ما الذي راكمناه كشعب يرزح تحت نير الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني اليهودي العنصري العسكري الامني الاقتصادي الاجتماعي خلال حقبة مدريد / اوسلو؟
سؤال وجيه وجدير ان يجيب عليه كل قيادي فلسطيني امتطى صهوة تلك الحقبة ، بعد مرور ثلاثين سنة عليها، هذا اذا كان هذا قياديا حقيقيا يضطلع بمسؤولية هذا الشعب وذاك الامتطاء ، من تبقى منهم على قيد الحياة ، الذين رحلوا لا تجوز عليهم سوى الرحمة، وقد أعفاهم الله من تلكم المسؤولية.
آحاد فقط من بين العشرات ممن قدموا استقالاتهم لكبر سنهم او كطريقة للاحتجاج على فجوة ما بين يراه وبين ما يسمعه، آخرهم الدكتورة حنان عشراوي التي دشنت الحقبة مع فيصل الحسيني الذي كان يعرف القدس بلدة بلدة و حارة حارة، والدكتور حيدر عبد الشافي الذي لا أعرف اين ولد، ولكني اعرف انه كان غزيا بامتياز واعتزاز ، مفكرا و طبيبا ونقابيا تعرضت جمعيته "الهلال الاحمر" للاحراق المبكر على يد التكفيريين الاوائل بمساعدة من جيش الاحتلال، نفس التكفيريين الذين احرقوا سوريا اليوم وقدمت لهم اسرائيل مساعداتها .
ما الذي راكمناه خلال ثلاثين سنة ، هل أعددنا انفسنا لليوم المستطير؟ بعد انكشاف ما يخبئونه للقدس للدفاع عنها ؟ خلايا نائمة على سبيل المثال في سلوان والطور والشيخ جراح ووادي الجوز والثوري والعيسوية وبيت حنينا وشعفاط والبلدة القديمة ؟ سيقولون لنا : نحن في مرحلة بناء السلام ، سلام الشجعان ، سلام العدل والاستقرار والمحبة . سنقول لهم : كلام صحيح ، ولكن هل راكمنا طوبة أخرى على طوبة هذا السلام ، بحيث نرى من يستطيع منهم استكمال البناء ؟
لندع الحرب والسلم جانبا ، هل راكمنا اقتصادا مكتفيا ، هلى لدينا مصانعنا ومزارعنا المستقلة ، تذكرون بالطبع مبادرة رئيس الوزراء قبل سنتين عندما زار الاردن ومصر والعراق ليستورد احتياجاتنا مباشرة ، وتذكرون قضية استيراد العجول العربية بدلا من الاسرائيلية . هل لدينا عملتنا الخاصة من بين اربع عملات أجنبية رائجة وهي الدينار والدولار واليورو والشيكل ، بها كلها تستطيع ان تدخل على اصغر حانوت فلسطيني وتشتري "كاسة الشمينيت" التي لها حقوق اكثر بكثير من حقوقنا كبشر ، وفق اتفاقية باريس الاقتصادية .
هل راكمنا تنظيف بيتنا من الأوساخ كمقدمة اولى لنخرج منه الى الهواء النقي فالشارع النظيف فالمدرسة العلمية فالمسجد الخالص فالمشفى البارع فالاذاعة الموضوعية فالمؤسسة المزدهرة ؟ هل وضعنا الانسان المناسب في المكان المناسب ؟ هل أخرجنا المرأة من قمقمها و جعلناها تتبوأ ما يليق بها ، أم ان انحدارنا اوصلنا الى منع وضع اسمها على بطاقة فرحها يوم عرسها ؟ . وأخيرا ، هل راكمنا حياة ديمقراطية ، يرفض فيها الحاكم ان يحكم بدون تفويض من صاحب الشأن ، الشعب ، كل اربع سنوات مرة . هل يقبل حزب الحاكم اذا ما اخفق في الانتخابات ان ينتقل الى الصف الخلفي "المعارضة" ، ام انه يعتبرها منقصة ؟
البعض يعتبر الانتخابات بحد ذاتها تحت الاحتلال منقصة، كما الاحزاب الدينية ظلت تعتبرها حتى وقت قريب حرام شرعا .