وجه رجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة اليوم الأحد، رسالة مفتوحة للعرب حملت عنوان "صفقة القرن العالمية الجديدة"، قائلًا إنها إلى "أمتي العربية".
وجاء في رسالة أبو غزالة ما يلي:
لم أستطع أن أقاوم الرغبة في طرح رأيي في البرنامج العالمي الجاري عرضه هذه الأيام على مسارح بريطانيا والتي ألخصها من وجهة نظري كما يلي:
1. السبعة الكبار:
اللاعبون على المسرح يُعرفون بالدول الغنية الكبرى، ثم طوروا اسمهم ليصبح الاقتصادات الغنية الكبرى، وأحياناً السبعة الكبار الأغنى في العالم، وأحياناً بأسماء أخرى.
وأخيراً اختاروا اسم الديمقراطيات الأغنى في العالم أو الدول الديمقراطية الكبار في الدنيا، والتساؤلات التي لم يجر طرحها أو الرد عليها هي: لماذا لم يضيفوا إلى اسمهم كلمة الغربية؟ أو بالأحرى الأنكلوسكسونية؟ أو دول الغرب المتحالفة مع أمريكا.
الدول السبع هي: أمريكا، بريطانيا، كندا، فرنسا، المانيا، اليابان، إيطاليا.
يمثلون 40% من الناتج القومي العالمي
ويمثلون 10% من عدد سكان العالم
وللعلم أيضا فإن عدد الذين جرى تلقيحهم في مجموع الدول الفقيرة أقل من عدد سكان بلدة كورنوال التي يجتمع فيها السبعة الكبار.
ويجدر السؤال هنا: أين الصين وروسيا من هذا كله؟
2. الشراكة الأمريكية البريطانية، والشراكة مع القطاع الخاص:
ولقد شاهدنا أمس كيف بدأ الفصل الأول من البرنامج باللقاء بين بايدن وجونسون، والتأكيد على ما كررته دائماً أنا بأن العلاقة الخاصة الوحيدة لأمريكا هي مع بريطانيا (كما العلاقة الصينية الروسية). ورأينا أيضاً في بداية المسرحية كيف أعلن بايدن، وإلى جانبه رئيس شركة فايزر، الشراكة بين القمة والكورونا والاقتصاد. الثناء الذي جاد بهِ بايدن على رئيس فايزر الواقف إلى جانبهِ، والثناء على التكنولوجيا الأمريكية، والكرم والروح والإنسانية التي يتحلى بها العمال في مصانع الأدوية الذين يعملون بتضحية لينقذوا أرواح العالم، وكيف أن أمريكا بالشراكة مع فايزر سوف تشتري (من مصانعها) وتقدم نصف مليار جرعة إلى دول العالم الأقل ثروة. هذا العالم الذي نسبة التطعيم فيه حاليا 85% في الدول الغنية و3% في الدول الفقيرة.
3. الاقتصاد هو الموضوع:
هو الموضوع يا سادة وليس كورونا ولا إنسانية. أمريكا الحنون ستقودكم جميعا دون أي تمييز ودون شروط! إن الترليونات، وليس المليارات، التي دخلت وستدخل للشركات الأمريكية وغيرها من السبعة الكبار هي التي يهدف إليها هذا المشروع الإنساني والذي صدفةً سيؤدي إلى نسبة ازدهار تزيد عن ٦٪ كما أعلن بايدن في الاقتصاد الأمريكي.
عندما أبديت منذُ البداية إلزامية تطعيم البشرية كلها، طالبت أن توكل هذه المهمة إلى منظمة الصحة العالمية. فلماذا قرر بايدن أن تكون منحةً منه للدول الفقيرة، من حنان وروح المحبة من قبل قمة السبعة! هل تقرر تقسيم العالم إلى متفضلين ومحتاجين؟ هل هذا هو مستقبل العالم؟ وأين المطعوم الصيني والروسي من هذا؟
4. الكورونا معنا حتى 2022 على الأقل:
أخيراً أعلن بايدن باسم أمريكا أن الكورونا لن تنتهي إلا إذا جرى تلقيح جميع البشرية، وحدد لذلك في سنة 2022، وأعلن أن القمة ستتخذ قراراً تاريخياً منطلقاً من روحها الإنسانية بتطعيم كل إنسان في الدنيا. ويقول إن هذا الموقف الإنساني هو مثل الموقف في الحرب العالمية الثانية! ومن يتابعني يذكر أنني في الشهر الأول من الوباء قلت بأننا سنعيش مع الكورونا لمدة أربع سنوات على الأقل، وتعرضت وقتها لاتهامات بالتشاؤم وبأسماءٍ أخرى.
