«داعش».. الأخطبوط العالمي الأسود

131237_0
حجم الخط

تعيش الاجهزة الامنية الاوروبية حالة من الهستيريا منذ 13 تشرين الثاني، وهو يوم الجمعة الاسود في باريس، وتتراكم معلومات تشير الى أن العمليات في تلك الليلة هي فقط جزء من عمليات أكثر دراماتيكية كانت ستترك الغبار لعمليات 11 ايلول ، االتي نفذتها «القاعدة». كانت الخطة الاساسية لـ «داعش» تنفيذ مجموعة من العمليات في عدد من العواصم الاوروبية. وليس صدفة أنه بعد العملية في باريس اجتمع رئيس حكومة بريطانيا، ديفيد كاميرون، والمستشارة الالمانية، انجيلا ميركل، بمشاركة هيئات الحرب لديهما. هذا ليس اجراءً عاديا. الاجهزة الامنية الاوروبية لم تكتشف بعد الشبكة التي نشرها «داعش» في القارة الاوروبية. لذلك لن تغامر أي دولة. فقد ألغيت الرحلات الجوية والاحداث الرياضية والحفلات الواحدة تلو الاخرى، وهذه البداية فقط. ليس واضحاً بعد لماذا لم تخرج العملية الكبيرة الى حيز التنفيذ، ويمكن الاعتقاد أنه اذا انتشرت شبكة واسعة في عدد من العواصم فان شيئا قد تشوش. هناك خشية حقيقية من أن الوسائل الحربية والارهابيين يوجدون في أماكنهم وسيعملون في أي لحظة، لكن شيئا ما يمنعهم في الوقت الحالي. هذا ليس الامر الوحيد الذي تشوش في خطة «داعش». كان يفترض أن تحدث العملية المركزية في ستاد كرة القدم ديفرانس، حيث كان هناك عشرات آلاف المشاهدين الذين جاءوا لمشاهدة مباراة ودية بين فرنسا والمانيا. المخربون الانتحاريون كانوا ينوون تفجير أنفسهم داخل هذا الجمهور الكبير وقتل المئات. خطوة البدء التي كان يفترض أن تتم في الساعة التاسعة وعشرين دقيقة كانت ستصيب الفرنسيين بالصدمة. وبعد ذلك حينما تتعطل كل الاجهزة بسبب الكارثة الكبيرة كانت ستتم 3 – 4 عمليات انتحارية في اماكن عامة في المدينة مثل المسرح والمقاهي. إلا أن المخربين الذين كانوا سيدخلون الى الاستاد من عدة مداخل، فشلوا. فالاول فجر نفسه في البوابة ب في التوقيت المحدد الذي هو 9:20. بعد ذلك بعشر دقائق حاول مخرب آخر الدخول من البوابة اتش، وقد فشل ايضا، حيث اصطدم برجال الامن – هذه الظاهرة لا تعرفها اوروبا في الاماكن المكتظة باستثناء الملاعب، حيث يواجهون هناك المخلين بالنظام. الآن فقط بدأت اوروبا تسأل نفسها الاسئلة حول أسس الحماية والامن. يوم الاثنين من هذا الاسبوع التقى وزير الدفاع، موشيه يعلون، مع سفراء دول «الناتو» في اسرائيل – الفرنسي، البريطاني، الأميركي وممثل السفارة التركية حضر اللقاء. تحدث يعلون معهم حول ضرورة الوضوح الاخلاقي، وطلب منهم الكف عن الخوف من قول «الاسلام السياسي» و»الاسلام الجهادي» بصوت عالٍ. هذه ليست مشكلة اجتماعية، كما قال لهم، هذه حرب حضارات. الجهاد الاسلامي أعلن الحرب ضدنا جميعا، وبالاضافة الى «داعش» هناك ايضا «الاخوان المسلمون» وغيرهم الذين يريدون سيطرة دينهم على كل العالم. اهتم السفراء أكثر بالجانب العملي، بوسائل الدفاع والحماية. وطلبوا معرفة كيف يمكن اجراء توازن بين حقوق الانسان وبين الاحتياجات الامنية، تحدثوا عن امور حساسة مثل التنصت على المواطنين، وسجلوا بأدب كل ما قيل من أجل إرساله الى البيت في التقارير. لم يكن هناك شعور بأن اعضاء الناتو في الطريق الى المعركة على حياتهم. اضافة الى ذلك لا أحد يفكر في اوروبا في نبش حقيبة أي أحد عند دخوله الى السوبرماركت. لا يتحركون من الجولان في بداية الاسبوع