لا مفرَّ من أن نستمر بما بدأنا به ولا ننقطع. ولائحة الأولويات طويلة أهمها وعلى رأسها الحفاظ على ديمومة الوحدة الوطنية التي تجسدت مع العدوان على القدس وباب العامود والأقصى والشيخ جراح والعدوان على غزة، استعادة المبادرة السياسية وعدم البقاء أسرى انتظار الفرج من المجتمع الدولي المنحاز بالكامل لإسرائيل، بل تصعيد الفعل الشعبي على الأرض وديمومته ضمن رؤية وطنية موحدة قادرة على مراكمة الإنجازات وتحقيق الهدف الأساس إنهاء الاحتلال.
لا مفر من مراجعة شاملة لوضعنا الوطني الراهن وسبل الخلاص من الاحتلال. بالتالي يجب أن تبدأ المراجعة من الرئاسة ومنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل والمجلس الوطني والمجلس المركزي، مراجعة تستعيد البريق لفلسطين وقضيتها التي حضرت على رأس اجندة العالم في ضوء العدوان الاحتلالي على القدس وغزة.
يجب الذهاب فوراً ودون انتظار صوب فصل حركة فتح عن السلطة الوطنية الفلسطينية لأنها بذلك تدفع ثمناً لا يجوز أن يستمر دفع هذا الثمن من رصيد حركة فتح، اليوم يجب أن تبدأ «فتح» وتستفيد من زخم حضورها الاصيل والتاريخي وقيادتها للمواجهات والفعل على الارض في القدس وبقية الوطن، يجب أن تخرج «فتح» من الخطاب التي وضعت نفسها فيه، ولها دورها في إسقاط صفقة القرن «وليست وحيدة» ودورها في مواجهة التطبيع العربي مع الاحتلال، ودورها في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والاستيطان. «فتح» بحاجة الى استعادة دورها الطليعي وأن تكون جزءاً من متابعة قضايا الناس الحقوقية الاقتصادية والاجتماعية.
وخروج النظام السياسي الفلسطيني من دائرة إبر التخدير التي يطلقها المجتمع الدولي نفاقاً ورياءً (حل الدولتين هو الأساس)، كيف ذلك وغزة تحت الحصار منذ خمسة عشر عاماً ولا تعتبر تجمعاً بشرياً وجزءاً من هذه الدولة التي يدعون انهم يؤيدونها، كيف يستقيم حل الدولتين والقدس تُسرق، وظنوا أن الأمور انتهت بمجرد اعلانها عاصمة لإسرائيل فإذا بها عنوان كل شرفاء وأحرار العالم، وكيف يصمت العالم عن الاستيطان والتوسع به وينافقون بالحديث عن حل الدولتين.
لا مفر أن نخرج من دائرة ليس استخلاص العبر بل «تطقيع الحكي» وهذا بات تقليداً فلسطينياً راسخاً اليوم يجب ان نستخلص العبر ويتحمل كل منا مسؤوليته وليس البحث عن مسؤولية الآخر، وهذا ليس من باب التبسيط أو اعفاء أي طرف من مسؤوليته، وبالتالي توضع هذه الكلمات وكأنني أعفي أياً كان من مسؤوليته عن تقصيره.
بعد إعلان وقف إطلاق النار والعدوان على غزة لا بد ان تبقى عيوننا مفتوحة على «الأقصى» و»الشيخ جراح» وباب العامود، عيوننا مفتوحة على الاستيطان والمستوطنات والمستوطنين لأنهم جسم سرطاني مرفوض بالكامل. وأن نحرص على رعاية الاسرى والجرحى وأسر الشهداء.
بعد إعلان وقف إطلاق النار لكل شهيد حكاية، وكل منزل دمر هو ثمرة جهد أسرة ورب أسرة قد يكونون قد قضوا تحت انقاضه أو أُخرجوا منه الى مراكز الإيواء، وفي البيت الذي يحكي حكاية «حق السكن» الذي اخترق بالكامل، المنزل الذي يعني كل شيء للإنسان ويعني ذكريات الأطفال وحلمهم ولعبتهم التي ذهبت تحت الأنقاض، والكراس الذي ضاع بعد أن لونت فيه الأنامل الناعمة بعض الصور.
اليوم عيوننا صوب اشياء كثيرة، وفي قلب كل هذا «البرنامج الوطني الموحد» الذي يجب ان يصاغ تزامناً مع معطيات الوضع الراهن ومتطلبات المرحلة، ولعلنا نشهد تمريناً مهماً يبرز هذا البرنامج وأدواته، ودون ذلك لن يستقيم الأمر وسنعود الى النفاق الدولي غير المفيد.
208 ملايين دولار أرباح الشركات المدرجة في بورصة فلسطين
07 يناير 2024