يبدو أن الأمور في مدينة منبج أحد أهم معاقل داعش في ريف حلب ومركز ثقله بعد مدينة الباب، ما تزال تشهد بركاناً لا تخمد نيرانه، وحراكاً ثورياً تصاعدياً ضد التنظيم من قبل الأهالي،
على الرغم من كل محاولات عناصر داعش التضييق على المدنيين وزيادة الرهبة بالقبضة الحديدية، عبر الاعتقالات التعسفية وفرض حظر التجول، والسعي إلى قطع الاتصالات عن المدينة، وتغييبها تماماً عن المشهد العام في سوريا.
المدنيون بين داعش والنصرة .. إرهاب مستمر
يبدو أن عنف داعش لا يقابله إلا عنف آخر من نفس نوعه، وهذا ما يفتح باب التخوف من الصراع بين تنظيمات إرهابية تتصارع فيما بينها وانعكاس ذلك على المدنيين في المناطق التي يحتلونها.
فقد أفادت صفحة "منبج الغد" على "فيس بوك"، نقلاً عن مصادر من جبهة النصرة، بأن امرأة فلسطينية نفذت عملية أمنيّة انغماسية في مدينة منبج، قتل على إثرها نحو ثمانية عناصر لداعش، قبل أن تقدم على تفجير "حزامها الناسف" عند اكتشف أمرها والتفافهم حولها، لتقتل عشرة عناصر آخرين، وتسقط هي قتيلة.
وأضافت المصادر، أن اسم منفذة العملية "بيسان محمد جروين" من قطاع غزة في فلسطين، وهي والدة أحد مقاتلي جبهة النصرة في درعا "أبي عمر الفلسطيني الغزي"، مشيرين إلى أن الفلسطينية بيسان قَتلت بمسدس كاتم للصوت في وقت سابق، شقيقها المنتمي لداعش وبرفقته عنصر آخر "تونسي الجنسية"، بعد أن قتلوا ابنها في منبج.
من جانبه، أفاد الناشط "غسان المنبجي" ، أن امرأة دخلت مساء أمس، إلى مركز المستقبل للمعاقين الواقع على طريق الجزيرة في مدينة منبج، والذي اتخذه داعش مقراً له منذ أكثر من عام بعد إفراغه، فجرت نفسها بين عناصره في المقر، ما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة عناصر وجرح آخرين.
وهذا يشير بوضوح إلى ارتهان حياة المدنيين بعلاقات الصراع على السيطرة واحتلال المناطق السورية بين تنظيمين إرهابيين يستخدمان وسائل العنف والإجرام على سوية واحدة.
حظر تجول في منبج
ويضيف "المنبجي" أن داعش فرض أول أمس الأربعاء، حظراً للتجول يبدأ من الثامنة مساءً وحتى الصباح، وذلك نتيجة اندلاع مظاهرات ضده في كافة أحياء المدينة لأكثر من مرة خلال الأسبوعيين الماضيين،
مشيراً أنه لم يكتف بحظر التجول، بل نشر عشرات الحواجز داخل أسواق المدينة وأحيائها التي تركزت فيها الاحتجاجات، ونشر حواجز أخرى على أطراف المدينة وكافة مداخلها ومخارجها، لتحجيم المظاهرات، والعمل على فضها مباشرة واعتقال المتظاهرين.
وكانت مظاهرة رابعة خرجت مساء الأربعاء، في حي "الحزاونة" طالب خلالها المتظاهرون بخروج داعش من منبج، إلا أن الأخير قابلهم كعادته بالرصاص الحي وفرّقهم،
وأزال عناصره كافة الكتابات التي كُتبت على الجدران ضده "القديمة منها والحديثة"، في حين أقدم شاب من قرى منبج القريبة الاثنين الفائت، على قتل قاض شرعي لداعش "تونسي الجنسية" وبرفقته مسلحان آخران سوريان، قبل أن يطلق الشاب النار على نفسه ليسقط قتيلاً.
إن التجاوزات الكبيرة لداعش في منبج، دفعت الأهالي للخروج أكثر من مرة مطالبين بخروجه من منبج. وقد سجلت خلال الأسبوعين المنصرمين عدة مظاهرات تندد بممارسات مسلّحي داعش التعسفية والتضييق على المدنيين والتحكم بكل شؤونهم، وأحكام قضاته الجائرة.
وتأتي هذه العملية الانتحارية لتضع الأهالي أمام فصلٍ جديدٍ من العنف في حال استمر هذا النوع من فضّ النزاع بينهما، لتبقى حياة المدنيين نُهبا لعنف وعنف مضاد من تنظيمين هما الأكثر إرهابا هذه المرحلة.
نقلا عن قناة "الآن" الفضائية