واجه مسلسل "نسل الأغراب" العديد من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية عرضه لأسباب مختلفة، معظمها متعلق باختيارات الأبطال وطريقة أدائهم، إلا أن أبرز ما يعاني منه المسلسل هو السيناريو الذي يصل في بعض الأحيان لحد الكوميديا.
القصة في مجملها جيدة، فالخطوط العريضة تجعل منها قصة شيقة جديرة بالمتابعة، ولربما كانت ملحمة من ملاحم الدراما المصرية، لكن المشكلة أن محمد سامي المخرج في الأساس لم يكن مؤهلا لكتابة سيناريو وحوار المسلسل، وكان من الأفضل له إعطاء الفكرة لسيناريست متمرس في الدراما الصعيدية ليكتبها.
السيناريو عاني كثيرا من المشاكل، لعل أبرزها الحوار الطويل الذي لا فائدة منه، فهناك بعض المشاهد التي تستمر لمدة 5 دقائق أحيانا وتكون مليئة بالكلام الذي يشبه الخطب والمواعظ وحكايات ما قبل النوم، وحذفها من المسلسل لن يؤثر على سير الأحداث، بل إن بعض الحلقات يمكن أن يكون بها مشهد أو مشهدان مهمان والباقي ليس له أي أهمية.
وبعيداً عن الحوار الذي كان يمكن اختصار أكثر من نفسه فإن البناء الدرامي ضعيف، وضعفه هنا لا يعني قلة خيوطه الدرامية، بل على العكس تماماً فخيوط المسلسل الدرامية كثيرة ومتشعبة، وربما تكون هذه نقطة الضعف الثانية، لأن مؤلف المسلسل لم يستطع السيطرة على الشخصيات بعد وضعها على الورق، وأصبح الأمر أشبه بمن فتح قفص الغزلان لتهرب منه جميعا، ويبدأ هو في مطاردتها لإعادتها مرة أخرى ولكن دون جدوى.
وبعيداً عن هذا فإن التفاصيل أيضاً لم تكن جيدة، فالمسلسل تجاهل قوانين الشرطة، فكيف استطاع رئيس المباحث "علي الغريب" الذي يجسد شخصيته الفنان دياب أن يدخل كلية الشرطة وكانت عائلته كلها تقوم بقتل بعضها، فكيف مر من كشف الهيئة الذي يتم قبل الموافقة عليه في كلية الشرطة، والذي يتم استبعاد أي شخص مرشح يكون هناك فرد في عائلته عليه سابقة جرائم.
دعك من هذه الملاحظة، الأسوأ من ذلك أن "علي الغريب" أصبح رئيس مباحث المركز الذي ولد فيه "مسقط رأسه"، وهو أمر لا يحدث في الشرطة، فالشخص لا يخدم في منطقة مسقط رأسه، والأسوأ هو أن جميع الضباط المساعدين له في قسم الشرطة صعايدة وهو أمر غير منطقي، فقسم الشرطة في الصعيد ينتدب فيه ضباط من القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وكل محافظات مصر وليس حكرا على الصعايدة.
نقطة أخرى كانت طريفة في العمل خاصة بـ "دهب الأغراب"، وهو الذهب الذي كانت تملكه العائلة منذ 20 عاما، والذي أكد الفنان حمدي هيكل في أحد المشاهد أنه 3 أطنان، والطن يساوي 800 مليار جنيه، وهو رقم غريب لا يملكه أي شخص في مصر وربما في أفريقيا، فما بالك إذا كانت هذه الثروة من 20 عاماً، وتستغرب أكثر عندما تعلم أن آخر الشركات الأجنبية التي دخلت مجال التعدين في مصر تنفق سنوياً مليار دولار كاستثمارات في مجال التعدين، وهو ما يعني أن الحصول على كمية ذهب تساوي تلك الكمية تحتاج لثروة ووقت كبير.
دعك من تشابك العلاقات بين أبناء العم بشكل غير منطقي، فجميع الرجل يحبون جميع النساء، الكل يحب ويتزوج من داخل العائلة، والجميع قلوبهم مفطورة بسبب زواج حبيباتهم من أبناء أعمامهم الآخرين، والجميع يعمل مع أعدائهم وقتلة عائلاتهم، تشابك غير منطقي يصل للكوميديا في بعض الأحيان.
كما قلنا القصة جيدة في خطوطها العريضة لكن سير أحداثها وترابطها الدرامي والسيناريو والحوار كانوا يحتاجون لسيناريست متمرس لديه القدرة على ربط تلك الخيوط بطريقة أكثر منطقية.