كــيــف نحـــدّ مـــن معضـلــة «حمــاس»؟

حجم الخط

بقلم: ميخائيل هرتسوغ

 

 


مع صمت المعركة في غزة، تكون إسرائيل مطالبة بأن تستخلص بعمق الدروس في مسائل عديدة، بما فيها مسألة الاستراتيجية تجاه غزة.
وعلى فرض أن إسرائيل ستواظب على استراتيجية الاحتواء الذي يقوم على أساس الردع تجاه "حماس" (وبالاستناد إلى أن استبدال السلطة الفلسطينية بها ليس واقعيا الآن ومسألة جدوى سحقها إشكالية جدا) عليها أن تفكر من جديد كيف تزيد الاحتمالات لخلق استقرار متواصل.
والدليل هو أنه منذ 2014 زادت "حماس" و"الجهاد الاسلامي" قوتهما الصاروخية وقدرتهما على إنتاج تواصل ناري مركز، فيما مصدر معظم الترسانة إنتاج محلي على أساس مواد ثنائية الاستخدام.
فشلت الأقانيم التي استندت إليها الاستراتيجية المذكورة. فالردع الإسرائيلي تآكل بالتدريج، وانهار مع رشقة الصواريخ نحو القدس. فقد ظهر ترميم القطاع بكسل، وعانى من نقص في التمويل. فالآلية الدولية التي بنيت في اعقاب "الجرف الصامد" لادارة الترميم، والتي كان يفترض بها أن تمنع انتقال المواد لتعاظم جيوش "الارهاب" من خلال مراقبين وكاميرات داخل غزة، ظهرت ضعيفة ومثقبة، وتواصل ضخ مواد الترميم حتى عندما وضعت "حماس" يدها عليها. إضافة الى ذلك، تم الالتفاف على الآلية في قسم منها من خلال بوابة صلاح الدين، التي تعمل منذ نحو ثلاث سنوات، وعبره دخول شاحنات دون فحص حقيقي والجمارك التي تجبى فيه تثري صندوق "حماس". إن الاعتماد على المال القطري كضامن للهدوء تبين وهماً، ولا سيما عندما يدور الحديث عن لاعب إشكالي يسعى إلى تعزيز "حماس" وماله يضخ مباشرة إلى المنظمة. وأخيرا، فشل جهد أن تكون بين إسرائيل و"حماس" تسوية طويلة المدى أساسا بسبب الفجوات الواسعة بين الطرفين.
فماذا، إذاً، على إسرائيل أن تفعل في اليوم التالي؟ تعزيز الردع. الردع الإسرائيلي شحن من جديد في الجولة الاخيرة. لكم من الوقت؟ منوط بقدر كبير بنا. وعد قادة الدولة بأنه من الآن فصاعداً كل صاروخ سيرد عليه بقوة. في واقع الهدوء لن يركضوا عبثا إلى جولة عنف على كل خرق. ومع ذلك، من الصواب ان نتوقع تشديد الرد حيال تنقيط الصواريخ واستفزازات عنف أخرى.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تبنى من جديد الآلية الدولية المسؤولة عن ترميم غزة، والسعي إلى ألا تديرها الأمم المتحدة، بل الولايات المتحدة ومصر، وتجنيد لاعبين اقليميين (والافضلية لدول من الخليج) ودوليين آخرين لتمويل وادارة الترميم في ظل التخفيف من الدور القطري، لبناء نظام رقابة امنية ذات مغزى في غزة بلا ثغرات ووقف ضخ مواد الترميم في ضوء كل خرق من "حماس".
على غزة أن تتلقى احتياجاتها الانسانية الاساسية دون اشتراط، ولكن الربط بين الرقابة الامنية وبين الترميم يجب ان يتعزز جدا، وان يتضمن ايضا اعادة اسرانا ومفقودينا.
في البعد العسكري، على الجيش الإسرائيلي أن يفحص هل وأي من العناصر من المعركة التي يديرها ضد التعاظم العسكري للمحور الايراني في سورية سيضعها لاحباط التعاظم في غزة.
من ناحية دفاعية يجب تسريع تطوير المنظومة المضادة للصواريخ، التي تعمل على أساس الليزر واجمال خطة متعددة السنين جديدة لتقليص فوارق التحصين السلبي. على المدى البعيد يجب فحص استكمال فك ارتباط إسرائيل عن غزة من خلال حلول بالبنى التحتية (مثل ميناء خارج اراضي غزة) خاضعة للرقابة الامنية من إسرائيل، ما يسمح بازالة المسؤولية الإسرائيلية عن رفاه القطاع والتعاطي معه ككيان معادٍ مجاور.
كما أنه يوجد البعد السياسي. في الصراع بين السلطة الفلسطينية وبين "حماس" على قيادة الحركة الفلسطينية يجب أن نفضل بوضوح الاولى ونترجم ذلك عمليا. صحيح ان السلطة وزعيمها أبو مازن هما لاعبان اشكاليان ولكنهما في النهاية افضل من "حماس"، والتنسيق الامني معهما مهم لإسرائيل.
طالما تسيطر "حماس" في القطاع، وفي ظل غياب حل سياسي للنزاع، فان مشكلة غزة لن تجد على ما يبدو حلها الكامل.
ولكن يمكن تقليصها واحتواؤها، ولا سيما عندما تكون "حماس" هي الاضعف بين اعدائنا ومن المرغوب فيه التركيز على الأقوى بينهم. وإلا فلن يبعد اليوم الذي نجد فيه انفسنا في جولة عنيفة اخرى، باستثناء أنه في حينه يحتمل أن تكون هذه متعددة الجبهات.

عن "يديعوت"