ثلاثية المشهد: "الحدث المقدسي" وصاروخ غزي و"مقر المقاطعة"!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 رسمت فلسطين التاريخية مشهدا كفاحيا، من شمالها الى جنوبها، مرورا بالقدس العاصمة التاريخية، التي تنتظر أن يكون علم الوطن ورايته مرفوعا على مباني مؤسساتها الرسمية وفق حق الشعب في دولته المتأخرة رسميا، حسب الزمن العالمي 9 سنوات.

المشهد الكفاحي في فلسطين التاريخية، رسمته هبة القدس والأقصى وحي الشيخ جراح، والذي سيصبح علامة فارقة في السجل الإنساني العام، كيف لبعض عائلات قاومت وحيدة لأشهر لم تهتز في كفاحها المنعزل، الى أن فرضت حضورا في معادلة خاصة ضمن صراع لا ينتهي بقرار او وثيقة، دون ان يكون الحق قائما لشعب فلسطين.

بالتأكيد، سعى بنيامين نتنياهو الى زيادة فتيل المواجهة بمنح المستوطنين والإرهابيين زمنا لإشعال نار المواجهة في القدس والأقصى والشيخ جراح، وربما من النادر أن يرفض "طلبا – أمرا" أمريكيا لعدم الذهاب الى تصعيد التوتر في القدس عبر مكالمة مستشار الأمن القوي سوليفان الى نظيره الإسرائيلي بن شبات، رفض يعيد للذاكرة ما حدث عام 1998 في قمة "واي ريفر" بعدما وافق على تفاهمات لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية، تنكر له مع وصوله مطار اللد، فجاء العقاب بإسقاطه سريعا.

نتنياهو، بحث زيادة فتيل المواجهة، وهو مدرك أن مستقبله السياسي انتهى أي كانت نتيجة "الحدث المقدسي"، لكنه بحث تعقيد المشهد لما سيكون من تحالف حكومي جديد، ليبقي النار حاضرة، ويضعهم أمام خيارات مرتبكة.

ولأن المشهد متحرك، أعلنت حركة حماس ومعها أجنحة عسكرية من قطاع غزة مشاركتها الرسمية في "الحدث المقدسي"، من خلال الرد الصاروخي الذي وصل الى مدينة القدس، ما أدى لتغيير في ملامح المواجهة، ومنح أهل القدس أولا والشعب الفلسطيني طاقة فعل مضافة، رد صاروخي رغم ما تلاه من عدوان على قطاع غزة، وبقياس الحساب التجاري الخسارة كبيرة لأهل قطاع غزة، بسقوط عدد من الشهداء خلال ساعات، مقابل إصابات من سكان إسرائيل، لكنه بالحساب السياسي سيكون له تأثير كبير، وإن كانت "العاطفة السياسية" رجحت قيمة الرد الصاروخي دون حسابات اليوم التالي.

الرد الصاروخي، لم يسحب المشهد من القدس، فتلك إشاعة يروجها بعض ممن أصابهم "العقم الوطني"، وباتوا مخلصين جدا لتكريس مبدأ مستحدث في بقايا الوطن "الخنوع الثوري"، والحقيقة ان "الحدث الغزي الناري" ساهم برفع قيمة "الحدث المقدسي" إعلاميا، قبل الإشارة لما سيكون سياسيا، تعزيزا لطرف على حساب طرف في المعادلة الداخلية الفلسطينية، ما لم يترك الرئيس محمود عباس وفتح (م7) مربع "البلادة الدائم"، ورؤية المتحرك الجديد، خاصة وأن قيادة حماس خطفت ضوء الاتصال السياسي عالميا من مقر المقاطعة.

دون الذهاب في تحليل أبعاد "الحدث الغزي" الجديد، فما سيتركه في المسألة الداخلية قد يكون أكثر قيمة مما سيكون على الحدث المقدسي، والذي لن يتغير كثيرا دون فرض معادلة أهل الشيخ جراح، ووقف حركة التهويد الزاحفة في القدس وخاصة منطقة البراق، وكي لا يذهب البعض بعيدا، قد يكون أحد عوامل "الحدث الغزي" الجديد لخطف الضوء نسبيا من مقر الرئيس عباس، وتركه متابعا كأي مواطن لحركة الاتصالات بين قيادة حماس، في قطر، والأطراف الوسيطة الباحثة عن "تفاهم جديد"، ما يمنحها حضور مميز في مسألة التمثيل.

سلوك حماس في الاستفادة من قدرتها العسكرية والمشاركة في "الحدث المقدسي"، وتوظيفها بما يعزز دورها ذكاء من قيادتها، في التفاعل مع رغبة شعبية ليس من السهولة تجاهلها، خاصة وأن "التفاعل الشعبي المقاوم" في الضفة الغربية لم يشكل العمق المطلوب وطنيا، فكانت "صواريخ غزة" فعلا مختلفا، أصاب المزاج الشعبي إيجابا قبل أن يصب أي هدف لعدو عنصري.

حماس تحركت ضمن "الممكن المسموح" في معادلة الحدث الصاروخي، وهي لن تذهب بعيدا ولكنها لم تقف على قارعة الطريق...ولكل حساب سياسي قادم!

فما بعد الحدث الصاروخي الغزي لن يكون كما قبله، أي كانت النتائج...وتلك مسألة تستوجب التفكير!

ملاحظة: الفرحة المقدسية بصواريخ غزة يكشف ان قوى العدو وأدواته لم تتمكن من روح شعب لن ينكسر أبدا...روح الثورة مخزونة لم يتمكنوا منها..,ولن!

تنويه خاص: شهيد مدينة اللد موسى حسونة برصاص إرهابي إسرائيلي سيضع اسمه في قائمة شرف من زرعوا أرض فلسطين دما لتحيا...وصفعة لذلك "العباسي" اللاهث لرضا بني صهيون!