في ثنايا هذا المقال اعترافٌ صريح من إعلاميّ إسرائيلي بارز بسياسة التضليل الإعلامية الإسرائيلية المبرمجة والمقصودة، وأثر هذا التضليل على إسرائيل!
استطاعت إسرائيل أن تحتفظ بهيمنتها الإعلامية خلال سنوات طويلة، وتمكنت باستخدام مخزونها الكبير من اللغات أن تنتشر انتشاراً كبيراً في دول العالم، وأن تستقطب إعلاميين كثيرين، وأن تشتري وسائل إعلام مؤثرة كبيرة، غير أن هذه الهيمنة تتعرض اليوم للتحدي، بسبب الانفتاح الذي يشهده العالم، هذا الانفتاح أنتج أمراً خطيراً بالنسبة لإسرائيل، إمبراطورية التضليل الإعلامي، وهو كشف الحقيقة، لدرجة أن هذا الانفتاح دفع إعلاميين إسرائيليين كثيرين إلى كشف زيف هذا الإعلام، لأنه يُقوّض النظرية المركزية المُدَّعاة وهي؛ إسرائيل هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!
إنَّ مقال، الإعلامي، والكاتب، ورئيس تحرير صحيفة «الجروساليم بوست» الإسرائيلية، عن خداع وتضليل وسائل الإعلام الإسرائيلية، مقالٌ مهمٌ جداً، لأنّ كاتبه من أبرز الصحافيين في إسرائيل، وهو مختص في الشؤون العسكرية، وهو أيضاً من أبرز المحاضرين في الإعلام في جامعة هارفارد، إن مقاله يكشف تضليل الإعلام الإسرائيلي حتى للصحافيين الإسرائيليين أنفسهم!
إنَّ ما رصده الإعلامي، يعقوب كاتس، يوم 16-5-2021، في الصحيفة، عن خداع فرقة الناطقين الإعلاميين باسم الجيش لكل وسائل الإعلام هو المهم. قال: «تتكوَّن فِرقةُ الناطقين الإعلاميين باسم الجيش من خمسمائة من الضباط والجنود، ميزانيتهم تقدر بعدة ملايين من الشواكل، هؤلاء الناطقون خدعوا الإعلام، عندما نفذ الجيش الإسرائيلي عملية في غزة، يوم عيد الفطر، 14-5-2021، أوهم هؤلاءِ الإعلاميين على لسان، هداي زلبرمان، بأن الجيش الإسرائيلي قد دخل غزة، ما دفع صحيفة الواشنطن بوست، وول ستريت جورنال، أن تنشرَ هذا الخبر، وبعد ساعات قليلة كذَّب الناطقون الإسرائيليون أنفسُهم الخبرَ!
كذلك فعل الناطقون يوم هدم برج الجلاء في غزة، حيث مقرـ وكالة أنباء أسوشيتد برس، وقناة الجزيرة، فادَّعوا أن مخابرات حماس تستخدم برج الجلاء لأغراض هجومية، لم ينشر الجيش توضيحاً لهذا الهدم، ولم يقدم الأدلة للصحافيين!
بدأ خداع الجيش لوسائل الإعلام في العام 2019 عندما أسقطت إسرائيلُ طائرة مسيرة تابعة لحزب الله، وما تلاه من تهديد حزب الله بالانتقام، فقامت إسرائيل بتأليف (مسرحية)، لمنع التصعيد، بدأت بتفريغ الشريط الحدودي، ثم وضعت جيباً عسكرياً فارغاً، ما دفع حزب الله إلى تدميره بصاروخ، كورنيت، ثم حَملت طائرةٌ مروحية، (الممثلين) المصابين إلى مستشفى سوروكا، حيث خرجوا بأربطة طبية بيضاء للتضليل! هكذا اكتفى حزب الله بالعملية!
أثناء هذه العملية لم يوضح أيُّ ناطق رسمي إعلامي باسم الجيش ما حدث، ولم يفسر هذه المسرحية!»
تساءل الصحافي، يعقوب كاتس عن أثر هذا التضليل الإعلامي على إسرائيل، قال:
«إن تضليل وخداع الإعلام يؤدي إلى فقدان الثقة بالناطقين الرسميين، ومن ثَمَّ فإن وسائل الإعلام لن تنشر أخبارهم، كما أن الأثر الأهم هو تقويض مصداقية، ديموقراطية إسرائيل.
كذلك فإنَّ هذا الخداع والتضليل سيؤثر على محكمة الجنايات الدولية، لأن المحكمة ستعتقد أن الجيش الذي يخدع وسائل الإعلام الخارجية، لا يمكن أن يكون قضاؤه منصفاً عندما يُحاكم جنودَه من المتهمين بارتكاب جرائم الحرب»!