بقلم: بسام أبو شريف

إسقاط النظام العنصري واجتثاثه هو هدف رئيسي أول قبل إقامة المجتمع الديمقراطي على كامل التراب الفلسطيني

بسام أبو شريف
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

اذا وضعنا جانبا كل قصاشد المدح أو الذم من العدو حول ماجرى في الأحد عشر يوما بين العدو الصهيوني ، والمقاومة الفلسطينية في فلسطين بأسرها ..... قطاع غزة ، والقدس والضفة الغربية ، وفلسطين ال 58 ، اذا وضعنا كل ما كتب ، وقيل جانبا نستنتج  شيئا أساسيا واحدا هو : أن هذا الكيان الذي أنشئ على أرض فلسطين ليس كيانا ثابتا ، ولا ضمانة لاستمراره ، وأن ميزان القوى قد يتغير بطرق مختلفة داخلية ، وخارجية بحيث يصبح مطلبا دوليا انهاء هذا الكيان ..... النظام العنصري تماما كما طلب المجتمع الدولي انهاء ، واجتثاث نظام الأبارتايد في جنوب افريقيا ، فاسرائيل هي الدولة الوحيدة على وجه الأرض التي تحتل أراضي الغير، وتمارس في تلك الأراضي كل أنواع التعذيب ، وتخرق كل القوانين الدولية والاتفاقات ، والتفاهمات التي تحكم القوى المحتلة ، وكيف تتصرف بأراضي الغير .

وعلى سبيل المثال : تحرم القوانين الدولية ، والأعراف واتقاق جنيف القوى المحتلة من أن تتعامل أو تتعاطى أو تعتدي على المدنيين الذين يرزحون تحت احتلالهم العسكري ، وأن القوة المحتلة مسؤولة عن ضمان أمن واستقرار السكان ، وعدم الاعتداء عليهم ، أو تهجيرهم ، أو محاصرتهم ، واسرائيل من دون دول العالم تستخدم قواتها ضد المدنيين العزل في شتى أنحاء قلسطين من حيفا الى غزة حتى فلسطينيي ال 48 ، الذين يعتبرون مواطنين في دولة اسرائيل ويصوتون في انتخاباتها ، ولهم نواب في الكنيست يعتدى عليهم ليس من قبل الشرطة فقط بل من قبل حرس الحدود كما جرى في اللد ، ويجري الآن في كل قرية ، ومدينة في مناطق ال48 ، هذه الانتهاكات التي ترتكبها اسرئيل يوميا لا تواجه من المجتمع الدولي بحزم وحسم وقرار للتنفيذ ، بل تواجه بانتقادات خجولة من هنا وهناك ، لكن بدعم كبير وواضح من قبل الادارة الاميركية ، فالادارة الاميركية هي التي تغذي هذا النظام العنصري ، وممارساته اللا قانونية ، واللا أخلاقية في الجولان ، وفي الضفة ، وفي قطاع غزة ، ومناطق ال 48 ، تغذيها وتدعمها مما يجعل من هذا الوحش العنصري وحشا لا يمكن مجابهته حتى من قبل دول أدانت ممارسات جيش الاحتلال الاسرائيلي ، وأدانت أيضا الحكومة الاسرائيلية لارتكابها جرائم تصل الى حد جرائم ضد الانسانية ، وجرائم جماعية ، وجرائم حرب ، وطالبت محكمة الجنايات العليا الدولية بالتحقيق في تلك الجرائم المرتكبة ، ومحاكمة مرتكبيها لأنها جرائم حرب ، اذا أمامنا نظام عنصري يزداد عنصرية ، ويزيد من تعبئة الشارع الاسرائيلي بالعنصرية بحيث أصبح مواطنوه يتصرفون بأسلحتهم علنا ، وفي وضح النهار لقتل العرب وحيثما يوجد عربي يعتدى عليه بشكل عنصري تماما كما اعتدى نظام الأبارتايد سابقا ضد المناضلين السود الذين كانوا يطالبون بانهاء ، واجتثاث نظام العنصري .

