مرت خمسة أعوام على إجراء آخر انتخابات للأمانة العامة لاتحاد الكتاب وقد انتهت الفترة القانونية للأمانة العامة بما لها وما عليها، وحان الوقت لإجراء الانتخابات التي تضمن تغيير الدم في عروق الاتحاد الذي شهد خلال سنواته الأخيرة تراجعاً واضحاً في حضوره وأدائه، وخمولاً في فعاليته الثقافية.
والحقيقة أنه يمكن رد الكثير من هذا التراجع إلى سنوات سابقة لعمل الأمانة العامة الحالية – التي أنا عضو فيها -، وهذا ليس من باب رد الحقيقة إلى غير مسار، بل إن ثمة الكثير من هذا التراجع مرده سنوات عجاف سابقة.
لكن أيضاً الحقيقة أن الجزء الأكبر من هذا القصور والخمول والتراجع مرده عدم فعالية الأمانة العامة الحالية وعجزها عن القيام بمهامها بشكل لائق.
أسهل شيء أن يسوق المرء المبررات والأعذار، وأظن أن واجب المسؤول ليس خلق الأعذار وابتداع الذرائع بل تقديم الحلول.
بمعنى أنه يمكن لأي شخص أن يقول إن هذا القصور بسبب كذا وكذا، ويمكن لهذه الأسباب أن تتسع لتشمل التراجع في الحالة الوطنية التي يشكل الانقسام وعدم وحدة الحال أهمها، كما يمكن رمي عبء كبير على كاهل الغيب وعلى شمّاعة الحالة المجهولة وعدم الاستقرار.
وإذا فتحنا قربة الأعذار فإن الريح الوافدة منها تكفي لتقنعنا بأن إنجاز المشروع الوطني أمر مستحيل وان قدرة خارقة وحدها يمكن أن تنقذ الاتحاد من ويلات تراجعه.
كما أن سوق الانتصارات وحده لا يكفي، إذ إن البطولات الدونكشتية وخرافات أبطال الحكايات عن القدرات الرهيبة لم تعد تقنع العجائز اللاتي يروينها.
حيث لا يمكن تصوير بعض التصرفات الصغيرة بوصفها منجزات كبرى، كما لا يمكن أن يكون ثمة قدرات خارقة وراء واجبات هي أقل ما يمكن أن يتم القيام به.
إن القول بهذه المنجزات لا يقل خطورة عن التبريرات الوهمية التي يمكن سوقها، لأنها تعني ضمن أشياء كثيرة حرف النقاش وشخصنته وتقديم الأداء السيئ بوصفه اجتراحاً لبطولة غير موجودة.
والحال كذلك فإن الحديث عن العمل ضمن ظروف قاهرة والحديث عن مؤامرة ليس إلا من باب تركيب أطراف اصطناعية للروبوت والقول إنه بات إنساناً.
الحقيقة دائما في مكان ما يسهل الزعم بامتلاكها، بل يسهل دائماً تغطيتها بطبقة من "كريمة" الأعذار والأداء البطولي، لكن الشيء الوحيد المؤكد حول الحقيقة دائماً أنها تكشف عن غيابها بمجرد التأكيد على وجودها، لأن وجودها لا يحتاج لمناقشتها.
بمعنى لو أن أمور الاتحاد على ما يرام لما خرج النقاش الكبير الذي يدور الآن حول أداء الاتحاد، والذي جعل بعض أعضاء الأمانة العامة للاتحاد وخاصة من غزة المهمشة في الاتحاد يكتبون على صفحاتهم وفي بعض المواقع حول الاتحاد وسوء حاله.
وعليه فإن الادعاء بأن الحقيقة هي شيء آخر هو تأكيد فعلاً على أن الحقيقة غير موجودة في الرد غير المقنع الذي يمكن تغليف الخطابات الجوفاء بها.
والحقيقة أن مستوى النقاش كان هابطاً خاصة بعض التصريحات والعبارات التي تم صوغها وشتم بعض الكتاب والمثقفين بها.
إن استحواذ الحقيقة على طريقة التطرف الأصولي والتكفير والتجريم والتخوين لا يمكن أن يصدر عن مؤسسة هي حامية التعدد والتنوع في الثقافة، وهي التي تنظم الحرية الفكرية وتعمل على صونها.
وإن الادعاءات الزائفة حول المنجز والتبرير اللذين ذكرناهما مصحوبة باتهامات لكتاب وشعراء مرموقين ليس إلا التأكيد على أن الاتحاد لم يعد اتحاداً للكتاب، بل هو مجرد مؤسسة اخرى.
إن المصلحة تقتضي أن يتم إجراء انتخابات حتى يقرر أعضاء الاتحاد المسار الذي يقررونه لمؤسستهم التي ترأسها كتاب وشعراء خالدون أمثال درويش وأبو سلمى وغيرهما بالطبع، وإعادة الاعتبار لمؤسسة كانت بوصلة الثقافة وليس مجرد لافتتها.