5. الأبحاث الاستباقية:
وقد خصصت القمة حوالي ثلاثين مليارا للأبحاث الاستباقية للأوبئة لإنتاج المضادات لها خلال مائة يوم. ومن المعروف لدى أهل العلم أن اختراعات الأدوية تحتاج إلى سنوات مختبريا. ثم تجربتها على الحيوان ثم الإنسان. أم أن هذا المخصص هو للسلالات؟ وهل التطعيم الحالي هو ناجح تجاه السلالات؟ أم أن المخصص هو لمواجهة الآثار السلبية للقاح. وكيف وإلى من سوف يجري تخصيص المخصصات.
6. نحتاج إلى أحد عشر مليار مطعوم وليس مليارا واحدا:
إلا أن هنالك أيضاً في هذا المجال تساؤلات عديدة. لماذا السكوت حتى الآن لنعلن ما هو كان معروفاً كحقيقة لدى ذوي العلم الذين أدرس مواقفهم؟ ولماذا لم يعلن بايدن أننا إذا أردنا تطعيم كل البشرية نحتاج إلى أحد عشر مليار مطعوم وليس مليارا واحدا ستتعهد به هذه القمة؟ وقد أبهرني الرئيس بايدن وهو يكرر كلمة نصف مليار وهو رقم يمثل نسبة قليلة من سكان العالم فقط؟ ولماذا لم يتناول الرئيس بايدن كم ستدر هذه الجرعات من أموال على المصانع الأمريكية وغيرها؟ ولم يذكر الرئيس بايدن من سيسدد قيمة الجرعات. وفي حين نحن ننتظر نتائج القمة سنزدادُ حيرةً لأننا لن نفهم الترتيبات المالية لهذه العملية المعقدة وإذا ما كان مقصود أن تبقى مبهمة؟
7. أين الصين وروسيا والهند ودول أخرى من هذا الموضوع:
إنها لصدفة جميلة أن تتوافق النواحي الإنسانية مع المصالح الخاصة. وهكذا هو أيضاً حال الدول (الديموقراطية)، التي هي صدفةً الدول الغربية، والتي من أحد أسمائها أعلاه بأنها الديمقراطيات السبعة الأكبر في العالم. وقد نسي أهل القمة أن أقدم وأكبر "ديمقراطية في العالم هي الهند، والتي يقارب عدد سكانها مجموع مواطني السبعة الكبار". ونسي أهل القمة أيضا الاقتصاد الصيني والروسي، وتلك قصة أخرى، غير الغربيين! هكذا تقوم الدول بشرح الحقائق كما تريدها.
8. أمريكا قد عادت:
سنرى المزيد من القيادة الأمريكية البايدنية تنفيذا لشعاره "أمريكا قد عادت" لقيادة العالم بدلا من شعار ترامب "أمريكا أولا". أقول هذا لأنني أرى أن هذه القمة هي لشد صفوف التحالف الغربي بقيادة أمريكا في مواجهة الصين وروسيا وتحديدا مشروع الحزام والطريق.
وهي مهمة صعبة بسبب الخلافات البينية الأوروبية الأمريكية. وهذه قصة هامة نحتاج أن نعود إليها لأن قيادة العالم هي شأن كل العالم.
9. مشروع التطعيم الإنساني يؤدي إلى ازدهار الاقتصاد الغربي:
إن السبعة الكبار بقيادة أمريكا وبريطانيا، أكرر وبريطانيا، قد رسموا خطةَ الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانونها، وذلك من خلال صفقة التطعيم التي يملكون مصانعها، وذلك على حساب المزيد من التدهور في اقتصاد العالم أجمع.
إن الخطة فيها رابح وخاسر وإن كانت مغلفة بغلاف الروح الإنسانية المزعومة، وفي التوقيت الذي يحقق أهدافها، وليس على العالم إلا أن يقبل أن يكون المنفذ لهذه الخطة، وأن يدرك أبعادها وأن يعمل على مواجهة نتائجها اقتصاديا، وأقول اقتصادياً فقط، ومن خلال القدرات الذاتية ليس فقط لأن لا حول ولا قوة لنا إلا في ذلك، بل لأن ذلك هو الأجدى والأصح.
وإلى اللقاء عام ٢٠٢٢ كما وعدنا الرئيس بايدن.
وكل صفقة قرن وأنتم بخير، أيها العالم غير الغربي، العزيز على السبعة كبار الغرب.