في نهاية العام الماضي، عام الكورونا الاسود المميت ، بدأت بشائر شعبية عالمية ملموسة ، تمثلت في تخلص الولايات المتحدة الامريكية ، قائدة العالم ، من أرعنها وأزعرها الملياردير دونالد ترامب الذي أساء لها في اربع سنوات اكثر مما اساءت لنفسها في مئة عام ، فتخلصت منه على نحو فاضح وكأنها تتخلص من قاذورات علقت بها
بعد الانتخابات الامريكية ، جاءت الانتخابات الفنزويلية ، التي لم يترك الارعن الامريكي طريقة للتخلص من زعيمها نيكولاي مادورو الا واتبعها ، ففاز حزبه بالاغلبية البرلمانية الساحقة.
قبل الانتخابات الامريكية بشهر فاز حزب الرئيس الاسبق ايفو موراليس ، الذي كان الارعن الامريكي قد نظم انقلابا عسكريا ضده وتم ابعاده الى الارجنتين ، و عاد موراليس عالي الجبين بالدرجة ذاتها الذي غادر فيها الارعن ذليلا ومطأطئا.
في شهر آذار الماضي ، تخلص الجمهور الاسرائيلي من أرعنه المحتال بنيامين نتنياهو بعد أن حكم أكثر من اي حاكم سبقه ، دون أن يتمكن من ان يصبح تاريخيا ، ليقرن بالاكثر شأنا كديفيد بن غوريون او الاقل شأنا كبيغن الذي صنع “السلام” مع السادات ، وقدم استقالته بعد مجازر صبرا وشاتيلا.
في شهر أيار اعيد انتخاب الرئيس السوري بشار الاسد ، الرئيس الاكثر محاربة وتآمرا عليه في العالم ، وذلك من خلال الحرب العشرية الارهابية التي شنت عليه من نحو ثمانين دولة ، حرب ضروس متعددة الرؤوس ، طالت الاحياء والابرياء والاثار والاقتصاد والافكار والاخلاق وحتى الأموات في قبورهم ، ومن ضمنهم الشاعر العظيم ابو العلاء المعري.
وقبل أيام فاز في ايران ابراهيم رئيسي ، القادم من الاحياء الشعبية والثورة على الظلم ، حامل شهادة الدكتوراة ، لا يعرف في الحق لومة لائم ؛ إذا اردت محاربة الظلم عليك ان تحارب الفساد ، البيت الآمن للظلم ، لا يمكنك الوصول الى الحق بدون محاربة الباطل ، الحق بحد ذاته يحتاج الى القوة التي لولاها لم يتم دحر باطل داعش في سوريا والعراق . اسرائيل هي البيت الآمن للشر المطلق.
الاسد المنتصر في الحرب قال عن آراء الغربيين وأذنابهم في الانتخابات السورية ان آراءهم تساوي صفراً ، لكن قيمتهم تساوي عشرة أصفار ، ذلك لأنه حقق فوزا داخليا في انتخابات عربية يتيمة ، كدنا في فلسطين ان نجريها في ايار المنصرم ، فحسمنا عدم شذوذنا عن قواعد “عروبتنا” المضروبة في رأسها لصالح بطنها وفرجها ، فجاءت “سيف القدس” لتعلن فوز “الضيف” بما يزيد على 90% من الشعبية.
في حزيران الجاري ينتظر المرشح اليساري بيدرو كاسيو اعلان فوزه في انتخابات البيرو، لكن الابلغ والاجمل انتخاب “ضيف آخر” دانيال جادو الحذوة من اصول فلسطينية لرئاسة تشيلي والذي لم ينف انتماءه السابق للجبهة الشعبية.
وصف أحدهم منتقدي الانتخابات السورية والايرانية بأنهم في اوطانهم لا يميزون بين صندوق الانتخابات وبين صندوق التفاح، ما قاله يوما نزار قباني شعرا : “يتهكمون على النبيذ معتقا / وهم على سطح النبيذ ذبابُ . في عصر زيت الكاز يطلب شاعر ثوبا / وترفل بالحرير قحابُ”.