يبدو أن دولة الكيان العنصري في تل أبيب، عليها أن تتقدم بكثير من "التقدير الخاص" للحالة الحزبية الفلسطينية، التي تجاهلت بشكل غريب أحد اهم التقارير السياسية – القانونية الصادر عن مؤسسة دولية، وهو الأول من تلك المنظمة التي مقرها نيويورك، حيث اعتبرت "هيومن رايتس ووتش"، ان إسرائيل باتت دولة فصل عنصري (أبارتهايد) تمارس اضطهاد شعب وسكان البلاد الأصليين، وأعاد للذاكرة الإنسانية ما كان عليه النظام العنصري بجنوب أفريقيا.
ورغم صدور بعض البيانات "الخجولة جدا" من رئاسة السلطة في رام الله وبعض قوى وهيئات، ترحب بما ورد في التقرير الأهم، منذ أن أسقطت أمريكا قرار الأمم المتحدة حول اعتبار الحركة الصهيونية حركة عنصرية 3379، الا أنها سريعا أدارت ظهرها للقيمة "التاريخية" التي وردت في التقرير، وعادت لتنشغل بتفاصيل مصالحها الحزبية – الفئوية.
ويبدو أن دولة الكيان وأجهزتها الأمنية، نصبت "فخا سياسيا" للمكونات الحزبية الفلسطينية، وسلطتي الأمر الواقع في رام الله وقطاع غزة، بتسريب خبر، ان حكومة الكيان غير معنية بالانتخابات، وهي لم تعلن رفضها، فبات الخبر شبه الوحيد على طاولة "فصائل النكبة" وأدواتها نقاشا.
بات تقرير اعتبار دولة الكيان، أنها تمارس الفصل العنصري واضطهاد شعب فوق أرضه، خبرا ثانويا، امام "تسريبة" أمنية إسرائيلية حول الانتخابات، ومعها بعض تصريحات لمن ابتلى بهم الشعب الفلسطيني منذ رحيل الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، لينحرف النقاش من فتح كل نيران الإعلام الفلسطيني، الرسمي وغير الرسمي، بكل اللات الممكنة، وعقد مؤتمرات تقدم بالوثائق والأرقام كل ما يؤكد تقرير المنظمة الدولية، ليصبح حديث العالم، الى لما ستتأجل الانتخابات، رعبا أم استسلاما...
كان مطلوبا من "الرسمية الفلسطينية" في رام الله أن تشكل ورشة عمل إعلامية، لشرح القيمة السياسية – القانونية للتقرير الأممي، خاصة وأن المنظمة التي أصدرته، هي من بين "أدوات أمريكية" تستخدمها في ممارسة الضغط على دول تحت بند "حقوق الإنسان"، ويبدو أن حجم العنصرية التي راقبتها المؤسسة الدولية، لم تتمكن معها من التستر طويلا على عنصرية دولة ترى أنها فوق القانون، تحت حماية أمريكية صريحة.
لم نر مؤتمرا أو بيانات خاصة باللغات الحية غير العربية تشير للتقرير، بل أن ما صدر أكد "تيه" من يمسكون بسلطة القرار، وتجاهلوا فتح جبهة شاملة لفضح كل أشكال العنصرية والاضطهاد التي تمارسها دولة الكيان، ليس فقط ما يتعلق بجرائم الحرب في الضفة والقدس وقطاع غزة، استيطانا وتهويدا، بل هناك قرار "القومية اليهودية" و"دولة اليهود" وحرمان 20 % من السكان الفلسطينيين العرب في إسرائيل من حقوقهم القومية، وتحويلهم الى أقلية سكانية فاقدة للهوية القومية.
أن تتجاهل الفصائل المكونة للواقع السياسي في فلسطين، قيمة التقرير "التاريخي" لصالح "مهزلة الانتخابات" تكشف زيفهم بالحرص على القضية الوطنية، ومشروعها، وغرقوا في "التنقيب" عن أبعاد التسريبة الأمنية الإسرائيلية، وهل الرئيس محمود عباس وتنظيمه يبحث ذريعة التأجيل أو الإلغاء خوفا من "فوز ساحق" لحماس كما يهذي بعض كتبتها، أم ان سفر مندوبه حسين الشيخ الى قطر لترتيب "صفقة ترضية" مع حماس عبر الدولة الراعية قطر...
تفاصيل التفاصيل في مسألة يدرك الطفل السياسي أنها مضيعة لوقت الشعب أسموها انتخابات تريد انتاج "أوسلو الإسرائيلي" بعدما اغتالت تل أبيب كل ما به لفلسطين، يبحثون حرف المسار الحقيقي من مواجهة عدو محتل وسبل فك الارتباط وفق قرارات أممية منحته كل الحق، بإعلان دولته لتصبح معركة الشعب لها وعنها، لكنهم اختاروا أسهل السبل بـ "الهروب الثوري" نحو انتخابات رايس - شارون وبن جاسم في نسخة جديدة، فكانت المفاجأة (لهم) أن دولة الكيان لا تريدها، لأنها تبحث تكريس كل انقسام أنتجته انتخابات 2006، التي اعتبرت "جائزة نوبل" التاريخية لمشروعها التهويدي – العنصري.
لا زال في الوقت بقية لتعيد مكونات المشهد الفلسطينية، فتح حربها الإعلامية لتعزيز ما قدمته الشهادة التاريخية لـ "هيومن رايتس ووتش" للمرة الأولى منذ تأسيسها أمريكيا لحصار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي 1978، مع قراءة رد فعل البيت الأبيض للتهرب من مسؤولية ما جاء اتهاما للكيان.
ورشة عمل سياسية – إعلامية لتعزيز كل ما ورد في تقرير "إسرائيل دولة فصل عنصري" بالوثائق والحقائق لتصبح هي الحدث وليس هرولة لمهزلة أخرى، لو حقا لا زال بكم بقايا وطنية فلسطينية...!
ملاحظة: كان ملفتا أن يستقبل الملك عبد الله وفدا من رجال الدين المقدسيين (مسلمين ومسحيين) على مائدة إفطار رمضاني...بعيدا عن مضمون اللقاء، ألم يكن أجدر بالرئيس الفلسطيني عباس القيام بذلك قبلا...ليس كما كان الخالد يفعل ولكن مرة واحدة في رمضان...القدس مش كلمة تائهة على اللسان يا سادة!
تنويه خاص: بعض مسؤولي فتح من جماعة "شربت قهوتك.. امشي"، و"الرئيس شايل أجبال" دخلوا في حالة من السبهللة لتبرير قرار رئيسهم بإلغاء الانتخابات... يوم الجمعة وجوه ستسود خالص...ومسبقا جهزوا كتب التقاعد الشامل فهو أشرف لكم...طبعا لو في عندكم "شرف" وطني أصلا!