كان هناك حادثة مهمة جدا في مثلث الحدود بين اسرائيل وسورية والاردن، لم تحظ بالتغطية الإعلامية. تنظيم داعش الموجود في النقطة الاقرب لإسرائيل في الجولان السوري تعرض لضربة قاتلة، وفقد بضربة واحدة جميع قيادته هناك. الادعاء هو أن انتحاريا ينتمي لتنظيم معادٍ دخل الى اجتماع هيئة الاركان لتنظيم «شهداء اليرموك» الذي قدذم الولاء لـ «داعش» ويعمل باسمه. قام الانتحاري بتفجير نفسه في جميع المتواجدين في الغرفة. هذه المجموعة «شهداء اليرموك»، تضم 700 شخص، وقد كانت تقلق ليس فقط اسرائيل بل الاردن والدروز وجهات سورية معارضة، حيث إن طرفا من هذه الاطراف قرر التخلص منهم. لم تكن لاسرائيل مشكلة مع وجود «داعش» في الجولان، حيث لم تطلق أي رصاصة باتجاه اسرائيل اثناء الحرب الاهلية من قبل مقاتلي «الخلافة الاسلامية». إن مجرد وجودهم هناك خلق توترا دائما وتحذيرا دائما لاسرائيل. الآن تُدار معارك بين رجال «شهداء اليرموك» ورجال «جبهة النصرة» التابعين لـ «القاعدة»، وهناك الكثير من المصابين في الميدان. يمكن أن العملية القاتلة قد تشير الى نهاية سيطرة «داعش» في الجولان. نضال صلاح، من سكان جلجولية، الذي عبر الحدود الى سورية بمنطاد في 24 تشرين الاول، وصل الى هذه المجموعة، شهداء اليرموك. وليس واضحا مصيره في هذه المعارك. وقد تبين، هذا الاسبوع، أنه اتصل بالتنظيم السوري من خلال الانترنت، وكان يفترض أن ينضم مع اصدقائه في موقع «داعش» في الجولان ليكون جزءا من «الخلافة الاسلامية» الجديدة. يحاول رجال الاستخبارات الآن فهم انتقال «داعش» من عمليات الذئاب الوحيدة في اوروبا – على صورة شارلي إيبدو – الى عمليات كبيرة منظمة بشكل لائق، وهذا ينبع من الفشل أمام قوات التحالف في العراق وسورية. الاستنتاج الذي يتبلور في اسرائيل ايضا هو أنه لا صلة، فالفشل التكتيكي في الميدان لا يُحدث أي تغييرات استراتيجية في هذا التنظيم. فهم هنا من اجل البقاء، والعمليات الدموية في الخارج هي جزء من هذه الاستراتيجية. ايضا وراء العمليات في باريس يقف جهاز منظم للعمليات الخارجية، يرأسه خبراء في حرب العصابات جاءوا من القوقاز. في «داعش» هناك نحو ألفي مقاتل من الاتحاد السوفييتي السابق. وقائد الاركان أبو عمر هو مواطن من الشيشان. أبو بكر البغدادي، الذي أقام «داعش»، عراقي من سامراء من مواليد 1971. واضافة لكونه رجل دين، يعتبر شخصا عمليا جدا مع قدرات تفكير عملية جدا ومتصلة بالواقع. ومنذ العام 2010 حينما كان جزءاً من قيادة «القاعدة» قام بالاهتمام بالشبكات الاجتماعية من اجل تجنيد المسلمين من جميع العالم لهذا الصراع. يقوم البغدادي الآن بنشر كتاب سنوي يمكن فيه رؤية جميع تفاصيل العمليات. الأميركيون الذين يتابعون هذا النشر يقولون إن هناك دقة كبيرة في المعطيات التي تظهر في الكتاب. البغدادي نفسه أمضى وقتا طويلا من حياته ضمن قوات «فدائيي صدام» التي انشأها في حينه الرئيس العراقي ضد أعدائه الشيعة. وطريقة قطع الرؤوس جاء بها من هناك. اغلبية الاشخاص الموجودين الآن حول البغدادي كانوا معه في معسكرات الاعتقال الأميركية بعد حرب الخليج الثانية، وهناك تبلورت الكراهية التي أوجدت «داعش». البغدادي ورجاله أوجدوا نظرية مكونة من مرحلتين. الاولى، طرد الأميركيين من العراق واقامة «الخلافة الاسلامية» على جزء من اراضي الدولة. وفي المرحلة الثانية ستشمل «الخلافة الاسلامية «كلا من