من المحزن أن يصل حال الاتحاد لهذا الحد الذي يجعله يفقد خصوصيته الأساسية في الوعي الثقافي الفلسطيني بوصفه مؤسسة تجمع ولا تفرق، بوصفه الحاضنة الكبيرة للكتاب على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم.
لم يعد الاتحاد للأسف بسبب بعض النزعات الفردانية والحنق الشخصي يشكل هذه الحاضنة ولم يعد يشكل نقطة جذب للكتاب ولا نقطة التقائهم. حيث بات الكثيرون يفكرون في هجره وتركه لأنهم لا يشعرون أنه يمثلهم ليس بمكانته المفقودة في الفعل الثقافي بل في عجزه عن القيام بالصفة التمثيلية التي يرونها فيه.
إن الحالة الجديدة التي يجب البحث عنها يجب أن تستند إلى العناصر المفقودة في مكانة الاتحاد.
يبدو هذا الكلام مهماً في ظل السعي الحثيث من المؤسسة السياسية وتأكيدها على ضرورة تجديد الشرعيات والعمل على تدعيم العمل المؤسساتي والديمقراطي في أداء الهيئات المختلفة، كما أنه يبدو أكثر إلحاحاً في ظل سعي حركة فتح إلى تجديد دمائها عبر الانتخابات التي تجرى في هياكل وأطر الحركة المختلفة وصولاً لعقد المؤتمر العام السابع.
إن عملية التغيرات الديمقراطية التي تصيب المؤسسات الحزبية لا يمكن أن تظل بعيدة عن الاتحاد ويظل عصياً عليها تحت ذرائع لا يعرفها أحد. بالطبع سيخرج من يقول إن الأمر سيتم قريباً، لكنني وبصفتي عضواً في الأمانة العامة كنا قد طالبنا في غزة بإجراء الانتخابات منذ عامين وجددنا طلبنا هذا في كل مرة.
يبدو إجراء انتخابات مخرجاً من الحالة الراهنة التي تعصف بالاتحاد، كما يبدو تنفيساً لحالة الاحتقان والنقاش اللتين تدوران حول مستقبل الاتحاد ورد الاعتبار له ولهيئاته.
ليس من شك أن الديمقراطية وحدها يمكن أن ترضي الجميع، ولكن ديمقراطية على أساس تصويب عمل الاتحاد ورده كحاضنة جمعية لكل المثقفين والكتاب، وعدم إعمال محاكم التفتيش في تصنيف الكتاب ورميهم بالتهم، لأنه في هذه الحالة لا يصير الاتحاد "اتحاداً" للكتاب بل مفرقاً ومنفراً لهم؛ أليس الحق أن يعود الاتحاد "اتحاد الكتاب" وبيتهم الجامع.
والحقيقة أنه يمكن رد الكثير من هذا التراجع إلى سنوات سابقة لعمل الأمانة العامة الحالية – التي أنا عضو فيها -، وهذا ليس من باب رد الحقيقة إلى غير مسار، بل إن ثمة الكثير من هذا التراجع مرده سنوات عجاف سابقة.
لكن أيضاً الحقيقة أن الجزء الأكبر من هذا القصور والخمول والتراجع مرده عدم فعالية الأمانة العامة الحالية وعجزها عن القيام بمهامها بشكل لائق.
أسهل شيء أن يسوق المرء المبررات والأعذار، وأظن أن واجب المسؤول ليس خلق الأعذار وابتداع الذرائع بل تقديم الحلول.
بمعنى أنه يمكن لأي شخص أن يقول إن هذا القصور بسبب كذا وكذا، ويمكن لهذه الأسباب أن تتسع لتشمل التراجع في الحالة الوطنية التي يشكل الانقسام وعدم وحدة الحال أهمها، كما يمكن رمي عبء كبير على كاهل الغيب وعلى شمّاعة الحالة المجهولة وعدم الاستقرار.
وإذا فتحنا قربة الأعذار فإن الريح الوافدة منها تكفي لتقنعنا بأن إنجاز المشروع الوطني أمر مستحيل وان قدرة خارقة وحدها يمكن أن تنقذ الاتحاد من ويلات تراجعه.
كما أن سوق الانتصارات وحده لا يكفي، إذ إن البطولات الدونكشتية وخرافات أبطال الحكايات عن القدرات الرهيبة لم تعد تقنع العجائز اللاتي يروينها.
حيث لا يمكن تصوير بعض التصرفات الصغيرة بوصفها منجزات كبرى، كما لا يمكن أن يكون ثمة قدرات خارقة وراء واجبات هي أقل ما يمكن أن يتم القيام به.
إن القول بهذه المنجزات لا يقل خطورة عن التبريرات الوهمية التي يمكن سوقها، لأنها تعني ضمن أشياء كثيرة حرف النقاش وشخصنته وتقديم الأداء السيئ بوصفه اجتراحاً لبطولة غير موجودة.
