للأسف، مرة أخرى يصبح ملف إعمار قطاع غزة محط تنافس وخلاف بين غزة و رام الله كما حدث بعد حربي 2008-2009 و 2014. إن إحترام ضحايا الحرب، والمقصود هنا الجميع تستوجب الاسترشاد بهذه الاسس التي تستتند على التجارب الدولية الناجحة و تتجنب تلك الفاشلة:-
– يتوجب العمل ليل نهار لتسريع عملية إعادة الاعمار وتضميد جروح الضحايا وتمكين المتضررين من العودة إلى الحياة العادية بأسرع وقت ممكن. فليس لدى المتضررين ترف الانتظار. في مثل هذا الوضع يتم رصد موازنة طارئة( التدخل الاغاثي السريع) لمعالجة الاثار التي لا يمكن لها الانتظار، على سبيل المثال: بدل إيجار، ملابس، مواد غذائية، رعاية صحية ونفسية. و مصروفات نثرية..إلخ.
– تحييد هذا الملف الهام عن الخلاف السياسي, في التجارب الكثيرة في العالم يتم تشكيل هيئة مختصة بهذا المهمة الوطنية يشارك فيها جميع قوى المجتمع وبإشراف رسمي. مثل هذه الهيئة تعمل على تجنب البيروقراطية الحكومية والتي قد تتسبب في إطالة فترة إنتظار المتضررين لحين تلقي المساعدة.
– يجب إعتبار عملية إعادة الاعمار فرصة لترميم المنظومة السياسية وتعزيز حالة التضامن والمساندة ومعالجة الجروح المجتمعية. هنا يتوجب إستدعاء حالة رواندا،الدولة الافريقية التي شهدت مذابح هائلة بين قبائلها وتحولت إلى دولة ناهضة إقتصاديا يسودها التسامح والعدالة.
– عمليات إعادة الاعمار يجب أن تكون فرصة لتنشيط الاقتصاد المحلي من خلال الاعتماد على الموارد المحلية من مصانع و شركات و طواقم بشرية. الكثير من المدخلات اللازمة في عملية إعادة الاعمار يمكن توفيرها محليا. يجب تحويل عملية إعادة الاعمار إلى ورشة عمل على المستوى الوطني يشرك فيها الجميع خاصة المتضررين بشكل مباشر.
– يمنع الخلط بين الاموال المخصصة لإعادة الاعمار وبنود الموازنة العادية وتجنب الاقتصاص من أموال الاعمار لتغطية العجز في الموازنة والصرف على البرامج العادية. يمنع إستغلال نتائج الحرب في معالجة أزمات مالية وإدارية لم يكن للمتضررين أي دور فيها.
– إن تخصيص صندوق خاص بأموال إعادة الاعمار يحقق المراقبة ويمكن من متابعة بنود الصرف وآلية الانفاق. كذلك يعزز الرقابة المجتمعية ويشجع الدول المانحة على المساهمة في عملية الاعمار. ويمنع الفساد ويحد من تلاعب بعض المؤسسات الاممية والدولية والمحلية بإموال المانحين. بحيث يعمل الجميع تحت سقف واحد. هذا الصندوق يصبح هو القناة الوحيدة لإستلام أموال المانحين ويتم الصرف للمؤسسات العاملة في إعادة الاعمار من خلال تقديم مقترحات برامجية لهذا الصندوق.
– هناك من يستغل مثل هذه الظروف للإثراء غير المشروع والنهب بإسم المتضريين. يحدث أن يتم التسول وتجنيد الاموال من قبل جهات محلية ودولية وخلق قنوات ثنائية بعيدة عن الرقابة. بعض المؤسسات الدولية التي تتجول من مكان إلى آخر في العالم وتعمل على إستغلال موجة التمويل الدولي إلى منطقة ما لتضخيم أعمالها وترك الفتات للمجتمع المحلي. هناك عشرات النماذج في إفريقيا وأمريكا اللاتينية على ذلك من حيث ضخامة التمويل و فقر النتائج.
– بإختصار: عمليات إعادة الاعمار يجب أن تكون منفصلة عن الموازنة العامة، يتم إدارتها جماعيا مع تمثيل واضح للمتضررين وتدار بطريقة كفؤة سريعة تتجاوز البيرواقرطية وتكون موحدة في الاستلام والصرف.