مصر، لبنان، الاردن، سورية، اسرائيل واجزاء من العراق. أما باقي العالم الاسلامي فسيعتبر تابعا للخلافة. العراق الآن هو نقطة الانطلاق، والرقة في سورية هي عاصمة مؤقتة فقط. يمكن القول إنه اذا تم احتلال دمشق من قبل «داعش» فهي ستتحول الى عاصمة له. الفلسطينيون لا يهمونهم رغم أن 15 بالمئة من شباب الضفة يُظهرون التعاطف مع «داعش» في الاستطلاعات. بالنسبة لـ «داعش» فان السلطة الفلسطينية التي تتحدث عن دولة ديمقراطية الى جانب اسرائيل، تبعث على الاشمئزاز. وقد أصدر «داعش» قبل بضعة اسابيع تسجيلا بالعبرية يهدد اسرائيل فقط بعد أن قام الزهيري، زعيم التنظيم المنافس، بمهاجمة البغدادي واتهمه باهمال القضية الفلسطينية. إذاً، هم سيصلون الينا، ولكن ليس في هذه المرحلة، بل في مراحل اقامة الخلافة الأخيرة. اليوم تسيطر الخلافة على مناطق في العراق وسورية، حيث يعيش 6 ملايين شخص. والابحاث التي تمت حول مستوى سيطرتهم في المدينتين الرئيستين – الرقة في سورية والموصل في العراق – تكشف أنه في جميع المعايير السلطوية فان الوضع في هذه المناطق أفضل مما كان عليه في فترة النظام العراقي أو السوري، وأن الخدمات للمواطنين أفضل كثيرا. مع كل قصص الرعب إلا أن «داعش» لا يمكنه السيطرة على منطقة دون دعم من السكان، وكما يبدو فانه يحصل عليه، على الاقل من السنة. بعد الهروب الاولي للسكان الخائفين من الموصل، فان السكان في المدينة يبلغ عددهم نصف مليون انسان. المدينة تتفكك والمواطنون يحصلون على الخدمات الاساسية مثل المياه والكهرباء التي هي أفضل مما حصلوا عليه في السابق. في مدينة الرقة هناك سدود تشغل المولدات الكهربائية التي يعمل فيها موظفون سوريون سابقون ويحصلون على رواتبهم حتى الآن من الحكومة السورية. إضافة الى ذلك، حتى قبل ثلاثة اشهر قدم العراقيون والأميركيون ميزانيات لادارة مقاطعات في العراق يسيطر عليها «داعش» من اجل منع الاضرار بالسكان. عندها فهموا بغباء أنهم يمولون «داعش»، فتوقفوا. في الرقة توجد الهيئات القيادية الرفيعة لـ «داعش» – السياسية والعسكرية. وهناك ايضا مجلس الشورى الذي يفرض السياسة في جميع مجالات الحياة لمواطني الخلافة. وتحته يعمل المجلس الاداري، المسؤول عن الخدمات العامة والزراعة والصحة والمجلس العسكري. الى جانب البغدادي يوجد مجلس مسؤول عن «الدولة الاسلامية» في العراق ومجلس مسؤول عن سورية. مقاطعات «الدولة الاسلامية» بنيت على أساس المقاطعات التي كانت قائمة في سورية والعراق الى أن سيطر عليها «داعش». لكل مقاطعة لديه، تسمى ولاية، يوجد حاكم لديه استقلالية في مجال القضاء والشرطة وفرض قانون الشريعة والتعليم والصحة. وتخضع لسيطرة الحاكم قوة عسكرية يستطيع تشغيلها بشكل مستقل من اجل الحفاظ على سيطرته. فاذا قرر مثلا احتلال حقل غاز لتحسين اقتصاد المقاطعة فهو ليس بحاجة الى مصادقة المركز في الرقة. هناك ايضا مقاطعات اخرى. دمشق مثلا يجد «داعش» فيها صعوبة لاقامة كل المؤسسات السلطوية بسبب المعارك هناك. الفرنسيون يتحدثون حاليا عن قصف انتقامي في الرقة. إلا أن الاهداف المعروفة هناك تم قصفها من الأميركيين في السنة الاخيرة. وفي كل مرة ظهر هدف مناسب – كان يتم قصفه. يبدو أن الفرنسيين قد قصفوا مؤسسات مدنية للسلطة هناك. اضافة الى المقاطعات داخل العراق وسورية توجد لـ «داعش» ايضا مواقع سيطرة في الكرة الارضية. المقصود هو التنظيمات