والحال كذلك فإن الحديث عن العمل ضمن ظروف قاهرة والحديث عن مؤامرة ليس إلا من باب تركيب أطراف اصطناعية للروبوت والقول إنه بات إنساناً.
الحقيقة دائما في مكان ما يسهل الزعم بامتلاكها، بل يسهل دائماً تغطيتها بطبقة من "كريمة" الأعذار والأداء البطولي، لكن الشيء الوحيد المؤكد حول الحقيقة دائماً أنها تكشف عن غيابها بمجرد التأكيد على وجودها، لأن وجودها لا يحتاج لمناقشتها.
بمعنى لو أن أمور الاتحاد على ما يرام لما خرج النقاش الكبير الذي يدور الآن حول أداء الاتحاد، والذي جعل بعض أعضاء الأمانة العامة للاتحاد وخاصة من غزة المهمشة في الاتحاد يكتبون على صفحاتهم وفي بعض المواقع حول الاتحاد وسوء حاله.
وعليه فإن الادعاء بأن الحقيقة هي شيء آخر هو تأكيد فعلاً على أن الحقيقة غير موجودة في الرد غير المقنع الذي يمكن تغليف الخطابات الجوفاء بها.
والحقيقة أن مستوى النقاش كان هابطاً خاصة بعض التصريحات والعبارات التي تم صوغها وشتم بعض الكتاب والمثقفين بها.
إن استحواذ الحقيقة على طريقة التطرف الأصولي والتكفير والتجريم والتخوين لا يمكن أن يصدر عن مؤسسة هي حامية التعدد والتنوع في الثقافة، وهي التي تنظم الحرية الفكرية وتعمل على صونها.
وإن الادعاءات الزائفة حول المنجز والتبرير اللذين ذكرناهما مصحوبة باتهامات لكتاب وشعراء مرموقين ليس إلا التأكيد على أن الاتحاد لم يعد اتحاداً للكتاب، بل هو مجرد مؤسسة اخرى.
إن المصلحة تقتضي أن يتم إجراء انتخابات حتى يقرر أعضاء الاتحاد المسار الذي يقررونه لمؤسستهم التي ترأسها كتاب وشعراء خالدون أمثال درويش وأبو سلمى وغيرهما بالطبع، وإعادة الاعتبار لمؤسسة كانت بوصلة الثقافة وليس مجرد لافتتها.
من المحزن أن يصل حال الاتحاد لهذا الحد الذي يجعله يفقد خصوصيته الأساسية في الوعي الثقافي الفلسطيني بوصفه مؤسسة تجمع ولا تفرق، بوصفه الحاضنة الكبيرة للكتاب على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم.
لم يعد الاتحاد للأسف بسبب بعض النزعات الفردانية والحنق الشخصي يشكل هذه الحاضنة ولم يعد يشكل نقطة جذب للكتاب ولا نقطة التقائهم. حيث بات الكثيرون يفكرون في هجره وتركه لأنهم لا يشعرون أنه يمثلهم ليس بمكانته المفقودة في الفعل الثقافي بل في عجزه عن القيام بالصفة التمثيلية التي يرونها فيه.
إن الحالة الجديدة التي يجب البحث عنها يجب أن تستند إلى العناصر المفقودة في مكانة الاتحاد.
يبدو هذا الكلام مهماً في ظل السعي الحثيث من المؤسسة السياسية وتأكيدها على ضرورة تجديد الشرعيات والعمل على تدعيم العمل المؤسساتي والديمقراطي في أداء الهيئات المختلفة، كما أنه يبدو أكثر إلحاحاً في ظل سعي حركة فتح إلى تجديد دمائها عبر الانتخابات التي تجرى في هياكل وأطر الحركة المختلفة وصولاً لعقد المؤتمر العام السابع.
إن عملية التغيرات الديمقراطية التي تصيب المؤسسات الحزبية لا يمكن أن تظل بعيدة عن الاتحاد ويظل عصياً عليها تحت ذرائع لا يعرفها أحد. بالطبع سيخرج من يقول إن الأمر سيتم قريباً، لكنني وبصفتي عضواً في الأمانة العامة كنا قد طالبنا في غزة بإجراء الانتخابات منذ عامين وجددنا طلبنا هذا في كل مرة.
يبدو إجراء انتخابات مخرجاً من الحالة الراهنة التي تعصف بالاتحاد، كما يبدو تنفيساً لحالة الاحتقان والنقاش اللتين تدوران حول مستقبل الاتحاد ورد الاعتبار له ولهيئاته.
ليس من شك أن الديمقراطية وحدها يمكن أن ترضي الجميع، ولكن ديمقراطية على أساس تصويب عمل الاتحاد ورده كحاضنة جمعية لكل المثقفين والكتاب، وعدم إعمال محاكم التفتيش في تصنيف الكتاب ورميهم بالتهم، لأنه في هذه الحالة لا يصير الاتحاد "اتحاداً" للكتاب بل مفرقاً ومنفراً لهم؛ أليس الحق أن يعود الاتحاد "اتحاد الكتاب" وبيتهم الجامع.