بعد مرور أسبوع على رفع حواجز الشرطة من منطقة باب العامود، وبعد بضعة أيام من الهدوء النسبي في المواجهات بين رجال الشرطة وبين الفلسطينيين في المنطقة، فان التوتر في شرقي القدس عاد الى الازدياد. سبب ذلك هو الخوف من دخول المستوطنين الى بيوت في حي الشيخ جراح بعد أن واجهت عائلات فلسطينية كثيرة في الحي سلسلة من القضايا القانونية، وأصبحت معرضة لخطر الاخلاء الفوري من بيوتها. وهناك حوار حذر في الموضوع في الشبكات الاجتماعية وفي الشارع. وقامت الشرطة، مؤخرا، بتفريق مظاهرات بالقوة في الحي، واعتقلت عدداً من المتظاهرين. في إحدى المظاهرات اصيب يهودي من سكان المدينة بحجر القي على رأسه، واحتاج الى تلقي العلاج.
ولكن هذا التوتر ليس التوتر الوحيد الذي يمكن أن يشعل من جديد المواجهات في المدينة. سلسلة المناسبات، بعضها تم الاحتفال به وبعضها سيتم الاحتفال به في الايام القريبة القادمة، تزيد اليقظة في شرقي القدس. بدأت الايام العشرة الاخيرة في شهر رمضان، والتي تعتبر أيام توتر في كل سنة. وكوسيلة حذر ابلغت الشرطة النشطاء في الحرم بأنه سيتم اغلاق الحرم امام دخول اليهود في هذه الايام، باستثناء يوم القدس الذي سيصادف الاثنين القادم، وهو يوم آخر يزيد التوتر في المنطقة بسبب «مسيرة الاعلام»، التي يقوم فيها عشرات آلاف الشباب اليهود المتدينين بالسير في شوارع البلدة القديمة، ويسيرون ايضا في الحي الاسلامي. اضافة الى ذلك، في الاسبوع القادم سيحتفل المسلمون بليلة القدر، التي فيها حسب التقاليد نزل القرآن على النبي محمد، والتي فيها يجتمع كل سنة مئات آلاف المصلين في الحرم. ايضا اعلان الرئيس محمود عباس تأجيل انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني يزيد التوتر.
تميز النصف الاول من شهر رمضان بقرار الشرطة اغلاق الدرج الذي يؤدي الى باب العامود بالحواجز، حيث اعتاد مئات الفلسطينيين الجلوس عليه في ليالي شهر رمضان. هذه الخطوة، التي تم تفسيرها بالرغبة في تنظيم حركة المشاة الذين يدخلون الى البلدة القديمة، أثارت الغضب في شرقي القدس، ونسب لها كثيرون المواجهات التي حدثت، مؤخراً، في المكان. على مدى عشرة ايام استخدمت الشرطة خراطيم المياه العادمة والفرسان وقنابل الصوت، وقامت باعتقال الكثير من الفلسطينيين المحتجين. في عدد من الحالات تم توثيق رجال الشرطة وهم يقومون بضرب شباب فلسطينيين بلا سبب. في المقابل، حدث عدد من الهجمات من قبل فلسطينيين ضد يهود وبالعكس، حيث وصلت ذروة التوتر في المظاهرة التي اجرتها جمعية اليمين المتطرفة لاهافاه في شوارع المدينة.
في الاسبوع الماضي قرر المفتش العام للشرطة، كوبي شبتاي، رفع الحواجز وفتح الدرج. اعتبر هذا القرار انتصارا كبيرا للشارع الفلسطيني في القدس. فرحة الانتصار ورفع الاعلام الفلسطينية في المكان أدت الى استمرار الاحتكاك مع الشرطة، لكن هذه استبدل بها مؤخرا مهرجانات رمضان الشعبية. بدأت، في المقابل، بلدية القدس بتنظيم مهرجانات ثقافية في المكان سعيا الى تهدئة النفوس.
مع ذلك، الى جانب الاحتفالات سمعت، مؤخراً، أيضا دعوات لتوسيع النضال الشعبي واستغلال زخم الانتصار في موضوع الحواجز من أجل الدفع قدماً بقضايا اخرى توجد على أجندة سكان شرقي القدس. دعوات مشابهة سمعت ايضا بعد المواجهات حول البوابات الالكترونية التي تم وضعها على مداخل الحرم في 2017. وبعد أن اضطرت إسرائيل الى ازالة هذه البوابات ظهرت دعوات الى استخدام الاحتجاج الشعبي الذي تبلور بهدف الاحتجاج ضد هدم البيوت واخلاء عائلات من احياء في شرقي القدس لصالح المستوطنين.
ولكن هذه المحاولة في ذلك الحين فشلت، ولم يتجاوز الاحتجاج حدود البلدة القديمة والمطالبة بالدفاع عن الوضع القائم في المسجد الاقصى. مؤخرا في الشيخ جراح يبدو أن محاولة توسيع الاحتجاج تنجح قليلا. يوم السبت تظاهر في المكان نشطاء عرب من أم الفحم ومن اماكن اخرى ضد اخلاء العائلات. وفي صباح الأحد الماضي نشرت دعوات من اجل المجيء الى الشيخ جراح بعد صلاة المغرب في المسجد الاقصى، واستجاب المئات وجاؤوا للاحتجاج في الحي.
في موازاة ذلك، جرت في المحكمة العليا جلسة استماع حول طلب الاذن بالاستئناف، قدمته اربع عائلات من الشيخ جراح ضد اخلاء بيوتها لصالح المستوطنين. ضغطت القاضية دفنه براك ايرز على الطرفين من اجل التوصل الى اتفاق بروح الاتفاق الذي عقد بين السكان وجمعيات اليمين في الثمانينيات. تضمن الاتفاق في حينه اعتراف الفلسطينيين بملكية اليهود للبيوت، وفي المقابل اعترف المدعون بالسكن المحمي للفلسطينيين هناك. أي أنه لا يمكن اخلاؤهم حتى موت السكان الاصليين.
الاتفاق الحالي كان يمكن أن يشمل بنودا مشابهة – اعتراف الفلسطينيين بملكية اليهود على البيوت مقابل الاعتراف بحق سكنهم المحمي. هذا الاتفاق يمكن أن يؤجل عمليات الاخلاء المتوقعة، لكنه سيعزز على المدى البعيد سيطرة اليهود على الحي. طلبت القاضية براك ايرز من الطرفين محاولة التوصل الى تفاهمات حتى الخميس القادم. ولكن محاولات النقاش بين المحامين لدى الطرفين لم تنجح حتى الآن، ويبدو أنه لم يتم التوصل الى اتفاق. في يوم الخميس ستبت براك ايرز في مسألة هل ستسمح للفلسطينيين بالاستئناف على قرار المحكمة المركزية لإخلائهم من بيوتهم أم لا.
عن «هآرتس»