ما من ثريد أو مرق في العرس المختلق!

حجم الخط

بقلم: حمدي فراج

 

تقول الطرفة ان الاطفال الذين يلتفون حول "جحا" ، يضايقونه ويزعجونه، وكان يتخلص منهم بطرق مختلفة، وفي احدى المرات قال لهم ان هناك عرسا في طرف القرية يوزعون فيه الثريد والمرق، فانطلقوا بحثا عن العرس، وخلال عدة دقائق رأى الناس يهرعون، فسأل احدهم الى اين، فأجاب الى العرس، ساوره بعض الشك في ان هذا "عرسه المختلق"، لكنه قال وهو يحث حماره نحو العرس، فماذا لو كان هناك عرس حقيقي وثريد ومرق ؟

قبيل اصدار مراسيم الانتخابات ، قالت فتح وحماس انه بها ومن خلالها ستتم المصالحة بينهما، وكان هذا كافيا لكي يدرك المواطن الفلسطيني انها ليست انتخابات لذاتها، بمعنى انها ليست الهدف، بل وسيلة لهدف آخر لا يعني الناس كلهم، بل يعني الحركتين المتنازعتين والحاكمتين. صحيح ان الهدف / المصالحة امر نبيل ويترك اثره الطيب والايجابي على الكل الفلسطيني وربما العربي والعالمي الصديق، لكن الناس في الدول المتحضرة، لا يجرون الانتخابات لأي غاية اخرى غير غاية الانتخابات المتركزة في تجديد الشرعيات او تدويل الحكم .

في فلسطين المحتلة، التي صدر مرسوم انتخاباتها متأخرا خمس عشرة سنة ، على مساحة زمنية مدتها ثمانية اشهر ، على ثلاث مراحل ، ليس من اجل حق الناس في اختيار ممثليهم، بل من اجل الحركتين الكبيرتين، واذا دققنا اكثر قليلا في ذلك لوجدنا ان المراسيم صدرت بعد ان ضمنتا تقريبا انهما ستحتفظان بما هو موجود بين ايديهما، ولهذا دار الحديث مطولا عن قائمة موحدة ، ومرشح رئاسي واحد، وبعد ان فشل ذلك، تحدثتا عن حكومة موحدة، لكن ليس رئيسا واحدا، بل الاسير مروان البرغوثي الذي تعطيه استطلاعات الرأي الاسبقية بنسبة كبيرة، آخرها مركز القدس للإعلام والاتصال.

البرغوثي عضو اللجنة المركزية لم يتم الاعلان عن فصله بعد، كما حدث مع زميله وشريكه ناصر القدوة، ربما لان موعد انتخابات الرئاسة لم يحن بعد.

هل سأل أحد منا نفسه لماذا لم تجب اسرائيل بعد، عن موقفها من الانتخابات وبالتحديد القدس منها، رغم انها "عاصمتها الموحدة والابدية"، قبل ترامب وبعده ؟

لم تجب سلبا او ايجابا، وقد مضى على ذلك حوالي ثلاثة اشهر منذ اصدار المراسيم اواسط كانون الثاني الماضي ، بمعنى انها تبقيها ورقة معلقة، تخرجها حين يحين موعدها، وهي تدرك ان السماح للمقدسين بالمشاركة في الانتخابات لا يغير شيئا في جوهر عاصمتها "الموحدة والابدية"، القيادات الفلسطينية تدرك ذلك ايضا، والمقدسيون انفسهم كذلك، لماذا ؟

لأن هذه ثالث انتخابات رئاسية وتشريعية شاركوا فيها دون ان يتغير اي شيء في ثوابت كل طرف او حتى تغيير البطاقات المقدسية الزرقاء الى خضراء .

الانتخابات ليس من اجل الانتخابات التي لم يحدد المرسوم موعدها التالي إن كان بعد خمس سنوات او عشر او حتى عشرين ، والمقدسيون مشاركتهم من عدمها لا تغير شيئا في حقيقية عاصميتها ولا من حقيقية انتمائهم ، وما من ثريد وما من مرق، لأن ليس هناك عرس اصلا .