نحن في وضع سياسي من أسوأ ما يكون من كل النواحي، على المستوى العربي يزداد التطبيع مع الاحتلال وتعميق العلاقات الاقتصادية مع الذين يحتلون ارضنا ويدمرون مستقبلنا، ولقد رأينا صورا مؤلمة للتطبيع وتبادلا للمجاملات والضحكات الجوفاء، كما رأينا رجل دين يهوديا يبارك سفيرا عربيا، وعلى المستوى الرسمي الدولي ما يزال التأييد قويا لاسرائيل، وان كان على المستوى الشعبي شيئا مختلفا حيث رأينا تظاهرات تأييد كبيرة لنا ولحقوقنا وضد الاحتلال.
الأمر المؤلم حقا هو ما نفعله نحن ضد أنفسنا وقضيتنا، والمقصود بذلك هو هذا الانقسام المتواصل الذي يزداد توسعا وتعمقا حتى يكاد يكون أمرا طبيعيا، وكان آخر مظاهر ذلك ما لم يحدث في القاهرة، حيث كان من المقترح عقد لقاءات مصالحة الا انها تأجلت او تم الغاؤها بسبب مواقف بعض الاطراف التي كان من المفترض ان تشارك، ثم وضعت العراقيل وانتهت الاحتمالات وظل الانقسام سيد الموقف.
الناس يتساءلون ما الذي يمنع استعادة الوحدة؟ والجواب يبدو بسيطا وهو ان كل طرف يتمسك بالكرسي التي يجلس عليها وغير مستعد للتنازل ويطلب من الطرف الثاني ان يفعل ذلك.
وبصراحة ايضا، فان القيادات تبدو في واد والناس في واد اخر، ويبدو التجاوب منقطعا كليا بين الطرفين، ولا يتم فعل أي شيء حقيقي سوى اصدار بعض البيانات والتصريحات التي اعتدنا سماعها منذ عشرات السنين، ولم يعد الشعب يحتمل هذا التكرار المزعج خاصة والكل يرى تصرفات وممارسات الاحتلال وجنوده الذين شاركوا في اقامة بؤرة استيطانية قرب نابلس، كما اتفق المتطرفون مع الشرطة الاسرائيلية بشأن «مسيرة الاعلام» الاستفزازيةوحلقات الرقص والعربدة في القدس القديمة وابوابها بصورة خاصة.
ومما زاد الطين بلة، تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة وكانت تبدو مخرجا ممكنا للمأزق القيادي والسياسي الذي نعاني منه، بدون اي مبرر منطقي وبدون تحديد موعد جديد لاجرائها.
الناس يطالبون وبقوة، باستعادة الوحدة الوطنية وانهاء هذا الانقسام، اولا، وباجراء انتخابات رئاسية وتجشريعية حقيقية لتجديد الروح السياسية القادرة على مواجهة التحديات المدمرة التي تواجهنا، وبدون ذلك فان الاحتلال سيواصل استبداده واستيلاءه على الأرض والعمل على تهويدها.
ووسط هذا الوضع المأساوي فإن الشعب لا يتوقف عن القيام بدوره الوطني ومواجهة العربة الاحتلالية سواء في حي الشيخ جراح، او بطن الهوى، وهو يقدم التضحيات من دماء أبنائه ومستعد دائما لتقديم المزيد.
ملاحظة أخيرة
طيلة الأسابيع الاربعة الماضية وحتى اليوم، ما أزال أعاني من ألم شديد بسبب «حزام ناري» في ظهري وقد كنت بالمستشفى نحو أسبوع، وطيلة هذه الفترة وحتى اليوم فان معاناة الاسرى لم تفارقني ولم يغب عن فكري وانا أعاني من عزلة مرضية قصيرة، مقدار معاناتهم طيلة سنوات وراء القضبان، كان الله في عونهم وعون أهلهم وشعبنا لن ينسى أبدا هؤلاء الأبطال الصامدين والمكافحين، ولهم كل المحبة والاحترام والتقدير.