قــــرار ذو طــــــابــــــع سيـــاســــي..

20151117_91916
حجم الخط

تمت مناقشة قرار إخراج الجناح الشمالي للحركة الاسلامية في اسرائيل خارج القانون باستفاضة في الكابنت منذ اندلاع الاحداث العنيفة في القدس و»المناطق» منذ بداية الشهر الماضي. لكن التوقيت ليس صدفيا وليس منفصلا عن التطورات في الساحة الدولية. حكومة اسرائيل لا تطلب اظهار التشدد في وجه «الارهاب» الفلسطيني فقط بل هي تستغل الفرصة، حيث إن الاهتمام الدولي ينصب على الارهاب الاسلامي الذي يضرب بعيدا عن هنا. في الوقت الذي يزيد فيه العالم الغربي من حربه ضد «داعش» في أعقاب العمليات في سيناء وبيروت وباريس، فان الحكومة الاسرائيلية لن تتعرض للانتقاد حينما تحارب الاصوليين ذوي اللحى هنا. إن منشأ الحركة الاسلامية في اسرائيل هو نفس منشأ «حماس»، حركة الاخوان المسلمين. وهي منذ سنوات بمثابة الأخت الصغرى لـ «حماس». والى جانب التحريض المتواصل والصب المنهجي للزيت على نار الحرم، فانه منذ فترة طويلة هناك علاقة بين الجناح الشمالي وبين «حماس» في الضفة وقطاع غزة والخارج. رئيس الحركة، الشيخ رائد صلاح، يقود حملة «الاقصى في خطر» منذ حوالي عقدين. اللهجة الحادة والخطوات العملية له في السنتين الاخيرتين غذيتا الجمهور الفلسطيني والعرب في إسرائيل حول موضوع الحرم، الامر الذي تعزز بشكل أكبر من قبل «نشطاء الهيكل» في اليمين الاسرائيلي. صلاح ورجاله قادوا أعمال المرابطين والمرابطات ونوبات الرجال والنساء المسلمين الذين رافقوا الزوار اليهود في باحات الحرم بالصراخ والتهجم، الذين قررت الدولة في ايلول إخراجهم خارج القانون. إن دفع الرواتب لهؤلاء النشطاء جاء من مصادر ترتبط بالجناح الشمالي للحركة وجمعيات ترتبط بالحركة شكلت هي أيضا قنوات لنقل الاموال لنشطاء «حماس» في الضفة الغربية، والتي تم تجنيدها أحيانا من قبل جمعيات خيرية اسلامية في تركيا. وقد وصلت الاموال ايضا لعائلات الاسرى وشهداء التنظيم في الضفة الغربية. حسب المعلومات الأمنية التي تم تقديمها للوزراء فان الشيخ صلاح ورجاله على صلة مع رموز «حماس» في قطاع غزة والضفة، واحيانا استخدم الجناح الشمالي وجمعيات «حماس» في الضفة الغربية خدمات المحامين والمحاسبين ذاتهم. وحتى الآن لم يتم طرح أدلة حول الصلة المتواصلة والمباشرة بين الجناح وبين الذراع العسكرية لـ «حماس»، لكن الادعاء الاسرائيلي يقول إنهما يوجدان تحت نفس المظلة الايديولوجية. بثت محطات التلفاز، أول من أمس، صورا لافتة للعملية الشرطية، حيث وزعت في ساعات الصباح الباكر أوامر اغلاق للمؤسسات المتعلقة بالجناح الشمالي. وأصحاب الذاكرة الطويلة لاحظوا على الاغلب أن هذه ليست هي المرة الاولى. فقبل أكثر من عقد في ذروة الانتفاضة الثانية حدثت عملية شرطية مشابهة اعتقل في أعقابها رائد صلاح ورجاله بتهمة نقل الاموال لـ «حماس». وكانت الحركة في حينه على مهداف الأجهزة الأمنية التي ركزت على «الارهاب الليّن»، في شبكات المساعدة المدنية والاقتصادية لـ «حماس» و»الجهاد الاسلامي». وحدث تراجع في عمل الاجهزة الامنية في السنوات الاخيرة، والآن تتم اعادة النظر في كيفية استئناف الاجهزة الاستخبارية لعملها في هذا المجال. إن القرار ضد الجناح الشمالي فُرض على الجهات المهنية من قبل الجهات السياسية. لم يتلهف «الشاباك» في البداية خشية أن يؤدي ذلك الى اشتعال الوسط العربي في اسرائيل، وخشية من أن ينتقل صلاح ورجاله للعمل السري تحت اسم منظمات اخرى يكون من الصعب تعقبها. لكن يبدو أن تحفظ «الشاباك»، الذي جاء على صورة عدم التوصية، جاء على خلفية اخرى. فـ «الشاباك» يفضل التركيز على «الارهاب» الواضح: صانعي العبوات الناسفة، مجندي «الانتحاريين» وخلايا إطلاق النار. إغلاق مصادر مالية، متابعة الخطب في المساجد واغلاق الجمعيات، كل ذلك يحتاج الى بذل جهود متواصلة ومعقدة لا سيما عند الحديث عن مواطنين اسرائيليين. وليس غريبا أن الاجراء يثير التساؤلات إضافة الى سؤال اذا كان هذا يلائم خطورة القيود المفروضة الآن على التنظيم الذي يشمل حوالي 10 آلاف من العرب الإسرائيليين. طلب نتنياهو خطوة مجلجلة وحصل عليها. والفائدة التي ستخرج منها ترتبط ايضا بقوة تصميم الدولة في مواجهة الجناح الشمالي مع مرور الوقت. وجدت السلطات في الماضي صعوبة في المواظبة أمام الشيخ صلاح ورجاله. يستمر العنف في «المناطق» في تغيير أشكاله. أول من أمس تم اطلاق النار على جنود كتيبة «كفير» في قرية ترمسعيا، شمال رام الله. فرد الجنود باطلاق النار وقتلوا شابا فلسطينيا حيث وجد مسدس بجانب جثته. هذه حادثة اطلاق النار الخامسة في الايام العشرة الاخيرة، وفي حوادث اخرى قُتل أب وابنه بجانب مستوطنة عتنئيل وأصيب جنود ومواطنون. في المقابل، لم تسجل عمليات طعن أو دهس منذ أيام. ويعتقدون في الجيش أنه ما زال مبكرا الاعلان عن تغيير في الاتجاه؛ استخدام السلاح الحي ما زال محدودا، ولا يبدو حتى الآن منظما ومفروضا من أعلى. وهكذا ايضا قد يكون دمويا وخطيرا أكثر من الحالات التي لم يُستخدم فيها السلاح الحي. ويستمر الجيش في الاستعداد لمواجهة طويلة الأمد في «المناطق»، وقد أصدر أوامر تجنيد للاحتياط في كانون الثاني.  

عن «هآرتس»