الاصولية في سيناء وغزة والهند وليبيا ونيجيريا والشرق الاقصى وشبه الجزيرة العربية والشيشان والخلايا السرية الاوغارية في الصين وبوكا حرام في افريقيا. بعضها تنظيمات كانت تتبع لـ «القاعدة» ونقلت ولاءها لـ «الدولة الاسلامية». الصلة مع النظام المركزي في الرقة والموصل ومع المقاطعات في العراق وسورية تتم من خلال «سفراء» يتوسطون بين النظام المركزي وحكام المقاطعات. العلاقة مع المقاطعات البعيدة تتم من خلال وسائل اتصال متطورة جدا، وكثيرا ما يصل مبعوثون من المركز في العراق وسورية الى مقاطعات اخرى للمساعدة. وفد كهذا زار مثلا بوكو حرام في نيجيريا لتحسين قدرة البث الدعائي لهم. وعلى مدى السنة تم الحديث عن زيارات لنائب الخليفة، أبو علاء العفري في ليبيا، التي تتحول هي ايضا الى مقاطعة مركزية في نشاط «داعش». الخبراء يقولون إنه اذا نجح الغرب في طرد «داعش» من الشرق الاوسط فان ليبيا ستشكل بديلا مؤقتا لـ «الخلافة». موجة من المتطوعين بدأت النواة الصلبة لـ «اداعش» تتبلور في العقد الماضي في المقاطعات السنية في العراق، بعض الاشخاص طردوا في حينه من الجيش ومن القيادة في اطار «التنظيف» الذي قام به الأميركيون في المؤسسة العراقية. يدور الحديث عن مهنيين في كافة المجالات العسكرية، بما في ذلك خبراء في المواد الكيميائية والصواريخ والمدرعات – حيث خدموا في جيش صدام حسين. وبدأ التنظيم في امتلاك السلاح الثقيل خلال الانتقال من العراق الى سورية، حيث طرد من قبل القبائل السنية التي اشترتها الادارة الأميركية بالمال وبإشراكها في السلطة. في العام 2011 وصل رجال «داعش» الى سورية مباشرة من خلال فوضى الربيع العربي، وهناك بدأوا في الانتشار العسكري. بدأ «داعش» بحملة احتلال لمعسكرات سورية وحصل على السلاح الثقيل. وفي 2014 عاد الى العراق في حملة منتصرة انتهت باحتلال المدينة الثانية من حيث حجمها وهي الموصل. طريقة عمل «داعش» عشية احتلال المدينة تُذكر بطريقة دخوله اليوم الى اوروبا. فقد بدأ رجاله في التسلل الى داخل الجاليات السنية المؤيدة والتي عانت من القمع من قبل الجيش العراقي بقيادة شيعية قبل دخول الفوج الاول من المدرعات التي سرقها «داعش» من الجيش السوري. نجح رجال «داعش» في الموصل وبدأوا في بناء بنية اقتصادية تعتمد على ابتزاز اموال الحماية. ولحظة الامتحان دمروا المدينة من الداخل، وهم مبنيون هكذا في اوروبا ايضا. يجلس النشطاء داخل أحياء المهاجرين المسلمين في دول مختلفة وينتظرون الأوامر. حلم الخلافة الاسلامية للبغدادي استقطب الى صفوف داعش 15 ألف متطوع من أنحاء العالم، منهم 6 آلاف جاءوا من تونس. ومن تلك الدولة تصل نساء لرعاية المقاتلين قبل خروجهم الى المعارك، وبعد أن عادت 30 منهن الى بيوتهن وهن حوامل بشكل غير شرعي، حدثت فضيحة في البرلمان المحلي. وصل 4 آلاف متطوع آخر من السعودية، 750 من الاردن، 500 من اليمن. ايضا من اوروبا – 1500 من بريطانيا، 1200 من فرنسا، 600 من بلجيكا. وفي الاونة الاخيرة فقط بدأ الاتراك يشددون على الحدود المشتركة مع سورية، وحتى الآن لم يتقلص عدد المتطوعين. بعضهم يأتي للمشاركة في الحرب وآخرون يستجيبون لدعوات البغدادي للمشاركة في اقامة الخلافة كمهندسين ومديرين ومعلمين واطباء. وهناك عرب من اسرائيل وقعوا في الفخ حيث يوجد منهم حتى الآن 50 في صفوف «داعش». وعدة عشرات آخرين تم اعتقالهم في العامين الاخيرين