زيارة رئيس الأركان، اللواء أفيف كوخافي، إلى واشنطن، والتي ستبدأ غداً الأحد، ذات أهمية إستراتيجية وسياسية. سيحاول رئيس الحكومة الجديد أن يبني عبر هذه الزيارة أساساً للتعاون وقاسماً مشتركاً مع إدارة بايدن في كل ما يتعلق بالتهديدات الناجمة عن إيران، وعن المحور الشيعي - الراديكالي الذي تقوده في الشرق الأوسط.
في القدس، وأيضاً في واشنطن، يسود انطباع بأن المسألة الإيرانية وصلت مفترق طرق مهماً. وهذا هو شعور حلفاء الولايات المتحدة في شتى أنحاء الشرق الأوسط. من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، مروراً بمفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي العائد إلى سنة 2015، ووصولاً إلى الجرأة الإيرانية المتزايدة في عملياتها في العراق ضد الجنود الأميركيين والسعودية والإمارات، في كل هذه المواضيع هناك مصلحة أمنية قومية للولايات المتحدة وإسرائيل من الدرجة العليا، وهي تتطلب حواراً معمقاً يؤدي إلى بلورة اتفاقات وتفاهمات بشأن التعاون في قضايا المحور الشيعي الراديكالي.
لهذه الغاية يرافق رئيس الأركان قائد الشعبة الإستراتيجية، اللواء طال كالمان، ورئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، اللذين من المفترض أن يبلورا تفاصيل التفاهمات والتعاون مع الإدارة الجديدة في واشنطن. في فترة الرئيس السابق، دونالد ترامب، تعزّز التعاون الاستخباراتي والعملاني مع الولايات المتحدة، لكن الآن، وفي الوضع الجديد الناشئ مع دخول إدارة بايدن إلى العمل، ومع توقُّع انتخاب إبراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية في إيران، وهو المحافظ والمعارض للعلاقات مع الولايات المتحدة، المطلوب توحيد الخط على كل الجبهات.
أحد الأمور الضرورية في إطار العمل المشترك هو صورة استخباراتية مشتركة ومتفَّق عليها، إلى جانب اتفاقات تعاون في كل المجالات بين الإدارة الأميركية وإسرائيل، وفي الأساس في المجال الاستخباراتي.
الولايات المتحدة قلقة جداً من هجمات ميليشيات غير معروفة في العراق على جنودها وقواعدها، تجري بتوجيه من قوة القدس. تستخدم هذه الميليشيات مسيّرات ووسائل قتالية حديثة تفرض على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة اتخاذ وسائل للدفاع عن أفرادها ومصالحها. أساليب العمل الإيرانية الجديدة لا تظهر في العراق فقط، بل في سورية ولبنان واليمن.
سيلتقي كوخافي قادة القيادة المركزية الأميركية في تامبا في فلوريدا التي انتقلت إليها مهمة العلاقة بإسرائيل، مؤخراً، وهي المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط. في الماضي كانت القيادة في أوروبا تتولى العلاقة بإسرائيل. بالنسبة إلى إسرائيل، معنى هذا الانتقال أنها تريد فعلاً الانخراط في الاستعدادات العسكرية والأمنية والإستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، الأمر الذي ستكون له تداعيات عسكرية واستخباراتية كثيرة، ليس فقط إذا نشبت مواجهات كبيرة في الشرق الأوسط، بل أيضاً في العمليات اليومية.
