لم يكن قرار إخراج الجناح الشمالي للحركة الاسلامية في اسرائيل خارج القانون مفاجئا في الشارع العربي، فرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وعدد من الوزراء يتحدثون عن هذا منذ فترة طويلة. لكن التوقيت الذي اتخذ فيه القرار والموقف الذي يقف من ورائه يشعلان الضوء الاحمر في المجتمع العربي عموما. الرسالة التي خرجت، أول من أمس، من مكتب رئيس الحكومة ووزير الامن الداخلي كانت واضحة – اخراج الجناح الشمالي خارج القانون جزء من الصراع الدولي ضد «الارهاب»، الذي يبثه «داعش» و»القاعدة» و»الإخوان المسلمون» و»حماس» أيضا. يبدو أن هذه الرسالة سيفهمها الجمهور اليهودي والغرب ايضا، في الاسبوع الذي تلعق فيه باريس جراحها والعالم المتنور في أعقاب الهجمة الارهابية البشعة. تعتبر اسرائيل نفسها الآن جزءا من أسرة الشعوب التي تحارب الارهاب، على ضوء موجة العمليات في الاشهر الاخيرة، التي تنبع حسب الحكومة من تحذيرات الجناح الشمالي حول الخطر على المسجد الاقصى وليس من اليأس والغضب بسبب استمرار الاحتلال. في المجتمع العربي يرون الامور بشكل مختلف، ويعتبرون هذا ملاحقة تهدف الى دحرجة اخفاقات الحكومة السياسية والأمنية باتجاه الحركة الاسلامية التي تدير حملة «الاقصى في خطر» منذ حوالي عشرين سنة تحت أعين السلطات القانونية المفتوحة. وفي السنوات الأخيرة اعتبر المجتمع العربي أن هذه الحملة هي استعراض للقوة من الحركة، وليس دعوة حقيقية للعمل، ولا سيما على خلفية الخلاف العميق في اوساط «عرب إسرائيل» حول الحرب الاهلية في سورية. من يعرف الساحة السياسية في المجتمع العربي يعرف جيدا أن الحركة ليست صدفية: كل مؤسسة من مؤسساتها وكل عمل من اعمالها تحظى بمرافقة قانونية، وكل شيء في إطار قانون دولة اسرائيل، والهامش القانوني القائم فيها. وبعض المواقف التي تتبناها تبدو متطرفة للأذن الاسرائيلية وايضا لآذان عربية كثيرة، لكن من هنا وحتى اخراجها خارج القانون فان الطريق طويلة. لم تتردد سلطات القانون في اعتقال الشيخ رائد صلاح وباقي قادة الحركة، واتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم التي انتهى بعضها بعقوبة السجن. صلاح نفسه ينتظر في هذه الايام قرار محكمة العدل العليا بخصوص إدانته في التحريض، حيث حُكم عليه بالسجن الفعلي. وبالتالي فإن للدولة وسائل لمواجهة الحركة الاسلامية في الحالات التي يكون فيها اشتباه حقيقي للاخلال بالقانون. «الشاباك» ايضا يفضل أن تعمل الحركة تحت الاضواء وليس سراً. لذلك فان الشعور السائد لدى الجمهور العربي هو أن القرار يهدف الى ارضاء الرأي العام المعادي. هذه نقطة الانطلاق التي توجه الآن ممثلي الجمهور العربي، ومنهم لجنة المتابعة التي أعلنت الاضراب العام يوم الخميس، وهي تخطط لمظاهرة كبيرة في نهاية الاسبوع القادم. هذا ليس انطلاقا من تأييد ايديولوجيا الحركة الاسلامية أو شعاراتها الدينية، بل لكونها تمثل جزءاً من الجمهور العربي، وهي نشيطة ايضا في المجال الاجتماعي، ونظرا لأن هذا القرار لا يلائم دولة تعتبر نفسها ديمقراطية وتفخر بحرية التعبير فيها. وفي الخلفية هناك خشية من أن تكون هذه خطوة أولية فقط وأنه تحت سلطة اليمين والأجواء الجماهيرية المشجعة على التحريض ضد العرب، فانه ليس فقط الجناح الشمالي للحركة الاسلامية خارج القانون بل ايضا الجمهور العربي كله.
عن «هآرتس»