نتنياهو معارضا: شر سياسي وخير سياسي...!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 وأخيرا بعد عمر سياسي قد يكون هو الأسوأ سياسيا للمنطقة، يترك بنيامين نتنياهو منصبه كرئيس حكومة دولة الكيان، استمر بشكل متواصل لمدة تقارب 12 عاما، اعتقد كثيرون أن رحيله لن يكون بسهولة في ظل غياب شخصيات لافتة، للزعامة "الشكلية" التي تستطيع تمرير الكذب بأنه حقيقة.

الواقع، إذا لم يذهب نتنياهو الى السجن لتنتهي مسيرته، ويسقط كرئيس لحزب الليكود، وفقدانه منصب رئيس المعارضة، فذلك سيفتح مرحلة سياسية جديدة لدولة الكيان، ربما تكشف كثيرا من الصور الكامنة، التي كانت تمر مرورا عابرا من تطرف وإرهاب وحقد وعداوة، ليس ضد الفلسطيني فحسب، بل يهودي ضد يهودي...

معادلة التطرف اليهودية الجديدة، التي تبلورت مع سقوط نتنياهو من المنصب، ستفرض ذاتها على المشهد القادم، ولن يكون الأمر ما بعده كما كان قبله، ولعل مشهد منح الثقة للحكومة الجديدة في الكنيست يوم 13 يونيو ليس صراخا من معارضة لخسارة منصب أو مقعد حكومي، بل فُتح باب جديد لصياغة العلاقات الناظمة بين أطراف الدولة العبرية، بما فيها واقع الحضور الفلسطيني العربي، او ما يسمى بـ "الأقلية العربية".

عام 1995 قاد نتنياهو بداية خطوات "شرعنة الإرهاب" ضد مخالفيه، وفتح الطريق لأول عملية اغتيال ضد رئيس حكومة منتخب، كان يسمى "ملك إسرائيل" اسحق رابين، لأنه وقع اتفاق سلام (إعلان المبادئ – أوسلو) مع منظمة التحرير وزعيمها الخالد ياسر عرفات، أمريكا وبعض دول المنطقة لم تقف كثيرا لبروز تلك الظاهرة في حينه، لأنهم فرحوا لاغتيال موقع طريق السلام مع منظمة التحرير، بعدما كانت كل المخططات تسير لشطبها، وتحضير "بدائل عنها" بأسماء مختلفة، دون أي اعتبار لحقيقتها.

نتنياهو المعارض، هو الشر الحقيقي على دولة الكيان، وما قاله في خطاب الانتقال من واقع الى واقع، بأنه سيعود بأسرع مما يعتقدون، تلك رسالة أنه لن يتصرف كمعارض سياسي تقليدي كما هو متعارف عليه، بل سيقود حملة إرهاب سياسي منظم وعشوائي ستتخللها حتما عمليات تتجاوز البعد السلمي، ولن يكون مشهد اغتيال اسحق رابين نوفمبر 1995 هو الأخير، بل ربما يأخذ أبعادا ومظاهر مستحدثة.

نتنياهو المعارض، هو الشر السياسي لدولة الكيان، لأنه سيلجأ لكل ما هو غير سوي سياسيا، وكل من يملك "حقدا وكراهية" على من ليس معه ومثله، وسيصبح المتطرف بينيت "عدوا قوميا" مع لبيد كما الفلسطيني، وسيكون هناك من الآن فلاحقا، تعريف مختلف لـ "أعداء" تحالف الشر السياسي الجديد بقيادة نتنياهو، لن يقتصر على الفلسطيني كفلسطيني، بل سيكون هناك "العدو اليهودي".

نتنياهو، وتحالفه سيبدأ "عصر إرهابي" داخلي لن يقتصر على غوغائية الكلام، بل ستبدأ الحركة الاحتجاجية تعود الى الحضور اضعافا لما كانت بعد اتفاق إعلان المبادئ...وربما لن يرى مقر رئيس الحكومة الإسرائيلية "هدوءا" طويلا، فيما ستكون القدس مركزا لفتح جبهة اشتباك متواصل، وربما تعيش المناطق المشتركة داخل إسرائيل عودة لما كان خلال المواجهة الكبرى 2000 – 2004 وكذلك أيام "الحدث الفلسطيني الكبير" الأخير.

نتنياهو المعارض، هو خير سياسي للفلسطيني، بما سيظهره من حقد وعداوة للآخر، خاصة مع بلورة تحالف الشر بمظاهر إرهابية وتطرف كان يمر مرورا عابرا، يتم التعامل مع كل فعل إرهابي يهودي وكأنه "حدث فردي"، وليس جزءا من ثقافة وسلوك...

نتنياهو المعارض خير سياسي للفلسطيني، كونه سيمنع أي راحة سياسية لحكومة أساسها السياسي لا يقود ابدا الى استقرار لا داخلي ولا خارجي، ولكنها فتحت الباب لتعرية الحقيقة لكيان حاول طويلا أن يبدو حلافا لواقعه...

نتنياهو المعارض خير سياسي للفلسطيني، لأنه سيجبر المصابين بحول عقلي، لأن يرى العائق الحقيقي للسلام والاستقرار لم يكن يوما فلسطيني، بل هو بالأصل هو الكيان، وفي لحظة كسر المعتاد تم تصفية من خرج عن المسار...

نتنياهو المعارض خيرا للفلسطيني، لأنه سيضع حكومة الكيان في مواجهة عالم متحرك نحو حل ممكن، إما الموافقة أو الرفض وعندها تكون نتيجة الحال هي أن إسرائيل بكل مكوناتها خطر على الاستقرار السياسي، ما يفرض نمطا مستحدثا لإزالة الخطر من طريق الاستقرار الذي يجب أن يكون.

نتنياهو الشر السياسي سيكون هدية سياسية بالصدفة للفلسطيني، لا تقل عن هدية الانقسام الفلسطيني للإسرائيلي التي ساعدته لتمرير المشروع الأخطر تهويدا وضما واستخفافا...

ما هو دور الفلسطيني كي يصبح الخير السياسي واقعا سياسيا...هل تدرك "الرسمية الفلسطينية"، سلطتان وقوى، أن الحدث الإسرائيلي كبير وكبير جدا، ويستحق حراكا مختلفا جذريا عن مسار البلادة السياسية السائد، ام تنتظر؟!

ملاحظة: رحل الشاعر سعدي يوسف..عراقي الجنسية..إنساني الانتماء بلا حدود، سلاما لك يا من عشقت فلسطين الوطن والقضية وكنت جزءا من حراكها الثوري الطويل...سلاما لك يا سعدي وأنت كما كنت أنت حاضرا في الذاكرة والنص الذي لن يزول!

تنويه خاص: أول قرار في عهد رئيس حكومة حماس الجديد فتح باب استيراد السيارات من مصر عبر معبر رفح...خطوة لها الكثير الإيجابي ولكن...بدها شوي تدقيق كي لا تصبح أوتوستراد انفصالي!