في إطار توجه اقتصادي جديد ومع إعدادها لاستراتيجية وطنية للدخول لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، تراهن الجزائر كـ"بوابة لإفريقيا" من أجل الرفع من صادراتها خارج المحروقات على إعادة فتح المعابر الحدودية وخلق المناطق التجارية الحرة إضافة إلى مشروع الطريق العابر للصحراء.
وتلتئم منذ يومين أشغال المنتدى الاقتصادي الجزائري-الليبي، بالجزائر العاصمة بمشاركة حوالي 400 متعامل اقتصادي من البلدين يمثلون مختلف القطاعات.
وخلاله، أعلن وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقدوم أن "الجزائر بصدد وضع الترتيبات اللوجستية والتقنية الأخيرة من أجل فتح معبر الدبداب البري الحدودي بالتنسيق مع الجانب الليبي". كاشفا في السياق ذاته، عن استكمال المحادثات النهائية مع الجانب الليبي لإعادة فتح الخط البحري الرابط بين الجزائر العاصمة وطرابلس لاستغلاله في مجال نقل السلع والبضائع.
"معبر الدبداب" يرى النور مجددا
ومن أجل تكثيف التبادلات التجارية بين البلدين التي بلغت 59 مليون دولار أميركي خلال سنة 2020، دعا وزير الاقتصاد والتجارة الليبي، محمد الحويج، إلى إنشاء منطقة تجارية حرة بين الجزائر وليبيا وفتح المعبر الجمركي دبداب-غدامس.
ويرى العديد من المراقبين للعلاقات الجزائرية-الليبية أن إعادة فتح المعبر الحدودي بين البلدين خطوة في الطريق الصحيح في اتجاه تنمية المناطق الحدودية والرفع من مستوى التبادل التجاري بين الدولتين، في ظل عودة الاستقرار إلى ليبيا، خاصة أنه لا يمكن الحديث عن علاقات تجارية واقتصادية بدون فتح للحدود البرية.
نشيد الجزائر كُتب في السجن ويتوعد فرنسا
ويرى المختص في الشأن الاقتصادي، البروفسور علي قابوسة في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أنه بفتح المعبر الحدودي الدبداب-غدامس "يصبح باستطاعة المصدرين الجزائريين، مثلا المنتجين للبطاطا في محافظة الوادي من نقل سلعهم للجانب الليبي عبر هذا المعبر الجزائري-الليبي، عكس ما كان عليه الأمر سابقا من خلال التوجه من المعبر البري التونسي"، مضيفا أن هذا الأمر "يجنبهم الكثير من الاجراءات والعراقيل التي تصادفهم عند استعمال أراضي بلدان أخرى".
وأكد علي قابوسة الذي شارك في المنتدى الاقتصادي الجزائري-الليبي أن المعابر الحدودية البرية "مهمة في تحريك النشاط التجاري خاصة في مناطق الجنوب القريبة من الحدود وبالتالي ربح الوقت والجهد".
الاهتمام بمناطق التجارة الحرة
وتعول الجزائر على معابرها البرية الحدودية مع دول موريتانيا ومالي وليبيا وتونس من أجل تنشيط التجارة البينية وخلق مزيد من مناطق تجارة حرة مع جيرانها بهدف الرفع من حجم التبادلات التجارية والاستثمارات وبالتالي خلق انتعاش اقتصادي لساكنة تلك المناطق.
وحسب أستاذة الاقتصاد بالمدرسة العليا للعلوم السياسية بالجزائر، الدكتورة سهيلة برحو، فإنه "في خضم نشاط الجزائر وتوجهها نحو إعادة فتح معابر حدودية مع دول الجوار التي أغلقت لأسباب معينة، بدأت العودة التدريجية للحركية الاقتصادية".
وأبرزت الدكتورة برحو في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" فإنه "بالنسبة للجزائر يعد هذا النشاط بمثابة رجوع إلى العمق الإفريقي أولا، ثم تمكينها من توسيع رقعة التجارة الخارجية عن طريق فتح أسواق لمنتجات محلية مفروض الطلب عليها".
وأضافت المتحدثة ذاتها أنها "فرصة كذلك للمتعاملين الاقتصاديين الجزائريين من القطاعين العمومي والخاص، أغلبهم جُدُد من أجل ولوج السوق الإفريقية، خاصة وأن القارة أصبحت وجهة الشركات العظمى منذ عقدين من الزمن خصوصا وأن تفعيل منطقة التبادل الحر الإفريقية لم تتجاوز بعد العقبات الإدارية وعدم تجانس القوانين".
وحول المنتدى الاقتصادي الجزائري-الليبي، ترى أستاذة الاقتصاد بالجامعة الجزائرية، سهيلة برحو أن "استضافة الطرف الليبي المتمثل في 150 متعامل اقتصادي، كشف عن ضرورة التعجيل بعمليات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين في انتظار تحقيق اندماج فعال في المنطقة كلها".
الطريق العابر للصحراء.. شريان اقتصادي واعد
وفي غضون ذلك، خصصت الجزائر غلافا ماليا قدره 300 مليار دينار جزائري (ما يعادل 6ر2 مليار دولار أميركي) من موازنة الدولة لمشروع الطريق العابر للصحراء، حيث تبحث لتحويله إلى "رواق اقتصادي" وجعله أداة للاندماج الإقليمي والتنمية التجارية البينية الإفريقية.
ومن المنتظر أن يكون هذا الطريق الصحراوي الرابط بين الجزائر ولاغوس بنيجيريا جاهزا في شهر يونيو، وتعول الجزائر على المشروع للدخول بقوة في السوق الإفريقية خاصة أنها تحتوي أزيد من 700 مليون نسمة من الدول التي سترتبط بهذا الطريق "الشريان"، وهي تونس والنيجر وبوركينا فاسو ومالي ونيجيريا والبلدان المجاورة لها.
وتجدر الإشارة، إلى أن لجنة الاتصال للطريق العابر للصحراء، مكونة من الجزائر وتونس ومالي والنيجر ونيجيريا والتشاد.
وفي السياق ذاته، أعادت الجزائر بعث الحياة في جسد تجارة المقايضة (تبادل سلع بسلع) مع وضع شروط جديدة بداية من السنة الماضية، وتأتي الخطوة في ظل بحث السلطات عن عودة اقتصادية طبيعية إلى العمق الإفريقي وفي إطار تنويع الصادرات.
وتعتبر تجارة المقايضة الحدودية نظاما لتبادل السلع من دون معاملات مالية معمول به سابقا، ولكنه يتم حاليا وفق شروط محددة حيث تحظى هذه التجارة بإطار قانوني، ويستفيد منها سكان المحافظات الجنوبية الحدودية من المشتغلين على التجارة خاصة أن هناك علاقات اجتماعية قوية تربط بين سكان هذه المناطق من بلدان الجزائر ومالي والنيجر.
وحسب وزير التجارة الجزائري، كمال رزيق فإن الجزائر ارتأت عبر تجارة المقايضة تنشيط أداء التجارة والمؤسسات المتواجدة هناك مع المؤسسات والمتعاملين في الدول الحدودية المجاورة.
وحسب أرقام رسمية، فإن هذا النوع من التجارة المفعلة مؤخرا، وهي المقايضة حققت مع مالي والنيجر سنة 2020 ما قيمة 70 مليار دينار جزائري.