حظر الحركة الإسلامية جاء متأخراً

الحركة الاسلامية
حجم الخط

كل من يعارض أفعال الحكومة، بسبب معارضته للاحتلال، يلحق الضرر عمليا بمواقفه الاخرى التي هي عادلة وصحيحة. كل شخص نزيه يحاول التعبير بشكل دقيق عن مواقفه وأهدافه، ويحظى عادة بالتأييد من المجموعات الاجتماعية القريبة منه، وبالتنديد من الباقين. لكن الشخص النزيه يجب أن يقوم بفحص قرارات الحكومة المختلفة قبل أن ينتقدها بشكل تلقائي وفوري. إن صرخة الاحتجاج التي أصدرها الكثيرون بسبب قرار المجلس الوزاري المصغر اخراج الحركة الاسلامية الاسرائيلية خارج القانون، تشير حسب رأيي الى تدهور التفكير الجوهري والاهتمام بمنع كل خطوة لرئيس الحكومة، سواء أكانت صائبة أو غير صائبة. أعرف شخصيا الشيخ رائد صلاح من خلال عملي المتواصل في المجتمع العربي. فمنذ عشرين سنة وأنا أعتقد أن الجناح الشمالي للحركة الاسلامية لا يستحق أن تدافع عنه الديمقراطية الإسرائيلية. لأن من يُحرض بشكل علني قوى خارجية على القضاء على دولة اسرائيل ويمنع أية خطوة تُقرب بين اليهود والعرب، لا يستحق الدفاع عنه، ويجب سلبه الشرعية. والخطأ الوحيد في هذا الامر هو أنه جاء متأخرا بضع سنوات. لا يدور الحديث هنا عن مقاومة الاحتلال، ولا عن المشاركة في سفينة «مرمرة»، بل عن تأجيج مستمر للصراع الاسلامي- اليهودي من خلال القول بوضوح إنه لا يوجد حق لاسرائيل في الوجود. لذلك يجب على الجيوش الاسلامية إبادتها. كثيرون ممن هاجموا قرار الحكومة لم يتطرقوا الى النصوص التي يبثها رائد صلاح وحركته. وقد ركزوا على السابقة التي ستؤثر على منظمات اخرى في المجتمع العربي. بالطبع لا يمكن المقارنة بين حركة رائد صلاح وبين الحركات والمنظمات العربية الأخرى. عند اتخاذ مواقف «بالجُملة» يتم الحاق الضرر بالمصداقية. لأن الجمهور ينتظر مواقف معقولة وعقلانية تجاه كل أمر. وحينما يتم الدفاع عن رائد صلاح فان هذا يلحق الضرر بمواقف اخرى صحيحة وعادلة. حسب الموقف «بالجُملة» الذي يقول إنه يجب محاصرة اليمين ورفض كل خطوة أو قرار، فان العامل الحاسم هنا هو أن المعركة السياسية الانتخابية محسومة لصالح اليمين. لذلك يصعب طرح بديل على الجمهور في هذه الفترة المشتعلة. لكن في جميع الاحوال، المعركة ليست خاسرة مسبقا. احزاب اليمين الكلاسيكي لم تحظ بأغلبية في الكنيست في الانتخابات التي جرت قبل ثمانية أشهر، الامر الذي يعني أن قطاعا واسعا من الجمهور ينتظر التغيير رغم أنه لا يعتبر أن المعارضة الحالية تشكل بديلا لليمين. يتحدث الكاتب عاموس عوز احيانا عن التسلسل في السوء.  يجب عدم شمل كل شيء بنفس القدر ودون تمييز بين مستوى وآخر – مثلا ليست كل عملية «ارهابية» على القدر نفسه من الخطورة، وليس كل من يهاجم السلطة القضائية يحمل الدرجة ذاتها من السموم. ما هي الصلة بين هذا وبين قضية رائد صلاح وحركته؟ لأنه هنا ايضا يجب اجراء تصنيف للسوء. تجب عدم المساواة بين الجناح الشمالي للحركة الاسلامية وبين أية حركة عربية اخرى حتى وإن كانت تعارض أو ترفض قيم الدولة. عن «هآرتس»