زمشاهد من سورية والعراق تنتقل إلى باريس – لأول مرة في تاريخ "داعش" توجد مخربة انتحارية في فرنسا. قتل اثنان من الارهابيين على الاقل من بينهما المخربة، وهذا شيء لم تشهده فرنسا من قبل. تماما مثل عمليات يوم الجمعة. بدأ "داعش" بافتراس فرنسا، ولا يعتقد أحد هنا أن القصة قد انتهت. خمسة انفجارات مخيفة في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة فجرا أيقظت المنطقة الباريسية سان داني التي تبعد مئات الامتار فقط عن ستاد ستار دي فرانس، المكان الذي فجر فيه عدد من المخربين أنفسهم، يوم الجمعة الماضي، اثناء مباراة لكرة القدم بين فرنسا والمانيا. حلقت الطائرات في السماء واستمر إطلاق النار ساعتين – حدث آخر غير مسبوق في فرنسا. طُلب من الجيران البقاء في المنازل واولئك الذين في الشوارع طُلب منهم الاستلقاء على الارض. حرب. وبين الفينة والاخرى كنت أجد نفسي أركض الى جانب رجال الشرطة المسلحين في شوارع سان داني. الانفجارات الاولى تلتها عدة انفجارات فيما بعد تسببت بها عبوات وضعت الى جانب بوابة الدخول الى شقة في الطابق الثالث في شارع ريبابلك 48، الشقة التي اختبأ فيها حسب الاشتباه "العقل" الذي خطط للعمليات، وهو عبد الحميد أبا عود، أحد النشطاء البارزين والاكثر دموية في "داعش"، والذي نجح حسب الاشتباه في التسلل عائدا الى فرنسا وتخطيط العمليات. "واشنطن بوست" ووسائل الاعلام في بلجيكا تحدثت عن أن أبا عود قُتل في العملية، لكن فرنسا لم تؤكد ذلك رسميا. "كانت الخلية الارهابية جاهزة للعمل، والخلية الرابعة أحبطت"، قال المدعي العام في باريس، فرنسوا مولنس، أول من أمس. 830 شرطيا يعملون في التحقيق، كما قال المدعي. واضاف أن الشقة التي اقتحمتها الشرطة كانت لها بوابة مصفحة، لذلك لم يستطيعوا تفجيرها في المحاولة الاولى، وقال ايضا إن 5 آلاف رصاصة تم اطلاقها خلال العملية. سبع ساعات من الحرب بدا الامر وكأنه مشهد من فيلم هوليوودي على بعد 20 دقيقة سفر من برج ايفل. 110 من رجال الشرطة من افضل الوحدات في فرنسا ومعهم قوات من الجيش قاموا باقتحام الشقة في المنطقة الصناعية في المدينة – المعروفة بسبب تجار المخدرات فيها – من اجل اعتقال أبا عود الملقب بـ "البلجيكي" مع نشطاء آخرين كانوا مسؤولين عن العمليات. استمرت العملية سبع ساعات. فقد بدأت الساعة 4:20 وانتهت في الساعة 11:37. وبين الرابعة والنصف والسادسة والنصف تم تبادل لاطلاق النار وكأننا في سورية أو العراق. وقد تم اخراج الارهابيين من الشقة، بعضهم بالملابس الداخلية، وآخرون كانوا عارين. استمرت الشرطة تتحرك في الشقة، وقبل الساعة السادسة شاهدوا فتاة نجحت في تفجير نفسها بوساطة عبوة ناسفة كانت على جسدها. "لم نعتد اطلاق النار على فتاة. فوجئنا"، كما اعترف أحد رجال الشرطة. في الساعة السابعة والنصف تم اعتقال شخصين آخرين في الشارع، أحدهما هو صاحب الشقة مع امرأة كانت بجانبه. وقد أُجريت مقابلة معهما عند اعتقالهما. "طلب مني أحد الاصدقاء استضافة شخصين لثلاثة أيام"، قال صاحب الشقة، "أنا لا أعرفهم ولا أعرف من هم وليس لدي أية فكرة، لكن هذا حدث عندي، كانوا عندي". صديقته ايضا وافقت على اجراء المقابلة: "نحن لا نسكن في الشقة، صديقي يذهب الى هناك عندما يتشاجر مع عائلته". الساعة العاشرة والنصف تم اعتقال اثنين آخرين في شقة اخرى في المبنى، وبعد بضع دقائق انضمت وحدة اخرى للعمل وسُمعت انفجارات اخرى. في الساعة 11:57 وصلت سيارة للشرطة لنقل المعتقلين وانتهت العملية. اعتقل ثمانية وأصيب خمسة من رجال الشرطة باصابات طفيفة. وليس واضحا اذا كان صلاح عبد