بحلول عام 2050، ستعاني أوروبا والمملكة المتحدة من نقص في اليد العاملة يقدر بـ95 مليون عامل مقارنة بعام 2015. ولمواجهة هذه الأزمة التي ستولد تباطؤا في النمو الاقتصادي، يوصي مركز التنمية العالمي من واشنطن باللجوء إلى المهاجرين من إفريقيا.
ووفقا لتقرير نشره مركز التنمية العالمي، من المتوقع أن يرتفع عدد سكان إفريقيا الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و64 عاما من 534 مليون إلى 1.3 مليار بين 2015-2050، إلا أنه وفي خلال نفس الفترة وفي غياب المهاجرين، سينخفض عدد سكان أوروبا الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و64 عاما بأكثر من 100 مليون.
ويرجع تشارلز كيني، مؤلف هذا التقرير والخبير الاقتصادي الأميركي في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" أسباب هذا النقص إلى عدة عوامل.
ويقول في هذا الشأن، "إن الأزمة ناتجة عن أمرين أساسيين: أولا، تمتع الأوروبيين بصحة جيدة، مما يعني أمد حياة أطول ومزيدا من المتقاعدين. ثانيًا، انخفاض معدل الولادات، يدل على عدد أقل من العمال المستقبليين".
وعن تأثير هذين العاملين على الاقتصاد الأوروبي يوضح الخبير الاقتصادي، "يستخدم المتقاعدون المزيد من خدمات الرعاية الصحية بالإضافة إلى تلقيهم معاشات التقاعد، مما يزيد الإنفاق الحكومي. لكنهم في المقابل لا يعملون أو يدفعون نفس القدر من الضرائب التي يدفعها السكان النشيطون، لذا فهم يقللون من عائدات الحكومة ويبطئون النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى أن احتمال تأسيس كبار السن لشركات جديدة أو القيام بابتكارات أو إجراء أبحاث رائدة ضئيل جدا".
ويرى مؤلف التقرير أن السياسات الأوروبية الرامية إلى زيادة معدلات المواليد كان لها "تأثير ضئيل للغاية"، ورفع سن التقاعد "لا يحظى بشعبية"، ولا يوجد دليل على أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي يقللان الطلب الإجمالي على الوظائف في بلد ما، ورغم فرض مبدأ تكافؤ الفرص وتشجيع النساء على العمل "يبقى غير كاف". لذا الحل الواضح لتجنب آثار شيخوخة السكان هو "اللجوء إلى الهجرة" لسد الفجوة.
الحل في القارة الجارة
وفي هذا الجانب يؤكد تشارلز كيني أن "قرب القارة الجغرافي وإتقان سكانها للغتين الإنجليزية والفرنسية وتمتعها بفئة عمرية فتية-إذ في عام 2019، كان متوسط العمر هناك 19 عاما وفقا لأرقام الأمم المتحدة- وكفاح شباب القارة للعثور على وظيفة، كلها أسباب تجعلها "الشريك الواضح الذي يجب أن تتعاون معه أوروبا".
إلا أن التقرير يحذر من مغبة المواقف السياسية السلبية اتجاه المهاجرين، إذ يشير إلى أن 4 بالمئة فقط من القوى العاملة في إفريقيا ستهاجر إلى البلدان ذات الدخل المرتفع للعمل بحلول عام 2050، وسيأتي واحد فقط من كل أربعة مهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة من إفريقيا.
لذا يقول تشارلز كيني من مركز التنمية العالمي: "أعتقد أنه من الضروري التفكير في المهاجرين كأشخاص، وليس مجرد مورد. فالوفيات المأساوية في البحر الأبيض المتوسط، هي جزئيًا نتيجة تحول البشر إلى أرقام فقط في إحصاءات اللاجئين".
كما يوصي مركز التنمية العالمي بفتح الجامعات لمزيد من الطلاب الأجانب، وتطوير شراكات تدريبية للمهاجرين المحتملين، أو حتى قبول عدد أكبر من اللاجئين وإنشاء شبكات تجذب المزيد من المهاجرين لاحقا.
ويختم مؤلف التقرير حديثه بأنه "على السياسيين الأوروبيين التوقف عن استخدام المهاجرين كأكبش فداء أو نفوذ سياسي، والبدء في الاعتراف بأن الأوروبيين يحتاجون إلى الأفارقة بقدر ما افترضوا دائما أن الأفارقة بحاجة إليهم".