خمسة خيارات في التعامل مع غزة

حجم الخط

بقلم: غيورا آيلند

 


يسمح انتهاء الحملة بوجود نقاش لم يسبق أن تم؛ موضوعه اختيار الاستراتيجية تجاه غزة. توجد خمسة بدائل مختلفة في الغاية أو على الاقل في الطريق.
الامكانية الاولى هي استمرار الوضع القائم والذي معناه الهدوء مقابل الهدوء. المعنى العملي هو ان نواصل العيش من جولة إلى جولة في ظل الامل في انه حتى الجولة التالية يمر الكثير من الزمن. ثمة من سيقول ان هذا هو الامر الصحيح، وهو بمثابة اهون الشرور. من المشكوك فيه أن يوافق سكان عسقلان، سديروت، والغلاف على هذا.
الامكانية الثانية تقوم على اساس الادعاء بأن الردع ليس كافيا، إذ في نهاية المطاف فان «حماس» هي التي تقرر متى يكون هدوء ومتى يكون قتال، وبالتالي يجب ان نستغل نجاح الحملة لمنع «حماس» من بناء قوتها العسكرية. من ناحية عملية سيكون من الصواب حسب هذه الاستراتيجية الهجوم على كل مشروع سلاح تحاول «حماس» اقامته.
وحسب الامكانية الثالثة فاننا ملزمون بأن نتخذ استراتيجية عدوانية اكثر من ذلك غايتها اسقاط حكم «حماس» في غزة. والسبيل لعمل ذلك سيوجب عملية برية واسعة وسيطرة على قسم مهم من قطاع غزة على مدى زمن طويل.
الامكانية الرابعة تشبه الثالثة من حيث الهدف – اسقاط حكم «حماس»، ولكنها معاكسة في الطريق. حسب هذا النهج فان المشكلة هي سياسية صرفة وليس عسكرية. ولهذا علينا أن نستأنف حوارا محترما مع السلطة الفلسطينية ونشجع كل عمل يسمح باعادة السلطة الفلسطينية الى غزة.
الامكانية الخامسة معاكسة. حسب هذا النهج فان غزة هي دولة بحكم الامر الواقع. صحيح أن الحكم في غزة هو لأناس «اشرار»، وصحيح أنه توجد لهم تطلعات للسيطرة في الضفة ايضا، ولكن الحكم يعمل حسب المصالح وليس حسب الايديولوجيا. وبالتالي فان علينا ان نخلق فجوة حقيقية بين العصا التي نستخدمها اذا ما اطلقوا علينا النار وبين الجزرة التي نمنحها اذا كان هنالك هدوء. والمعنى العملي هو انه اذا ما اطلقوا علينا النار فاننا ليس فقط نطلق النار عليهم، بل نوقف كل عبور للوقود، الكهرباء، والمياه، وبالتوازي نشجع أن تبني حكومات اجنبية بنى تحتية في غزة بما في ذلك ميناء بحري، وان يفعلوا هذا في ظل التعاون الكامل مع الحكم في غزة، حكم «حماس». وعندها، مثلما يحافظ «حزب الله» على الهدوء 15 سنة خوفا من تدمير لبنان، هكذا ستفعل ايضا حكومة «حماس» في غزة.
يبدو أنه حان الوقت لاجراء نقاش استراتيجي حقيقي تبحث فيه الحكومة، القائمة او القادمة بجدية في البدائل الخمسة. من المهم أن نفهم انه اذا لم يجرَ مثل هذا البحث، ولأسفي من المعقول الا يجرى فانه كآخر الخيارات سنبقى مع الاستراتيجية الاولى، اي استمرار السياسة القائمة. حكومات إسرائيل على اجيالها تتملص من مناقشات من هذا النوع، وليس فقط بالنسبة لغزة بل تقريبا بالنسبة لكل موضوع آخر. النهج الدارج في اتخاذ القرارات عندنا هو نهج «اقتراح المقررين»: يقر في النقاش ما سبق أن تقرر عمليا.
إن السياسة تجاه غزة ليست الموضوع الاهم الذي تبين في الاسبوعين الاخيرين. فعلاقات العرب – اليهود موضوع اهم، ولا يمكن تناوله في الاطار الضيق لهذا المقال. اضافة الى ذلك، من الملح ايضا التشديد على معضلة الشيخ جراح. يجدر بالذكر ان التوتر بدأ عندما هدد محمد ضيف بأن اخلاء العرب في هذا الحي ليس مقبولا على «حماس». من جهة كل تنازل إسرائيلي في هذا الموضوع سيعد خنوعا معيبا لـ»حماس»، ومن جهة اخرى فان القرار القائم للمحكمة المركزية لاخلاء عرب يسكنون هناك منذ 70 سنة واسكان يهود محلهم هو قرار معيب يقوم على اساس قانون إسرائيلي غبي، وتطبيق مثل هذا القرار سيتسبب حقاً بغضب شديد على إسرائيل. قلنا، معضلة.

عن «يديعوت»