بالإضافة إلى العمليات الإيرانية في المنطقة، الموضوع النووي الإيراني مطروح أيضاً على جدول الأعمال. ومن دون شك سيطرح رئيس الأركان أمام وزير الدفاع الأميركي ومستشار الأمن القومي في الولايات المتحدة عدة أسئلة: ماذا سيفعلون إذا حاولت إيران القفز نحو السلاح النووي، وماذا سيجري إذا لم تنجح الولايات المتحدة في إعادة إيران إلى حدود الاتفاق النووي، وماذا سيحدث إذا وصلت إيران إلى دولة على عتبة النووي، أي قادرة على إنتاج سلاح نووي في غضون أسابيع، وتنتظر فقط الوقت الملائم؟ هل ستتحمل الولايات المتحدة مثل هذا الوضع؟ وهل ستسمح للإيرانيين بمواصلة التسلح بصواريخ طويلة المدى، بينها صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية؟
سيبحث رئيس الأركان أيضاً طلب إسرائيل من الولايات المتحدة مساعدتها في التزود بكميات كبيرة جداً من الصواريخ الاعتراضية والسلاح الدقيق، ومساعدتها في تطوير سلاح الليزر الدفاعي والهجومي.
بالإضافة إلى المسألة النووية وتداعياتها وطلب إسرائيل من الولايات المتحدة مساعدتها على المحافظة على تفوقها العسكري النوعي، ستُطرح مواضيع، مثل الوضع في لبنان. سيوضح كوخافي أن هذا البلد هو الآن في حالة انهيار، وستكون لذلك تداعيات خطرة على الاستقرار في الشرق الأوسط. وسيتحدث عن الخطر الكبير الذي يتهدد إسرائيل جرّاء محاولات إيران و»حزب الله» الدفع قدماً بمشروع الصواريخ الدقيقة، وستُطرح أيضاً العلاقة بين إيران و»حزب الله» وغزة.
ستلفت إسرائيل انتباه المؤسسة العسكرية الأميركية إلى حقيقة أن إيران تنوي مساعدة «حماس» و»الجهاد الإسلامي» في غزة من أجل استعادة قوتهما من جديد بعد الضربات التي لحقت بهما في عملية «حارس الأسوار». وسيوزع كوخافي على مضيفيه الدروس التي جمعتها إسرائيل، والتي كانت ناجحة جداً من الناحية العسكرية في غزة، وسيقترح عليهم التعاون معاً لتطوير أساليب قتال وجمع معلومات استخباراتية ساعدت الجيش الإسرائيلي في عملية «حارس الأسوار» ويمكن الاستفادة منها إذا جرى تطويرها. هذه الأساليب من شأنها مساعدة القوات المسلحة الأميركية في الساحات التي تواجه فيها حرباً غير متناظرة، بدءاً من العراق، مروراً بأفغانستان، ووصولاً إلى أفريقيا.
أساس التعاون الاستخباراتي مع كل الأجهزة الاستخباراتية الأميركية طُرح أيضاً في الزيارة التي قام بها رئيس الاستخبارات العسكرية، تامير هيمن، إلى الولايات المتحدة قبل شهر. لكن في زيارة رئيس الأركان سيجري توسيع هذا التعاون مع التركيز على التعاون مع القيادة المركزية الأميركية، بما في ذلك أنظمة أمنية مشتركة يمكن أن تبادر إليها الولايات المتحدة على أساس اتفاقات أبراهام والتحالفات مع شركائها في المنطقة.
الغرض من الزيارة هو التوصل إلى تعاون وتبادُل للتقديرات مع إدارة بايدن، والذي سيكون في رأي مسؤولي الحكومة في القدس مفيداً أكثر من الخط العدائي والاستفزازي الذي كان معتمداً في فترة رئيس الحكومة نتنياهو إزاء الإدارة الديمقراطية. كما هو معروف، أُجِّلت زيارة رئيس الأركان إلى واشنطن بسبب التوترات في القدس وعملية «حارس الأسوار»، كما كان ممنوعاً على رئيس الأركان الحديث في الموضوع النووي الإيراني، لأنه كان محصوراً بمسؤولية رئيس «الموساد»، يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، اللذين كانا تابعيْن مباشرة لنتنياهو ويأخذان منه الأوامر، ماذا يجب أن يقال وألا يقال. هذه المرة أرسل بينت وغانتس كوخافي إلى واشنطن من دون مرافقين، لترسيخ الثقة والتعاون العملي مع إدارة بايدن.
عن «يديعوت أحرونوت»
* محلل عسكري.