مجرد «بروفة» لـ»الحرب الكبرى» القادمة

حجم الخط

بقلم: تل ليف رام

 

 


أعلن زعيم "حماس" في قطاع غزة، يحيى السنوار، في خطاب ألقاه، هذا الاسبوع، بأن الحرب القادمة التي ستنشب ستضم كل القوى المقاومة، التي توجد حول إسرائيل. المرة التالية ستكون المعركة الكبرى، قال السنوار، المعركة على القدس.
يمكن الافتراض بأن هذه كانت أمنية لـ"حماس" في الجولة القتالية الأخيرة ايضا. أن تشتعل منطقة الضفة، وان تنزف القدس، وان تستمر الاضطرابات والعنف في المدن المختلطة في إسرائيل لزمن اطول، وكل هذا بالتوازي مع جبهة أخرى تفتح من لبنان.
غير أنه في الجولة الاخيرة خرج السنوار مع جزء صغير فقط من أمانيه في اليد. إذ عمليا، العنف، الاضطرابات والتوتر داخل إسرائيل، وكذا في شرقي القدس خبا، بينما في غزة كان لا يزال القتال مستمراً. في الضفة، رغم الامكانية الكامنة الكبيرة للتصعيد، لم تشتعل الارض. نشاط الجيش الإسرائيلي وقوات التعزيز الكثيرة التي وصلت الى المنطقة وعززت الدفاع والاعتقالات الكثيرة لنشطاء "حماس" في الميدان كل هذا معا أوقف ميل التصعيد. من ناحية إسرائيل ايضا، كانت حملة "حارس الأسوار" بمثابة بروفة فقط. حملة رغم الكثافة والقوة العالية في نهاية المطاف فيها كانت مواجهة محدودة اخرى بين إسرائيل و"حماس" وعلى ما يبدو ليست الاخيرة. ولكن الساحة في غزة هي فقط جزء من التهديد الذي يتعين على الجيش الإسرائيلي ومحافل الامن الاخرى الاستعداد له في المرة التالية: مواجهة متعددة الجبهات – في الجنوب، في الشمال، وفي الضفة – ولكن ايضا مع تحديات قاسية من الداخل.
كان يفترض بالجيش الإسرائيلي، هذا الشهر، ان يجري مناورة شهر الحرب الكبيرة. في مركزها المواجهة مع "حزب الله"، الى جانب نار الصواريخ من غزة والتصعيد في الضفة. وأعطت الحملة الاخيرة مثالا مصغرا لمعنى تهديد الصواريخ على الجبهة الإسرائيلية الداخلية. ولكن لا يقل اهمية عن ذلك، وفرت ايضا الفرصة لفهم معاني المعركة الكبرى – مع "حزب الله" و"حماس"، إلى جانب التصعيد في الضفة، وتطور جيوب الفوضى ومشاكل حكم قاسية في المدن المختلطة، وفي القرى العربية وعلى طول الطرق والمحاور المركزية في شمال البلاد وجنوبها.
درس مركزي من الجولة الاخيرة هو ان كل تنظيم الجبهة الداخلية للحرب القادمة يحتاج الى تغيير من الاساس والى ثورة تحت ثلاث مهام مركزية: الانقاذ والاخلاء، العناية بالسكان، والحماية من الانتفاضة الشعبية.
من اجل الانتصار في الحرب القادمة، تحتاج إسرائيل الى جبهة داخلية قوية تؤدي مهامها. في الجيش يدعون وعن حق منذ عدة سنين بأن الجبهة الداخلية اصبحت الجبهة المركزية، حيث يوجه الاعداء مركز ثقلهم في الحرب. ولكن الاستعداد السياسي لهذا التهديد في السنوات الاخيرة هو في افضل الاحوال جزئي للغاية. فالقدرات الهجومية للجيش الإسرائيلي، مثلما وجدت تعبيرها في الحملة الاخيرة، تفوق بمعدلات كبيرة قدرات "حزب الله" في الشمال. لإسرائيل ايضا تفوق جوي واستخباري واضح على كل اعدائها في كل الجبهات. ولكن دون تغيير من الاساس للتنظيم وللفكر العملياتي لمنظومة الجبهة الداخلية سيكون من الصعب جدا ترجمة التفوقات الواضحة للجيش الإسرائيلي في الهجوم الى انتصار وحسم واضحين في الحرب التالية.
من المحظور أن تصبح الفرضية الاساس، بأن ليس لـ"حزب الله" ظاهراً مصلحة في فتح حرب مع إسرائيل، فرضية العمل التي تؤخر التغيير في مفهوم منظومة الجبهة الداخلية. مطلوب جهد وطني تحت مسؤولية عامة في ساعة الطوارئ لقيادة الجبهة الداخلية، التي تدير الجهود المختلفة من جانب قوات الاحتياط التي ستجتاز تأهيلات مناسبة، قوات الشرطة وحرس الحدود، نجمة داود الحمراء، الاطفائية، وبالطبع السلطات المحلية. منظومة تعمل بمفهوم الحرس الوطني، مع قيادة مركزية وقيادات كبرى اخرى في الشمال وفي الجنوب.
في السيناريو الاخطر في الحرب مع "حزب الله" و"حماس" بالتوازي، ستكون معظم الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت تهديد الصواريخ. معظم المناطق المأهولة في إسرائيل ستكون تحت التهديد. قوة نار "حزب الله" لا تشبه بأي حال قدرات "حماس" – لا بالكمية، لا بالنوعية ولا بالدقة ايضا. عدد القتلى والجرحى في الجبهة الداخلية في كل يوم قتالي من هذا النوع هو فقط جزء صغير من الصورة الواسعة. إسرائيل مطالبة بأن تستعد لوضع طوارئ في كل يوم قتالي فيه ان يكون مئات المواطنين المصابين بشكل غير مباشر جراء الحرب، وضرر للمنازل والبنى التحتية بحجوم لم تشهدها الدولة ابدا.
المشاهد في لبنان وفي القطاع مقابل ما سيحصل في إسرائيل ستكون اشد قسوة بكثير، فقد حسن الجيش الإسرائيلي في السنوات الاخيرة بشكل دراماتيكي قدرات النار لسلاح الجو، وعدد الاهداف التي هو قادر على انتاجها قبل الحملة وفي اثنائها وجودة الاستخبارات. وذلك بالتوازي مع تحسين كبير في منظومة الدفاع، التي تحرم العدو من انجازات برية في اراضي الدولة.

عن "معاريف"