون الإعتقال الإداري المرفوض دوليا، ومازالت تطبقه صباح مساء على ابناء الشعب العربي الفلسطيني؟ وماذا نعدد للمشرعين الأميركيين ومن يمول مشروعهم القبيح من جرائم ومجازر دولة الموت الإسرائيلية؟

وليعلم المشرع الأميركي جيدا، ان الشعب العربي الفلسطيني، هو شعب التسامح والسلام، والمنادي والمتمسك بالسلام والتعايش، ويرفض الحرب والعنف والإرهاب بكل اشكاله ومسمياته وخلفياته، وهو الشعب الرافض كليا للربط بين اتباع الديانة اليهودية والحركة الصهيونية. لإن الصهاينة ليسوا كل اتباع الديانة اليهودية، لا بل هم من إغتصبها لإغراض إستعمارية، وعبثوا بها إسوة بمن قام تاريخيا بتزويرها وتشويهها، وليسوا ساميين.

وحتى لو كان بينهم من اتباع العرق السامي، فإنهم نزعوا عن انفسهم الصفة السامية. وبالتالي ان كان ولا بد من مراقبة للمنهاج التعليمي، فليتم للمنهاج الصهيوني المنتج للعنف والجريمة والإرهاب، وليس للمنهاج الفلسطيني، الذي لن يتخلى عن روايته الوطنية مهما كان الثمن. وسيدافع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإقامة الدولة المستقلة والسيدة وعاصمتها القدس الشرقية، وبذات الوقت سيبقى متمسكا بخيار السلام والدفاع عنه رغم كل جرائم دولة المشروع الصهيوني الفاشية.