تأتي زيارة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بعد تصريحات ومواقف أميركية، منحازة للجانب الإسرائيلي، بل ومتبنية لسياسات نتنياهو العدوانية.
ليس من الصعب التكهن بمضمون هذه الزيارة ومراميها، خاصة وأن الرئيس الأميركي، صرح بوضوح، أن لا حل للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، في فترة حكمه.
الزيارة ليست زيارة مجاملة، بقدر ما هي زيارة تنسيق لمواقف إقليمية وإسرائيلية، ترمي لممارسة ضغط على السلطة الفلسطينية، للوقوف إلى جانب الحدّ من النشاطات الشعبية، والعمل على احتواء حالات المقاومة للاستيطان والجيش الإسرائيلي، تحت يافطة التهدئة!
مارست الولايات المتحدة، ضغوطاً مباشرة على السلطة، كان منها حجب أموال المساعدات.
ما ستحمله زيارة كيري، هو ممارسة ضغوط سياسية مباشرة، على السلطة الفلسطينية، لإعلان موقف واضح، إزاء ما يجري، خاصة عمليات الدهس والطعن.. ومطالبة السلطة، بالحد من نشاطات المقاومة الشعبية، رغم سلميتها.
تدرك الولايات المتحدة، تمام الإدراك، أن ما يجري، هو عملية انفجار داخلي، خاصة في أوساط الشباب، وهذا الانفجار، لا يأتي عبر توجهات رسمية أو حتى فصائلية.. وبأن الحدّ منه، هو أمر محال، محال بالنسبة للإسرائيليين، كما هو محال على السلطة.
الولايات المتحدة، ستحاول انتزاع موقف معلن من السلطة الفلسطينية، وعلى نحوٍ متصادم، مع الإرادة الشعبية الفلسطينية، دون أن تمارس أي ضغط يذكر على إسرائيل لوقف عدوانها الاستيطاني ـ الاحلالي، وإجراءات تهويد القدس، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ما تريده الولايات المتحدة، الوصول إلى حالة تهدئة، وتأتي هذه التهدئة، لمصلحة إسرائيل، وممارسة استيطانها وعدوانها.
لا يمكن التقليل من مخاطر الضغط الأميركي، خاصة فيما إذا جاء مدعماً بمواقف إقليمية، لها ذات المصلحة.. لكن عدم التقليل من تلك الأهمية، لا يعني مطلقاً، إعادة إيضاح الموقف الفلسطيني، القائل، إن سبب ما يجري، حتى الطعن والدهس منه، يأتي نتيجة طبيعية، لسياسات العدوان الإسرائيلي، خاصة على صعيد القدس. وإعادة التأكيد، على أن حالة اللاحل العادل والشامل، ستعني تلقائياً، المزيد من العنف، وحالات المقاومة، على أنواعها وأشكالها.
سبق أن أعلنا، كفلسطينيين، أن سياسات نتنياهو، أدت لجمود المفاوضات، وتجاوز الأمور، وصولاً للقفز عن حل الدولتين، وتوجه إسرائيل جدياً، لنهب المزيد من الأراضي، واغتيال حلم الدولة الفلسطينية، ذات السيادة.
لا يمكن إعادة الأمور، إلى حالة ما قبل اندلاع أحداث مقدمات الانتفاضة، لن تتمكن السلطات الإسرائيلية، ولا أية جهود إقليمية أو دولية، العودة بالأمور إلى حالة ما قبل اندلاع الأحداث، في ظل غياب أي أفق سياسي واضح، من شأنه أن يعطي أملاً للفلسطينيين، في التوصل إلى حل مرض، شامل وعادل ومنصف لقضيتهم.
بات واضحاً، للأوساط الفلسطينية كافة، أن الدور الأميركي، هو دور منحاز تماماً للجانب الإسرائيلي، وبالتالي فإن الجهود الأميركية، ومنها زيارة كيري للمنطقة، ستصبّ في القنوات الإسرائيلية مباشرة، خاصة في القناة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
ما ترمي إليه الجهود الأميركية، إحداث شرخ عميق، ما بين توجهات السلطة، وإرادة الشعب الفلسطيني، وهو أمر تجاوزه الزمن، ولم يعد قائماً، حتى على مستوى الاحتمالات.