نحن نتحدث عن نظام في الأراضي المحتلة نلمس كل يوم ، ونراه كل يوم ، ونتابع آثاره الدموية في كل يوم ، فبالأمس وصل عدد الاصابات بين الفلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالرصاص 300 مدني غير مسلحين ، عدد كبير منهم في قرية بيتا قرب نابلس لأن المستوطنين المعتدين ، والمدعومين من قوات الجيش الاسرائيلي هاجموا القرية لأنهم يريدون بناء مستوطنة جديدة في قرية بيتا رغم أنف أصحاب الأرض ، ورغم أنف أهل البلد ، ورغم أنف قرار دولي يمنع اقامة مستوطنات على أراضي الفلسطينيين ، ونهب هذه الأرض ، وفرض الأمر الواقع بالقوة ، اذا النظام القائم في اسرائيل ، والمدعوم بلا حدود من قبل الادارة الاميركية هذا النظام يتابع مخططه التوسعي باقامة المستوطنات ، ثم تهويد القدس ، اذا الموضوع بالنسبة لنا ان هذا العدو ليس عدوا كامنا ، بل هو متحرك يحول الصراع لابتلاع الأرض الفلسطينية رغم كلام وزير الخارجية الاميركي ، ورئيسه في البيت الأبيض رغم كل ذلك يسرعون بالتهام الأرض لتصبح تحت السيادة الاسرائيلية ، ويفعلون ذلك في الأغوار وفي مناطق متعددة من الضفة الغربية ، أما القدس فحدث ولا حرج يوم الثلاثاء القادم هو يوم قد يشعل مرة اخرى حربا في فلسطين ، ذلك أن المستوطنين بتحريض من نتنياهو قرروا اقامة مسيرة الاعلام عبر باب العامود ، والمدينة القديمة ، ثم يصلون الى الأقصى ، هذا التحدي والاستفزاز هو قمة في مخالفة القوانين الدولية ، وقمة في رفض كل ما سمعناه من وسطاء وقف اطلاق النار ، ومن الادارة الاميركية ، ومن المبعوث الاميركي ، والأممي ، وكل المبعوثين قالوا ان موضوع الشيخ جراخ وسلوان ووادي الجوز وغيرها سيتم التعامل معه بطريقة مختلفة عما تفعل اسرائيل ، كلام فارغ لأن ما يجري في القدس ، والضفة الغربية جرائم واضحة أمام الكاميرات ، بل على قوات الاحتلال أن تبتعد عن المواطنين الواقعين تحت الاحتلال .

هذا النظام العنصري الذي يعيش أزمة داخلية يحاول نتنياهو باستفزازاته ، وأعماله الدموية اليومية عرقلة تشكيل هذه الحكومة ، اذ أنه بتصرفه هذا يدفع الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة للدفاع عن نفسه في وجه الاتهامات التي يوجهها له نتنياهو ، فقد اتهمه نتنياهو بأنه أضعف من أن يواجه الضغوط الاميركية ، وأن حكومته خطر على مستقبل اسرائيل لأنه لن يتمكن من قول لا للولايات المتحدة كما قالها هو عندما أعلن أنه يختار الدفاع عن اسرائيل على الصداقة الاميركية ، اذ أنه لا يكترث للصداقة الاميركية اذا كان الأمر يتعلق بشن حرب على أعداء اسرائيل الذين يهددون وجودها ، انه يدفع بهذا الكلام شخصا مكلفا بتشكيل الحكومة للعمل على اثبات قدراته في حماية اسرائيل ، ووجودها ، ومواجهة الضغط الخارجي خاصة الاميركي ، وكيف يثبت رئيس الوزراء المكلف قدرته على ذلك ؟

انه اضطر للقول اذا اضطررنا لحرب في غزة فسنفعل ، ولم ييكتف بذلك بل اتجه شمالا الى لبنان ، وحزب الله ، أي أنه أعلن شن حرب على المقاومة الفلسطينية ، وحزب الله في لبنان من أجل حماية أمن اسرائيل الذي تهدده هذه المقاومة ، قال هذا رغم أن البيت الأبيض يسعى لمناقشة سبل مساعدة غزة ، وادخال المساعدات البها ،  فالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة أراد من خلال هذه التصريحات أن يقول أنه قادر على مواجهة الضغوط الاميركية ، ونحن كما نلاحظ على صعيد الشارع صعدت قوات الاحتلال الموجودة بكثرة في كل مكان في القدس والضفة الغربية ، واراضي ال48 ،  وهذا مخالف للقانون الدولي ، في القدس اليوم كان هناك تصعيد خطير ، فقد اعتقلت مراسلة الجزيرة جيفارا البديري ، وأوسعت ضربا أمام الكاميرات والصحافة اذ أن القوات الاسرائيلية غير آبهة ، وربما أرادت أن توصل للولايات المتحدة رسالة مفادها أنه  نحن من نقرر .

