الصورة السياسية لحكومة بينيت - لابيد !

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 


هذا بالتأكيد مجرد مصادفة، لكن رؤساء حزب الصهيونية الدينية قرروا بالتحديد هذه السنة أنه لا يكفي إحياء يوم القدس بالتقويم العبري. قبل أيام وُزعت منشورات تطلب من الجمهور إحياء الذكرى السنوية لنهاية حرب «الأيام الستة» وفق التقويم الميلادي، بمسيرة أعلام اخرى ستجري في البلدة القديمة، الخميس القادم.
في معظم أيام الاسبوع الماضي كتب هنا أن الازمة السياسية غير المسبوقة يمكن أن تشهد ايضا توترا امنيا جديدا داخل مناطق الخط الاخضر وفي «المناطق».
الاستفزازات الجديدة من مدرسة بتسلئيل سموتريتش، على شاكلة مسيرة، تعزز هذا الشك. وأُضيف اليه، أول من أمس، تحديث استثنائي جدا من رئيس «الشاباك»، نداف ارغمان، يحذّر من عنف سياسي يمكن أن يصل الى درجة المس بحياة الناس، على خلفية الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة.
إن التصميم على اجراء المسيرة في المرة السابقة، في 10 أيار الماضي، وفر لـ «حماس» ذريعة لاطلاق الصواريخ من قطاع غزة نحو منطقة القدس، وأشعل بذلك جولة قتال استمرت 11 يوماً، وشملت رشقات شديدة نحو الجنوب والوسط. الآن زعيم «حماس» في القطاع، يحيى السنوار، عاد وهدد بأن «حماس» ستدافع عن المسجد الأقصى من اليهود. النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني يبدو الآن كأنه مشهد متواصل سبق رؤيته. لا تبذل الاطراف أي جهود من أجل العثور على مبررات أصيلة لاستئناف التوتر.
السبب الحقيقي للمبادرة الى اجراء المسيرة الجديدة هو، كما يفهم كل من له عينان، سياسي. التصعيد السابق دفع نفتالي بينيت الى الزاوية واضطره الى الاعلان عن الانسحاب من المفاوضات الائتلافية مع يائير لبيد. وعندما توقف القتال استيقظ بينيت واستأنف الاتصالات، التي انتهت، الاربعاء الماضي، باعلان مشترك لهما وهو أنهما تمكنا من تشكيل الحكومة.
في الايام العشرة القادمة سيجري في الكنيست تصويت مصيري على منح الثقة للحكومة. وإعادة اشعال المنطقة في القدس هو طريقة مجربة لزرع الفوضى والاحراج في اوساط اجزاء الائتلاف الغريب جدا. إن توقيت المسيرة يمكن أن يكون توقيتاً حاسماً. في الشرطة قدروا، أول من أمس، بأنها ستسمح ايضا في هذه المرة بإجراء المسيرة مع تغييرات معينة في مسارها لتقليص الاحتكاك المحتمل مع الفلسطينيين في شرقي المدينة. أول من أمس جرى نقاش تمهيدي لدى وزير الدفاع، بني غانتس، بمشاركة رؤساء أذرع الأمن. أعلن غانتس بأنه سيطالب بعدم اجراء المسيرة، هذا الاسبوع، بذريعة أن «هذا يحتاج الى جهود امنية خاصة، ويمكن أن يمس بالنظام العام والعملية السياسية».
في الخلفية ما زالت توجد نقاط توتر أخرى في المدينة. حتى غد قد يقدم المستشار القانوني للحكومة موقفه لمحكمة العدل العليا في الخلاف حول نية اخلاء عائلات فلسطينية من بيوتها في حي الشيخ جراح في شرقي القدس. وجرت مظاهرة، يوم الجمعة الماضي، على خلفية نزاع مشابه في قرية سلوان، قرب سور البلدة القديمة.
في كل ما يتعلق بقطاع غزة فان السنوار و»حماس» لا يعملون في فضاء فارغ. منذ يومين يتم الشعور بزيادة التوتر في القطاع على الطريقة الضبابية التي اوقف فيها القتال هناك.
اتفاق وقف اطلاق النار، الذي تم التوصل اليه بوساطة مصر، شمل فقط تعهداً من إسرائيل ومن «حماس» بالهدوء مقابل الهدوء.
الآن، تطالب «حماس» بأن يتم إدخال الارسالية الشهرية القطرية التي تبلغ 30 مليون دولار في حقائب الى القطاع. ولكن إسرائيل تريد استغلال العملية الأخيرة من اجل تغيير قواعد اللعب وادخال الاموال بوساطة السلطة الفلسطينية فقط، وهو الطلب الذي تعارضه «حماس».
في الوقت ذاته هناك محاولة إسرائيلية جديدة لاشتراط تحويل الاموال، بالاساس نشاطات إعادة اصلاح الاضرار التي تسببت بها العملية الاخيرة في القطاع، بحل مشكلة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في القطاع. «حماس» مستعدة للدفع قدما بالمفاوضات، لكنها ما زالت تطرح طلبات باهظة الثمن، منها اطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين من بينهم شخصيات كبيرة، ستجد إسرائيل صعوبة في الاستجابة لها.

