تثير التدوينات التي ينشرها إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس"، الكثير من الجدل، خاصة مع تأثيرها المباشر والفوري على أسعار العملات المشفرة وعلى رأسها "بتكوين".
فتغريدة واحدة من الملياردير الأميركي قادرة على الصعود بالأسعار إلى عنان السماء، أو الهبوط بها إلى الأرض.
آخر هذه التغريدات ما ذكره ماسك، بأن "تسلا" ستستأنف معاملات بتكوين بمجرد أن تؤكد أن هناك استخداما معقولا للطاقة النظيفة من قبل شركات التعدين.
جاء ذلك ردا على تصريحات لماجدة ويرزيكا الرئيسة التنفيذية لشركة إدارة الأصول الجنوب إفريقية (سيغنيا)، قالت فيها إن تغريدات ماسك حول بتكوين كانت "تلاعبا بالسوق"، وكان من المفترض أن تثير تحقيقا من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية.
ورغم إعلان "تسلا" شراء ما قيمته 1.5 مليار دولار من العملة المشفرة في فبراير الماضي، مع قبولها كوسيط دفع، فإن ماسك عاد لاحقا ليعلن أن الشركة لن تقبل ببتكوين بسبب بواعث القلق حيال الكهرباء الكثيفة التي تستهلكها عملية التعدين المستخدمة في استخراج العملة وأثر ذلك على تغير المناخ.
وعدل ماسك عن هذا التصريح ليقول عبر "تويتر"، الأحد: "عندما يكون هناك تأكيد للاستخدام المعقول (حوالي 50 بالمئة) للطاقة النظيفة من قبل المعدنين مع الاتجاه المستقبلي الإيجابي، ستستأنف تسلا السماح بالتعامل ببتكوين".
وعلى إثر تلك التغريدة، تجاوزت بتكوين حاجز الـ 40 ألف دولار، بعد تقلبات جديدة على مدار عطلة نهاية الأسبوع، لتبلغ في أحدث التعاملات 40 ألفا و178.62 دولار بزيادة 2.99 بالمئة.
وقال سايمون بيترز محلل السوق في "إيتورو"، إن "كلمات ماسك جعلت البتكوين ترتفع".
لماذا هذه التقلبات؟
في رأي الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية رشاد عبده، الذي تحدث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن ماسك لديه "ملاءة مالية" تُمكّنه من التلاعب في أسعار العملات الإليكترونية والمشفرة، وخاصة بتكوين، بعدما استحوذ على نصيب كبير منها، وبالتالي يحقق استفادة وأرباحا كبيرة جراء التحكم في أسعارها.
وقال عبده إن ماسك عندما يتحدث بشكل سلبي أو يتخذ قرارا ضد التعامل مع بتكوين فإن الأسعار تهبط بشكل ملحوظ، وتسبب ذلك في هبوط الأسعار قبل أيام وبالتالي يقوم بعمليات شراء قد لا تكون بشكل مباشر منه، ولكن عبر شركات أو صناديق يمتلكها، ثم يتحدث بشكل إيجابي عن تلك العملة فترتفع الأسعار وبالتالي يحقق "أرباحا رأسمالية ضخمة" تمثل الفرق بين سعر الشراء والبيع.
ووصف الخبير الاقتصادي، ماسك، بأنه أحد "حيتان البتكوين"، باعتبار تحكم 10 صناديق في تعاملات بتكوين، وسيطرتها على 80 بالمئة من التعاملات، وبالتالي يوجهون الأسعار حسب أطماعهم الشخصية لتحقيق مكاسب كبيرة.
وهذا ما سبق وأن ذهب إليه مدير البيانات في موقع "كوين دسك" المتخصص في أخبار العملات الرقمية المشفرة وتحليلاتها، جالين مور، بأن "هناك القليل من الأسئلة أصبحت تظهر بعد تحرك سعر عملة البتكوين في خلال هذا الشهر بعد تغريدات إيلون ماسك، كما إنه يثير أيضا أسئلة غير مريحة حول التلاعب بالأسعار".
قدرات اقتصادية كبيرة
وتوضح أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس بالقاهرة يُمن الحماقي، أن العلاقة بين ماسك وتذبذب سعر بتكوين تشوبها "الكثير من علامات الاستفهام".
وتقول الحماقي لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ماسك مثل أي رجل أعمال يهتم بتحقيق الأرباح أكثر من أي شيء، وبالتالي يستفيد من القدرات الاقتصادية الكبيرة لشركة تسلا في التحكم بأسعار بتكوين، نتيجة لجم تعاملاتها الضخم.
كانت شركة "تسلا" أعلنت في وقت سابق تسجيل مكاسب صافية قدرها 101 مليون دولار من مبيعات بتكوين خلال الربع الأول من العام الحالي، مما ساعد على زيادة صافي أرباحها إلى مستوى قياسي.
وتضيف أنه "عندما يتحدث رئيس تسلا عن التعامل مع بتكوين، فإن السعر يرتفع بشكل مهول، والعكس صحيح، فعندما يتوقف عن التعامل بها جزئياً تنخفض الأسعار كذلك، ثم عندما يعود من جيدة فهذا يدعم الطلب على بتكوين ويرتفع سعرها، وتستمر هذه الدوامة لاستفادته من تحقيق الأرباح".
وتشير أستاذة الاقتصاد إلى أن مشكلة بتكوين تكمن في كونها خارج سيطرة البنوك المركزية العالمية، ومن يستخدمها مجموعة محددة لديهم قدرات هائلة على التعدين من خلال تقنية سلسلة الكتل "البلوك تشين"، وهذا يجعلها تواجه الكثير من علامات الاستفهام.