نحن لا نتوقع لهذه الحكومة التي يسميها نتنياهو يسارية ، ويسميها الليكود حكومة غير قادرة على اتخاذ القرار ، فهذه الحكومة في أحسن الحالات لن تعمل على تخفيف حدة الوضع ، بل ستزيده تصعيدا تماما كما يفعل نتنياهو، اذ لايختلف معارضوه معه على ذبح الفلسطينيين قد يختلفون على ضريبة الدخل على الشركات في اسرائيل ، لكن لا يختلفون على ذبح الفلسطينيين ، وهذه استمرارية للنظام العنصري الذي أصبح اجتثاثه شرطا أساسيا لاقامة السلام في فلسطين .

اذا ازالة النظام العنصري في اسرائيل ، واجتثاثه ، وهذا يعني قطع جذوره شرط أساسي لابد منه قبل الشروع في أي حديث عن السلام في فلسطين ، أما الحديث عن حل الدولتين ، والمتمثل بما قاله وزير الخارجيه الاميركي " نحن مع حل يضمن نفس الحقوق والأمن والسلام والاذدهار للشعبين الاسرائيلي والفلسطيني" ، هذا كلام لا يباع ولا يشترى ، هو خداع واضح يتحدثون عن دولة فلسطينية ، ولا يتحدثون عن القرارات التي يجب أن يستند لها هدف اقامة دولة فلسطينية ، يتحدثون عن دولة فلسطينية دون الاشارة الى قراري 242 ، و338 وقرارات الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن ، والجمعية العمومية المتعلقة بقضية فلسطين ، والحقيقة أننا لانرى في حل الدولتين أمرا راسخا مستمرا ، والفلسطينيون لهم الحق التاريخي في كل الأرض الفلسطينية ، واليهود قاموا وأقاموا فيها ، ولذلك لا نرى أن الحل النهائي هو حل الدولتين ، فحل الدولتين قد يكون مرحليا يتبعه فترة من الهدوء ، لكنه لن يلغي التناقض الاستراتيجي الكبير القائم على أرض فلسطين ، فالفلسطينيون لهم حقوقهم في بلادهم وأرضهم وممتلكاتهم ، واليهود الذين يوافقون على الاقامة في دولة ديمقراطية فلسطينية مرحب بهم تماما كما رحب عندما حررت فلسطين بالعائلات التي بقيت في فلسطين ، وبقيت هذه العائلات بأسمائها ، الحل هو دولة واحدة دولة علمانية لديها قانون ، ونظام ، ودستور يحمي ديمقراطيتها ، ويضمن الاجتثاث النهائي لأي عنصرية بأي شكل من الأشكال هذا هو الضمان للسلام ، اذ لايمكن أن تعيش المكونات الاجتماعية في ظل مشاعر الكراهية ، والعرقية المقيتة التي خطابها الوحيد ، هو خطاب الكرهية ، ان مجتمعا ديمقراطيا واحدا موحدا يقيم فيه المسيحيون ، واليهود ، والمسلمون ، هو الحل الحقيقي الوحيد للعيش بسلام على المدى البعيد انما هذا التحديد الاستراتيجي الواضح لا يلغي اطلاقا اننا نرى بوضوح أن المعركه الواضحة أمامنا ، هي اجتثاث هذا النظام العنصري طالما أن هناك متعصبون يمسكون السلاح ، ويربون أطفالهم على : اقتل العرب سواء كان طفلا ، أوشيخا ، أو امرأة  ..... استيقظ واقتل ..... المهم اقتلهم جميعا ، هذا الخطاب لا يؤدي الى السلام حتى لو جاء حل الدولتين كخطوة على الطريق .