إثر محاولة اقامة خلايا لـ «الدولة الاسلامية» في اسرائيل أو بسبب محاولة الانضمام لصفوفها. حسب التقديرات الحذرة للاستخبارات يوجد في صفوف «داعش» أكثر من 30 ألف مقاتل. حلم اعادة الاسلام الى عهوده المزدهرة هو عامل استقطاب للشباب المسلمين في جميع انحاء العالم. ايضا مصدر الدخل الاساسي لـ «داعش» هو النفط الذي يستخرجه من سورية والعراق حيث أن 15 بالمئة من احتياطي النفط العراقي يوجد في الموصل. وحتى قبل فترة قليلة اشترت حكومة تركيا بشكل رسمي هذا النفط وأدخلت الى خزينة «داعش» الاموال. والموافقة التركية الحالية على وقف شراء النفط هي خدعة وتضليل، حيث إنهم ما زالوا يعملون مع وسطاء التنظيم والاموال تتدفق للعمل العسكري والتنظيمي لـ «الدولة الاسلامية». ضربة اخرى تلقتها صناعة النفط لـ «داعش» هي احتلال بيجي من قبل الجيش العراقي في نهاية تشرين الاول من هذا العام. الروس ايضا انضموا، هذا الاسبوع، لصيد تجار النفط حيث أوضح القائد العسكري الروسي في احد المؤتمرات الصحافية أن الطيارين أخذوا الأمر لاطلاق النار على اهداف «داعش»، بما في ذلك ناقلات النفط. الأميركيون حاولوا المساهمة في ذلك حينما أرسلوا الكوماندو لقتل رجل اقتصاد «داعش»، أبو سياف، في منزله في سورية. في هذا الاسبوع فقط، لاول مرة، تقصف طائرات إي 10 أميركية قافلة لشاحنات النفط بعد التأكد من أنها لـ «داعش»، وهي تسير باتجاه الحدود التركية. اذا تضرر مصدر الدخل هذا فستكون مشكلة لـ «الدولة الاسلامية». فمنذ الآن ستعاني «داعش» من الحرب الكثيفة ومن تراجع الدخل الاقتصادي لها. دفع القصف الجوي «داعش» الى التوقف عن التحرك بحرية على الطريق التي تربط سورية والعراق التي تم احتلالها من جديد، وقطع التواصل القاري بين الرقة والموصل. الكثير من رجال التنظيم يوجدون الآن بدون زي رسمي وهم يختبئون بين السكان المدنيين. ومن اجل تحقيق الهدف المرجو فانه لا مناص من العملية البرية. ففي نهاية المطاف قُتل من بين نشطاء «داعش» 10 آلاف مقاتل بسبب القصف الجوي والعملية البرية. لكن عدد المقاتلين لا يقل بفضل التطوع والتنظيم الاجباري الذي فرضه «داعش» – تجنيد رجل من كل عائلة في المناطق التي يسيطر عليها. الى حين مجيء المُخلّص فشل «داعش» في الآونة الاخيرة يتساوى مع نجاحاته. فمن جهة مجموعة عمليات في باريس واسقاط الطائرة الروسية في سيناء والعملية في بيروت وعدد من الانجازات على طريق حلب دمشق. ومن جهة اخرى الانسحاب في العراق تحت ضغط الجيش العراقي والاكراد والمليشيات الشيعية. في الوقت الحالي فقد الأميركيون احدى الوسائل الحربية المهمة في سورية – النشاط السري. القوات الخاصة وبالتعاون مع الـ «سي.آي.إيه» تميزت في الماضي بالدخول وتشغيل جهات محلية، لكن الادارة الحالية بقرار واضح قررت اهمال هذا الذراع في سورية، وتملصت من جهات معارضة مثل الجيش السوري الحر الذي طلب المساعدة. لا توجد صلة بين فشل «داعش» في ميدان المعركة وبين انجازاته في العمليات في العالم، تماما كما لا توجد صلة بين موجة اللاجئين السوريين وبين بناء الشبكات الخاصة بهم في اوروبا. هذا الامر حدث قبل سنوات. العكس هو الصحيح؛ فـ «داعش» يعارض ترك المواطنين السوريين لوطنهم والذهاب الى اوروبا، وهو يعتبر ذلك خيانة لـ «الدولة الاسلامية». ويحذر المهاجرين من أن مصيرهم بين الكفار سيكون أصعب كثيرا من حياتهم في دولة الخلافة. عن «يدبعوت