لا مــكــان آمــنــاً فــي الــقــدس ...

HD-Mosque-AlAqsa-2-e1330548083148_1
حجم الخط

 ليس سهلاً أن يكون المرء فتى ابن 16 في القدس في مثل هذه الفترة. ولكن في واقع الامر، "مثل هذه الفترة" تحصل هنا في احيان متباعدة. وهذا كابوس مستمر مع فترات انقطاع بين الحين والاخر تحظى بلقب "هدوء نسبي"، ولكننا كلنا دوما في احساس بأنها مجرد مسألة وقت الى أن يحصل شيء ما يدهورنا مرة اخرى في المنحدر المعروف ذاته – وكل شيء سيكرر نفسه من البداية. كفتى، من المخيف أن تتجول في المدينة، فأنت تشتبه بالجميع. كل شخص يوجد الى جانبك في محطة الباص او في محطة القطار الخفيف مشبوه، وانت تتابع من الجانب حركاته كي تكون مستعدا للحظة يمتشق فيها سكينا. كانت هناك أيام خفنا أن نسير فيها الى المدرسة، التي توجد بجوار جفعات هتحموشت. بعد يومين كانت العمليات تلاحق الواحدة الأخرى، تبين لنا أن 10 في المئة فقط من التلاميذ في المستوى جاءوا للدراسة. ليس بسبب تعطيل الاهالي للدراسة بغد اضراب انتهى لتوه، بل ببساطة لانهم خافوا الخروج من البيت، خشية أن يقعوا ضحية العملية التالية. ولكن هذا ليس فقط الخوف على نفسك – فثمة ايضا الضغط حين لا يرد صديق أو قريب مقدسي على مكالمتك لزمن ما، فتبدأ الظن في أنه قد يكون علق في ساحة عملية ولعله حصل له شيء ما. فتلتصق بتقارير الاخبار، وتفحص اذا كان وقع حدث امني آخر لم تسمع عنه، وغير مرة يتبين انه بالفعل كانت عملية اخرى في القدس – وعندها تفحص اذا كان هذا حصل في منطقتك ومن من بين اقربائك قد يكون في هذه المنطقة ويحتمل أن يكون أصيب بضر. حتى لو كانت العملية، هذه المرة ، لا تتعلق بك او باقربائك، فان مستوى الضغط لا ينخفض. "الارهاب" يصل لكل زاوية في المدينة، لا مكان آمن حقا. هذا الخوف في التجوال في الخارج، حتى في الثامنة صباحا، ليس طبيعيا، ليس عاديا. احد، في أي عمر، لا يفترض ان يختبر مثل هذا القلق. غير ان القلق هنا يخدمنا، فهو ضروري ليبقينا متحفزين. في ايام العمليات أخرج الى الشارع واشعر بتوتر في الجو، الكل يشتبه بالكل. الناس يتجولون وهم يحملون سلاحا او يبحثون عن مكان يشترون منه غاز الفلفل او وسيلة اخرى للدفاع عن النفس. نحن فقط ابناء 16، وبتنا نتصرف منذ الان وكأن علينا ان نخرج الى حرب. في مثل هذه ايام، اخوتي الكبار، ممن تركوا القدس يتصلون كل الوقت ويستوضحون أين أنا، أين أمي، وهل نحن على ما يرام. وبالاساس اذا كانت العملية وقعت في حينا، أو ذاك الذي قربه، او الحي النوجود قرب المدرسة. الواقع يطاردنا، والتفكير بان الناس الذين يسافرون ببراءة في القطار او في الباص اصبحوا مجموعة خطر هو تفكير لا يطاق. لماذا لا أشعر آمنا بالسير من مكان الى مكان في المدينة الرائعة التي ولدت فيها، ذات النسيج الاجتماعي الخاص جدا؟ لماذا اشتبه بالناس الذين يمكن أن يكونوا أصدقاء. أصلي لليوم الذي يتوقف فيه هذا الواقع الصعب، ولكني اعرف بان هذا لن يحصل. على الاقل ليس حاليا، طالما ان احدا لا يتخذ خطوة تغير الوضع، تنهي العنف، الكراهية والخوف. يعتقد اصحاب القرار على ما يبدو بأن حاجزا هنا ومكعبا اسمنتيا هناك سيحدث التغيير، ولكن حتى أنا، رغم عمري الشاب، اعرف بان هذا لن ينجح. والى أن تتم افعال ذات مغزى فان هذا الوضع سيستمر وسيؤدي بنا، نحن ابناء الشبيبة، الى مستقبل مظلم، عنصري، غاضب ومتوتر، بدلا من مستقبل سلام، هدوء وطمأنينة. وفي هذه الاثناء، كلنا على اطراف اصابعنا، نحاول ان نكون جاهزين للعملية التالية. عن "يديعوت