لا يمتلك نتنياهو أي حلّ

نتنياهو
حجم الخط

أمس، كان يوما عاديا آخر في الثورة الفلسطينية. يوم مأساوي آخر في الطريق الى واقع الدولة الواحدة، ثنائية القومية، لليهود الاسرائيليين والعرب الفلسطينيين، الذين يحتكون الواحد بالآخر والواحد الى جانب الآخر. يدهسون، يطعنون، يطلقون النار وتطلق عليهم النار. الجندي زيف مزراحي الذي قتل أمس، هو الضحية الـ 23 (بمن فيهم المواطن الارتيري) منذ بدأت الثورة الفلسطينية قبل نحو شهرين. وحسب معطيات نجمة داود الحمراء، فقد اصيب 200 اسرائيلي. وحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية، قتل 90 فلسطينيا واصيب نحو 500. لقد وقعت عمليات، امس، عندما كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتجول في "غوش عتصيون"، حيث قتلت أول امس، هدار بوخارس. لقد اصبح مفترق الـ"غوش" احد المغناطيسات للارهاب الفلسطيني. ولكن عمليا، يفيد تحليل احداث الارهاب بان ليست له حدود او تفضيلات. فهو يقع في الضفة الغربية والقدس. ضرب في تل أبيب، في "كريات جات"، في بئر السبع وفي معبر الحدود في غلبوع. باختصار، كل البلاد جبهة. ليس للارهابيين مزايا او صورة جماعية يمكنها أن تشير الى الميل. فمنفذو العمليات هم في الغالب شباب او شابات، وفي بعض الحالات حتى أطفال ابناء 12. ولكن كان ايضا منفذون في سنوات العشرين والثلاثين من اعمارهم، ولهم عائلات (مثل منفذ العملية في بيت بانوراما في تل أبيب). معظمهم ماكثون غير قانونيين، ولكن كانت ايضا حالة واحدة (مرة اخرى الحالة في بيت بانوراما) والتي كان فيها للمخرب تصريح عمل. ليس لمعظمهم خلفية أمنية أو انتماء تنظيمي – باستثناء بعض الحالات التي كان فيها المنفذون نشطاء او يتماثلون مع "حماس" او "الجهاد الاسلامي". بعضهم ابناء عائلات كان ابناؤها او اقرباؤها قتلوا، اصيبوا أو سجنوا لدى اسرائيل. يشير تحليل الاحداث مع ذلك الى ميزة واحدة بارزة: هذا ارهاب منفذين، ليسوا جزءا من خلية ارهابية، ولا توجد خلفهم قيادة. هم يعملون حسب دافع عاطفي أو بعد تفكير – برأيهم المستقل. في هذه الظروف نجد أن المخابرات – التي تنجح في الغالب، آجلا أم عاجلا في التسلل والكشف عن خلايا الارهاب واعتقال المنفذين – تفقد الوسيلة. يمكن للمخابرات ان تجند عملاء في المنظمات الفلسطينية وتعرف قدرته ونواياها، ولكنها لا يمكنها ان تتسلل الى رأس من يقرر أو تقرر في لجنة الخروج الى عملية ارهابية. كما ان ليس للجيش الاسرائيلي حلول لكيفية صد موجة الارهاب. بمعنى ان للجيش الاسرائيلي خططا وفيرة. يمكنه أن يفرض حظر تجول واغلاقا، ان يمنع الفلسطينيين من العمل في اسرائيل، وان ينغص حياة السكان، ولكن هذه وسائل يعرف قادة الجيش، ولاسيما مديرية التنسيق مع الفلسطينيين (الادارة المدنية) بانها تشكل سهما مرتدا وستلحق ضررا أكبر من النفع. وعليه، فان الجميع يحاولون الحفاظ على روتين الارهاب. السلطة الفلسطينية، التي لا تأسف لما يحصل، لا تشجع ولكنها لا تمنع ايضا. اجهزة الامن فيها تواصل التنسيق مع المخابرات والجيش الاسرائيليين، ولكن مع انعدام رغبة واضح، وكأنهم تملكهم الشيطان. حكومة اسرائيل تواصل السماح لاكثر من مئة الف فلسطيني العمل في اسرائيل وتواصل تشجيع مبادرات اقتصادية (جيل ثالث لشركات الخلوي الفلسطينية)، ولكن هذا روتين الرمال المتحركة. كل شيء يمكن أن يتغير في دقائق. عملية واحدة مع اصابات كثيرة أو رد اسرائيلي يخرج عن نطاق السيطرة. كل شيء محدود الضمان. لقد خرج نتنياهو، أمس، الى جولة في مفترق "غوش عتصيون" كي يظهر، كعادته، بانه رئيس وزراء نشط يحرص على مواطنيه. ولكن الحقيقة هي أن ليس لدى نتنياهو، ولا لدى وزير الدفاع ولا لدى حكومة اسرائيل حل للوضع. وهم يشبهون من يركب ظهر نمر نعس، لم يندفع بعد بكامل سرعته. اليوم، يصل الى اسرائيل وزير الخارجية الأميركي جون كيري. فرصه في تحريك مسيرة سياسية هزيلة أكثر من امكانية أن تقرر ادارة اوباما ارسال قوات للقتال على الارض ضد "داعش". نتنياهو يريد مفاوضات ولكنه غير مستعد لأن يدفع الثمن لقاء اتفاق حقيقي. ابو مازن لا يريد المفاوضات التي من ناحيته هي مجرد محاولة اسرائيلية لجر الارجل وكسب الوقت. في واقع مميت كهذا، ليس لدى الشعبين حتى ولا بارقة امل لمستقبل افضل او حتى لوعد الا يكون الوضع اسوأ بكثير.

عن "معاريف" -