تحذير أرغمان
تضمن تصريح ارغمان، أول من أمس، تحذيرا شديدا من زيادة تطرف النقاش السياسي، لا سيما في الشبكات الاجتماعية. وحذر ارغمان من أن «هذا الخطاب يمكن أن يفسر في أوساط مجموعات معينة أو أفراد وكأنه يسمح باعمال عنيفة وغير قانونية يمكن - لا سمح الله - أن تصل الى درجة المس بالارواح».
اقوال ارغمان تم توجيهها بالاساس الى التحريض المتطرف الى درجة اقوال هستيرية ضد بينيت واعضاء حزب يمينا منذ أن قرروا الانضمام لحكومة التغيير.
في «الشاباك» بدؤوا بحماية بينيت منذ يوم الخميس الماضي، في حين أن حرس الكنسيت وضع الحراسة على عضوة الكنيست، اييلت شكيد.
ارغمان، الذي تم تمديد فترة عمله من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في الشهر الماضي لبضعة اشهر، يعرف بشكل جيد تاريخ جهازه. هو بالتأكيد يتذكر بأنه قبل بضعة اسابيع على قتل رئيس الحكومة السابق، اسحق رابين، جمع رئيس الجهاز في حينه، كرمي غيلون (الذي اضطر الى تقديم الاستقالة في اعقاب عملية القتل)، عددا من كبار المحللين في وسائل الاعلام وقال لهم إنه يخاف من محاولات لاغتيال رابين.
اقواله، أول من أمس، توازي ذاك التحذير، وفي هذه الحالة هي موجهة أولا وقبل كل شيء الى أذن نتنياهو نفسه، الذي يجري جزء من التحريض بمباركة من ابناء عائلته. الشعور بالاستعجال الذي اظهره ارغمان تم توضيحه بعد فترة قصيرة عندما اصدر حاخامات الصهيونية الدينية موقفا يدعو لفعل كل شيء من اجل عدم تشكيل الحكومة. حتى هذا الصباح لم يكلف رئيس الحكومة نفسه عناء الرد على الاقوال الشديدة لرئيس «الشاباك».
إضافة إلى هذه الاحداث يجب عدم تجاهل حقيقة أن الهدوء لم يعد حقا الى المدن العربية في إسرائيل.
الاجواء في يافا وعكا واللد والرملة وفي مدن مختلطة اخرى بقيت متوترة. في عدد منها يأتي في كل نهاية الاسبوع مئات اليهود من اجل تعزيز الانوية التوراتية، الامر الذي يثير استياء الجيران العرب. في اوساط الجمهور العربي ايضا يزداد الغضب بسبب الاعتقالات الكثيرة التي قامت بها الشرطة في أعقاب «أعمال الشغب» (أكثر من 2100 معتقل، من بينهم 92 في المئة من العرب).
أيضا هناك قلق كبير في اعقاب ازدياد خطورة الوضع الاقتصادي، في عدد من المدن العربية يبلغون عن انخفاض 80 في المئة تقريبا في المداخيل في فروع التجارة والمطاعم والكراجات، لأن اليهود توقفوا عن زيارتها.
حتى اذا مر هذا الاسبوع والمسيرة التي ستجري في نهايته بسلام، يبدو أن هذا يعطي لمحة كما هو متوقع عن حكومة بينيت – لبيد اذا تم تشكيلها. ايضا المعارضة في اليمين وفي اوساط الفلسطينيين سيواصلون تحدي الحكومة بصورة ثابتة على افتراض أنها حكومة غير مستقرة وغير مجربة، وأن أي توتر عسكري يمكن أن يهزها وأن يضع استمرار وجودها محل تساؤل.

عن «هآرتس»