وقف النار بين إسرائيل وغزة: صواعق التفجير لا تزال على حالها

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 

 


رغم أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و»حماس» تم الحفاظ عليه بصورة مشددة منذ أن دخل حيز التنفيذ قبل اربعة أيام، إلا أن الهدوء في القطاع بعيد عن أن يكون مستقراً. الاتفاق الذي تم التوصل اليه بدعم أميركي ووساطة مصرية تقريباً لم يدخل إلى تفاصيل التسوية، واقتصر في المرحلة الأولى على ضمان الهدوء مقابل الهدوء. ولكن هذه الظروف تبقي عدة قضايا محتملة ستسبب الانفجار في المستقبل، ويمكن أن تؤدي الى اشتعال جديد حتى لو كان هذا لا يظهر في هذه الاثناء مصلحة فورية لأي طرف من الأطراف. تتعلق هذه الاسباب بسياسة الرد الإسرائيلية الجديدة على اعمال عدائية مستقبلية من القطاع، وعلى إغلاق المعابر الى القطاع، وعلى التوتر في الضفة الغربية وفي القدس.
بعد وقف إطلاق النار وعد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأن الوضع الذي ساد بعد عملية «حارس الأسوار» لن يعود الى سابق عهده، وبأن إسرائيل ستفرض «معادلة جديدة» أمام «حماس». توافقت أقوال نتنياهو مع توصيات الجيش الإسرائيلي بالرد بصورة شديدة على اطلاق أي صاروخ وحتى على اطلاق أي بالونات حارقة من القطاع. بدرجة معينة قيدت هيئة الاركان العامة بذلك المستوى السياسي. فبهذه التوصيات التي شملت ايضا تغيير آلية نقل الأموال من قطر الى القطاع (تمرير الأموال عبر السلطة الفلسطينية وبإشرافها) فان الجيش في الحقيقة يجبر الحكومة على اتخاذ خط حازم ومتشدد أكثر تجاه «حماس». بدرجة كبيرة هذه مقاربة مطلوبة. وتجاهل إسرائيل لخروقات سابقة لوقف اطلاق النار أدت في نهاية المطاف الى التصعيد المتعمد من قبل «حماس». من ناحية اخرى، كل فصيل فلسطيني توجد له اسباب للخلاف مع الحكم في القطاع سيعرف من الآن بأنه يمسك بمفتاح التصعيد.
بالنسبة للمعابر، في هذه الاثناء هي مغلقة اكثر مما هي مفتوحة، رغم الأضرار الكبيرة التي تعرضت لها البنى التحتية في القطاع في فترة الحرب والحاجة الى اعادة اصلاحها من جديد بصورة سريعة وبضخ موارد جديدة. تسمح إسرائيل بين حين وآخر بدخول وخروج اشخاص ومواد لغايات انسانية، لكنها تفعل ذلك بيد مقبوضة.
احد أسباب ذلك هو رغبة متأخرة باصلاح عيوب عملية «الجرف الصامد» في العام 2014 وتسريع اجراء نقاش جديد حول اعادة الاسرى والمفقودين الإسرائيليين المحتجزين في القطاع. ايضا هنا توجد فجوة بين المطلوب والموجود. ومن المشكوك فيه إذا كانت «حماس»، التي تبدو منتعشة من الشعور بأنها علّمت إسرائيل درسا في المواجهة الأخيرة، ستخضع بسرعة للضغوط. استمرار الازمة الانسانية يمكن أن يسرع أيضا تصعيداً آخر.
العامل المفجر الثالث يوجد في القدس وفي الضفة الغربية. بدأت المواجهة الاخيرة في القدس بعد المظاهرات ضد نية إخلاء عائلات فلسطينية من الشيخ جراح ووضع الحواجز من قبل الشرطة في منطقة باب العامود والتوتر في الحرم. الخلاف في الشيخ جراح والتوتر في الحرم لم يتم حله عند وقف القتال في غزة. ربما بالعكس، يوجد الآن المزيد من الوقت والطاقة للانشغال بهما.
تساهم في الاجواء المتوترة في القدس وفي الضفة ايضا مشاهد القتل والدمار، التي يتم بثها بشكل كثيف وفظ في قنوات التلفاز العربية وفي الشبكات الاجتماعية. ورغم أن إسرائيل قتلت فعلياً في هذه المرة عددا اقل من المدنيين مقارنة بعمليات سابقة وجرت محاولات اكثر للتمييز بين المسلحين والمدنيين إلا أن الدماء التي سفكت كانت كافية لاشعال الارض. بوادر أولية لذلك ظهرت في العمليات التي وقعت في الاسابيع الاخيرة في الضفة الغربية والتي نفذت في معظمها من قبل «مخربين» أفراد ليس لهم أي انتماء تنظيمي. أول من أمس قام فلسطيني من شرقي القدس بطعن واصابة جندي ومدني قرب تلة الذخيرة. وتم إطلاق النار عليه من قبل شرطي وقتل. من المرجح أن هذه الأحداث ستستمر. وقد نجحت «حماس» في أن تشعل من جديد القدس وفي الضفة. وسيكون هناك من سيترجمون هذا الى محاولات لتنفيذ عمليات. المواجهة ايضا أججت التوتر في مثلث السلطة - «حماس» - إسرائيل. واستعراض القوة من قبل «حماس» سيسرع بالتأكيد عمليات الاعتقال لنشطائها في الضفة، وهذا يمكن أن يكون مصدرا آخر لزيادة التوتر على نار هادئة، أو حتى بقوة أكبر.
وزير الخارجية الأميركي، انتوني بلينكن، وصل، أول من أمس، الى إسرائيل في إطار زيارة عمل اولى في الشرق الأوسط. وأحد مهماته الرئيسية من قبل الرئيس جو بايدن هي أن يصب مضموناً داخل اتفاق وقف إطلاق النار بهدف منع استئناف أعمال العنف.

 عن «هآرتس»