السلام، الذي شارك في عمليات يوم الجمعة وهرب، موجودا في المكان. وسائل الاعلام الفرنسية تحدثت، أول من أمس، عن أنه قد يكون هرب إلى سورية. المخربة المنتحرة هي فتاة مسلمة اسمها حسناء بلحسن، وقد كانت تحت مراقبة الشرطة في اليومين الاخيرين، وتنصتوا على مكالماتها. وحسب معلومات لم يتم تأكيدها فقد تحدثت مع أبا عود حيث إنها ابنة عمه. ومتابعتها هي التي قادت الشرطة الى الشقة. الامر الذي فاجأ المحققين هو شبكة الارهابيين: اربع شقق سرية، اربع سيارات، الكثير من السلاح، كلاشينكوف وذخيرة بكميات كبيرة وبندقية صيد قتلوا بها كلبين من الكلاب التي دخلت في البداية إلى الشقة. التخطيط: عملية في المطار في الساعة الخامسة تم ادخال كلبة بلجيكية إلى الشقة وقُتلت، وكذلك الكلب الثاني. وقد منحت الشرطة، أول من أمس، الاحترام للكلبة التي تبلغ 7 سنوات التي تم ادخالها لكشف العبوات الناسفة وقتلت من قبل المخربة التي فجرت نفسها فيما بعد. وحظيت الكلبة بعد موتها بالمديح من قبل المسؤولين عنها الذين قالوا إنهم فقدوا زميلة وصديقة في الوحدة. وكتبت الشرطة الفرنسية أن الكلبة قتلت على يد ارهابيين اثناء العملية التي حدثت هناك. مئات رجال الشرطة والمحققين عملوا منذ العمليات من اجل القاء القبض على الجهاديين المتورطين. وحتى الآن يُفاجأ الفرنسيون من أن تسعة وليس ثمانية قد شاركوا في عمليات يوم الجمعة. القناة الفرنسية "فرانس 2"، التي تعتمد على مصادر مقربة من التحقيق، قالت، أول من أمس، إن الارهابيين الجهاديين الذين عملوا في باريس خططوا لعملية في مطار شارل ديغول والمنطقة التجارية كاتر تان التي توجد في حي لا دفانس. وحسب التقارير فقد تم افشال العمليتين في اللحظة الاخيرة. وصلت قوات الشرطة، أول من أمس، الى شارل ديغول ونفذت تمشيطا في المكان. الخشية هي من أن الحديث عن الخلية الرابعة أو الارهابيين الذين اعتقلوا، أول من أمس، هم الذين خططوا لتنفيذ العملية في المطار. "في البداية اتصل معي مواطنون خائفون اعتقدوا أنها عملية اخرى في مدينتنا"، قال ستيفان بيه، نائب رئيس بلدية سان داني، "يصعب تصديق أنه حدث هنا اطلاق نار مدة ساعة ونصف الساعة في مدينة هادئة وفي الليل. كانت الأوامر للمواطنين هي البقاء في المنازل. حوالى 20 ألفا من سكان سان داني طُلب منهم البقاء في المنازل". وباستثناء ثلاثة مقاه بعيدة، بقيت جميع محلات سان داني مغلقة. في ساعات المساء كانت شوارع المدينة مغلقة وبقي الناس في منازلهم. الكثير من السكان أصيبوا بالصدمة، واحتاجوا إلى علاج نفسي. الرئيس الفرنسي، فرانسوا اولاند، تابع العملية من غرفة الطوارئ في قصر الاليزيه، وأعلن من جديد، أول من أمس، أن فرنسا في حالة حرب. رسالة قصيرة : سننطلق كشف مولنس، أول من أمس، عن تفاصيل جديدة من التحقيقات في باريس. حسب اقواله فان منفذي العمليات وصلوا الى باريس من بلجيكا في ثلاث سيارات من نوع بولو وسيات ورينو كليو. هذه السيارات وصلت معا في 12 تشرين الثاني وجميعها تم استئجارها من الاخوة عبد السلام، وهي شركة لتأجير السيارات في بلجيكا. سيارة البولو توجهت الى نادي البتالكان والسيات السوداء استخدمها المخربون في المطاعم في الحيين 10 و11 واكتشفت في مونتريه وفيها ثلاث بنادق كلاشينكوف وخمسة مخازن للرصاص مليئة و11 مخزنا فارغا وسكين. وبالنسبة للهواتف المحمولة التي وجدت، قال المدعي العام إن أحدها وجد في سلة للقمامة خارج النادي، وقد تم ارسال رسالة فيه في الساعة 9:42 كتب فيها: نحن جاهزون وسننطلق. وحسب اقواله فقد تم كشف هوية خمسة من بين سبعة مخربين. عن "إسرائيل اليوم"